منذ طرحه للاستخدام المجاني في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ، لفت روبوت "الدردشة" أو الـ"chatbot" الجديد الذي أطلق عليه اسم "شات جي بي تي"( ChatGPT) انتباه عشاق

التكنولوجيا في شتى أنحاء العالم ، وبلغ عدد مستخدميه أكثر من مليوني مستخدم منذ ذلك الحين، ووصفته بعض وسائل الإعلام بأنه أفضل ما طرح من نوعه على الإطلاق

وعكف الكثير من المستخدمين على طرح أسئلة على ذلك البرنامج الآلي وأخذ لقطات شاشة لبعض الإجابات التي يعطيها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي - للإعراب عن إعجابهم تارة، أو خيبة أملهم واستغرابهم تارة أخرى

وتقنية تشات جي بي تي طورتها شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي "أوبن أيه آي" (OpenAI) بمدينة سان فرانسيسكو. الشركة يديرها سام أولتمان، ومن بين داعميها شركة مايكروسوفت وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك. وتشات جي بي تي عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب على ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين. كما يسمح للمستخدم بتصحيحه إذا ما أخطأ، ويعتذر عن تلك الأخطاء

وقد دربت الشركة ذلك النموذج باستخدام كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر العامة، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، بحيث يستطيع أن ينتج نصوصا أشبه بالنصوص البشرية من خلال تعلم خوارزميات تقوم بتحليل عدد هائل من البيانات، ويعمل بصورة تشبه الدماغ البشري

ورغم أن فكرة التشات بوت أو روبوت الدردشة ليست بالجديدة، فإن ما يميز تشات جي بي تي عن غيره هو قدرته الفائقة والفورية على شرح مفاهيم معقدة بكلمات بسيطة، وبإنتاج محتوى من الألف إلى الياء بدون الاقتباس المباشر من مصادر أخرى - يجب الإشارة هنا إلى أنه غير متصل بشبكة الإنترنت، وإن كان قد تم تغذيته ببيانات متاحة عليها

واستخدامات تشات جي بي تي عديدة ومرنة، وتشمل الكثير والكثير من المجالات - من شرح مفاهيم علمية معقدة إلى كتابة أكواد(رموز رقمية) تستخدم في البرمجة، إلى كتابة مقالات وقصائد وقصص جديدة بأي أسلوب تتخيله، وتأليف نكات عن أي موضوع تحدده له

ولا عجب أنه في غضون خمسة أيام فقط من طرحه، وصل عدد مستخدميه مليون مستخدم - قارن ذلك بالفترة التي استغرقها فيسبوك على سبيل المثال للوصول إلى نفس العدد من المتابعين (10 شهور)، ونتفليكس (3 سنوات)

لكن بعض المستخدمين أشاروا أيضا إلى أن المعلومات التي يذكرها تشات جي بي تي في إجاباته خاطئة أو تفتقر إلى الدقة في بعض الأحيان

وهذه مشكلة تعترف بها أوبن أيه آي الشركة المنتجة لتشات جي بي تي، إذ نبهت المستخدمين إلى أنه أحيانا قد يعطي إجابات خاطئة أو "تعليمات ضارة أو محتوى متحيز"، كما أنه قد يعطي "إجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة أو محض هراء"

تجدر الإشارة أيضا إلى أن معلومات تشات جي بي تي عن العالم ما بعد عام 2021 محدودة، إذ تم تغذيته بالبيانات حتى ذلك العام فقط

كما تحدث الكثير من المتحمسين لروبوت الدردشة عن أنه ينذر بنهاية غوغل، إذ إنه يجعل المستخدم يشعر وكأنه يتحدث إلى خبير في الموضوع الذي يُسأل عنه، كما أنه يغنيه عن غربلة العديد والعديد من الصفحات والمواقع حتى يجد ضالته على محرك البحث الشهير

في المقابل، هناك من يرى أن غوغل سيحتفظ بموقعه المهم في مجال البحث والمعلومات، حيث إنه يعطي المستخدم قائمة من المواقع التي قد تفيده في بحثه، ويجعله يقرر بنفسه استخدام النتيجة التي تناسبه والتأكد من صحتها وتفادي المعلومات المضللة

لكن يبدو أن شركة غوغل نفسها تستشعر الخطر، إذ صرح أحد مسؤوليها التنفيذيين لصحيفة ذا تايمز مؤخرا بأن تشات جي بي تي قد يشكل تهديدا على عمل محرك بحثها الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات الإعلانات والتجارة الإلكترونية، وتحدث العديد من وسائل الإعلام الأخرى عن قيام الشركة بما وصفته بـ"دق ناقوس الخطر" بعد الشعبية التي حظي بها تشات جي بي تي

فمن الواضح أنه سيؤثر في المستقبل على العاملين في مجال المعلومات بوجه خاص، كلما ازداد تطورا وعم استخدامه

وقد كتبت مجلة فوربز مؤخرا أن أبحاثا أجرتها مصادر وصفتها بالموثوق بها تتنبأ بأن الذكاء الاصطناعي قد يستحوذ على وظائف حوالي مليار شخص على مستوى العالم خلال السنوات العشر المقبلة ويؤدي إلى انتفاء الحاجة إلى نحو 375 مليون وظيفة. وبدون إعادة التدريب والتأهيل للعمل في مجالات أخرى، سوف يجد الأشخاص العاديون صعوبة بالغة في الحصول على عمل. بل وسيزداد ذلك الأمر صعوبة في البلدان التي شرعت في التحول بعيدا عن مجالات تقليدية كالزراعة والتصنيع

كما أن إيلون ماسك، وهو من بين من دعموا واستثمروا في أوبن أيه آي، وصف تشات جي بي تي في تغريدة على تويتر بأنه "جيد بشكل مخيف. لسنا بعيدين عن ذكاء اصطناعي قوي بشكل خطير"

من الصعب تخيل المدى الذي قد تصل إليه هذه التقنية المذهلة. استكشاف قدرات تلك الأداة المبتكرة الذكية في الوقت الحالي بالتأكيد أمر ممتع ومفيد، ولكن من المهم كذلك التفكير في الآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي، لا سيما على حياة الأفراد وقوتهم

الأكثر مشاهدة

Who's Online

353 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل