- المجموعة: الشعر
- كتب بواسطة: Super User
كتب |أحمد جميل
22- يناير- 2023
القاهرة
الشاعر ابو العلاء المعري ظهر و لمع اسمه في العصر العباسي..
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري. شاعر وفيلسوف. ولد ومات في معرة النعمان. كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمى في السنة الرابعة من عمره. وقال الشعر وهو ابن
إحدى عشرة سنة. ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر. وهو من بيت علم كبير في بلده. ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه. وكان يلعب بالشطرنج والنرد. وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم. وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة. وكان يلبس خشن الثياب. أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم - ط) ويعرف باللزوميات، و (سقط الزند - ط) و (ضوء السقط - خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربى على مئة جزء. وله (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مئة كراس، و (عبث الوليد - ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و (رسالة الملائكة - ط) صغيرة، وهي مقدمتها، ثم نشر المجمع العلمي الرسالة كاملة، و (اختيارات الأشعار، في الأبواب- خ) في أياصوفية و (شرح ديوان المتنبي - خ) جزآن، تم نسخهما سنة 1059 هـ، في خزانة الشيخ محمد طاهر بن عاشور، بتونس. و (رسالة الغفران - ط) من أشهر كتبه، و (ملقى السبيل - ط) رسالة، و (مجموع رسائله - ط) و (خطبة الفصيح) ضمنها كل ما حواه فصيح ثعلب، و (الرسائل الإغريقية - خ) و (الرسالة المنبجية - خ) و (الفصول والغايات - ط) الجزء الأول منه و (اللامع العزيزي- خ) في مخطوطات جامعة الرياض، وهو شرح لديوان المتنبي، ألفه لعزيز الدولة فاتك بن عبد الله (240 ورقة) ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته، منها ليوسف البديعي (أوج التحري عن حيثية أبي العلاء المعري - ط) ولكمال الدين ابن العديم (الإنصاف والتحري، في دفع الظلم والتجري، عن أبي العلاء المعري - ط) ولعبد العزيز الميمني (أبو العلاء وما إليه - ط) ولزكي المحاسني (أبو العلاء المعري ناقد المجتمع - ط) ولسامي الكيالي (أبو العلاء المعري - ط) ولطه حسين (ذكرى أبي العلاء - ط) و (مع أبي العلاء في سجنه - ط) ولأحمد تيمور (أبو العلاء المعري، نسبه وأخباره وشعره - ط) رسالة، ولعباس محمود العقاد (رجعة أبي العلاء - ط) ولوزارة المعارف أشهر رسائل أبي العلاء الأدبية في عصره، عدها ابن العديم فيما وقفه ابن عمار صاحب طرابلس سنة 472هـ على دار العلم بطرابلس. وأثبتها ابن خير الإشبيلي في مروياته، وذكرها ياقوت فيما سلم إلى وقته من الضياع من آثار أبي العلاء، وعدها القفطي فيما رآه بعينه من كتب أبي العلاء التي سلمت من حملات الكفار، وعارضها الوزير الكلاعي في كتاب سماه: (الساجعة والغربيب) وذكرها الذهبي في التاريخ، والصفدي في الوافي، والمقري في نفح الطيب، ثم طويت في غيابة الزمن فلم نعد نسمع لها ذكراً منذ أواسط القرن 11 الهجري. ولا نعرف لها أثراً غير النسختين المحتفظ بهما في خزانة الرباط، كتبت الأولى منهما لخزانة أبي زكريا الحفصي سنة 638هـ، والثانية: حضرمية الأصل، كتبت سنة 697هـ ألف أبو العلاء رسالته هذه لعزيز الدولة أبي شجاع: عامل الفاطميين على حلب، بطلب من أبناء أخيه يلتمسون منه التوسط لدى عزيز الدولة في أن يضع عنهم ما فرضه الجباة، وذلك أثناء جفلة أهل حلب من طاغية الروم باسيل عام 411هـ، وفرغ منها سنة 412هـ كما أفادت د. عائشة عبد الرحمن. والصاهل والشاحج، أي: الفرس والبغل. وقد وضع أبو العلاء كتابه هذا على لسان فرس وبغل، وصور فيه جفلة أهل حلب من باسيل طاغية الروم، وضمنه عرضاً حافلاً ومثيراً لأحوال المجتمع وأوضاعه وطبقاته حين تسقط عنها أقنعتها من الخوف.
قصيدة
أرى العَنْقاءَ تَكْبُرُ أن تُصادا
فعانِدْ مَنْ تُطيقُ لهُ عِنادا
وما نَهْنَهَتُ عن طَلَبٍ ولكِنْ
هيَ الأيّامُ لا تُعْطي قِيادا
فلا تَلُمِ السّوابِقَ والمَطايا
إذا غَرَضٌ من الأغراضِ حادا
لعَلّكَ أنْ تَشُنّ بها مَغاراً
فتُنْجِحَ أو تُجَشّمَها طِرادا
مُقارِعَةً أحِجّتَها العَوالي
مُجَنّبَةً نَواظِرَها الرّقادا
نَلومُ على تَبلّدِها قُلوباً
تُكابِدُ من مَعيشَتِها جِهادا
إذا ما النّارُ لم تُطْعَمْ ضِراماً
فأوْشِكْ أنْ تَمُرَّ بها رَمادا
فظُنّ بسائِرِ الإخْوانِ شَرّاً
ولا تأمَنْ على سِرٍّ فُؤادا
فلو خَبَرَتْهُمُ الجَوزاءُ خُبْري
لَما طَلَعَتْ مَخافَةَ أن تُكادا
تَجَنّبْتُ الأنامَ فلا أُواخي
وزِدْتُ عن العدُوّ فما أُعادى
ولمّا أنْ تَجَهّمَني مُرادي
جَرَيْتُ معَ الزّمانِ كما أرادا
وهَوَّنْتُ الخُطوبَ عليّ حتى
كأني صِرتُ أمْنحُها الوِدادا
أَأُنْكِرُها ومَنْبِتُها فؤادي
وكيفَ تُناكِرُ الأرضُ القَتادا
فأيّ النّاسِ أجْعَلُهُ صَديقا
وأيّ الأرضِ أسْلُكُهُ ارْتِيادا
ولو أنّ النّجومَ لديّ مالٌ
نَفَتْ كَفّايَ أكْثرَها انْتِقادا
كأني في لِسانِ الدهْرِ لَفْظٌ
تَضَمّنَ منه أغْراضاً بِعادا
يُكَرّرُني ليَفَهَمَني رِجالٌ
كما كَرّرْتَ مَعْنىً مُسْتَعادا
ولو أنّي حُبِيتُ الخُلْدَ فَرْداً
لمَا أحبَبْتُ بالخُلْدِ انفِرادا
فلا هَطَلَتْ عَلَيّ ولا بأرْضي
سَحائبُ ليسَ تنْتَظِمُ البِلادا
وكم مِن طالِبٍ أمَدي سيَلْقى
دُوَيْنَ مَكانيَ السبْعَ الشّدادا
يُؤجِّجُ في شُعاعِ الشمسِ ناراً
ويَقْدَحُ في تَلَهّبِها زِنادا
ويَطْعَنُ في عُلايَ وإنّ شِسْعي
لَيَأنَفُ أن يكونَ له نِجادا
ويُظْهِرُ لي مَوَدّتَهُ مَقالا
ويُبْغِضُني ضَميراً واعْتِقادا
فلا وأبيكَ ما أخْشَى انتِقاضاً
ولا وأبيكَ ما أرْجو ازْديادا
ليَ الشّرَفُ الّذي يَطَأُ الثُريّا
معَ الفَضْلِ الذي بَهَرَ العِبادا
وكم عَيْنٍ تُؤَمّلُ أن تَراني
وتَفْقِدُ عندَ رؤيَتِيَ السّوادا
ولو مَلأ السُّهى عَيْنَيْهِ مِنّي
أَبَرَّ على مَدَى زُحَلٍ وزادا
أفُلّ نَوائبَ الأيامِ وحْدي
إذا جَمَعَتْ كَتائِبَها احْتِشادا
وقدْ أَثْبَتُّ رِجْلي في رِكابٍ
جَعَلْتُ من الزَّماعِ له بَدَادا
إذا أوْطَأتُها قَدَمَيْ سُهَيْلٍ
فلا سُقِيَتْ خُناصِرَةُ العِهادا
كأنّ ظِماءَهُنّ بناتُ نَعْشٍ
يَرِدْنَ إذا وَرَدنا بِنا الثِّمادا
ستَعْجَبُ من تَغَشْمُرِها لَيالٍ
تُبارِينا كواكبُها سُهادا
كأنّ فِجاجَها فَقَدَتْ حَبيباً
فصَيّرَتِ الظّلامَ لها حِدادا
وقد كتَبَ الضّريبُ بها سُطوراً
فخِلْتَ الأرضَ لابِسَةً بِجادا
كأنّ الزِّبْرِقانَ بها أسيرٌ
تُجُنِّبَ لا يُفَكُّ ولا يُفادى
وبعضُ الظاعِنينَ كقَرْنِ شَمْسٍ
يَغيبُ فإنْ أضاء الفَجْرُ عادا
ولكِنّي الشّبابُ إذا تَوَلّى
فجَهْلٌ أنْ تَرومَ له ارْتِدادا
وأحْسَبُ أنّ قَلْبي لو عَصاني
فَعاوَدَ ما وَجَدْتُ له افْتِقادا
تذكَّرْتُ البِداوَةَ في أُناسٍ
تَخالُ رَبيعَهُمْ سَنَةً جَمادا
يَصيدونَ الفَوَارِسَ كلَّ يومٍ
كما تَتَصَيّدُ الأُسْدُ النِّقادا
طلَعْتُ عليهِمْ واليوْمُ طِفْلٌ
كأنّ على مَشارِقِهِ جِسادا
إذا نَزَلَ الضّيوفُ ولم يُريحُوا
كرامَ سَوامِهمْ عَقَروا الجِيادا
بُناةُ الشِّعْرِ ما أكْفَوْا رَوِيّاً
ولا عَرَفوا الإجازَةَ والسِّنادا
عَهِدْتُ لأحْسَنِ الحَيّيْنِ وَجْهاً
وأوْهَبِهِمْ طريفاً أو تِلادا
وأطْوَلِهِمْ إذا ركِبوا قَناةً
وأرْفَعِهِمْ إذا نزَلوا عِمادا
فتىً يَهَبُ اللُّجَيْنَ المَحضَ جوداً
ويَدَّخِرُ الحديدَ له عَتادا
ويَلْبَسُ من جُلودِ عِداهُ سِبْتاً
ويَرْفَعُ من رُؤوسِهِمُ النِّضَادا
أبَنَّ الغَزْوَ مُكْتَهِلاً وبَدْرا
وعُوّدَ أنْ يَسودَ ولا يُسادا
جَهولٌ بالمَناسِكِ ليس يَدري
أغَيّاً باتَ يَفْعَلُ أم رَشادا
طَموحُ السّيفِ لا يخْشَى إلهاً
ولا يَرجو القِيامَةَ والمَعادا
ويَغْبِقُ أهْلَهُ لبَنَ الصّفايا
ويَمْنَحُ قَوْتَ مُهْجَتِهِ الجَوادا
يَذودُ سَخاؤُهَ الأذْوادَ عنه
ويُحْسِنُ عن حرائِبِهِ الذِّيادا
يَرُدّ بتُرْسِهِ النّكْباءَ عنّي
ويجْعَلُ دِرْعَهُ تحْتي مِهادا
فبِتُّ وإنّما ألْقَى خَيَالاً
كمَنْ يَلْقَى الأسِنّةَ والصِّعادا
وأطْلَسَ مُخْلِقِ السِّرْبالِ يَبْغي
نَوافِلَنا صَلاحاً أو فَسادا
كأنّي إذْ نَبَذْتُ له عِصاماً
وَهَبْتُ له المَطِيّةَ والمَزَادا
وبَالي الجِسْمِ كالذّكَرِ اليَماني
أفُلّ به اليَمانِيَةَ الحِدادا
طَرَحْتُ له الوَضِينَ فخِلْتُ أني
طرَحْتُ له الحَشِيّةَ والوِسادا
وَلي نَفْسٌ تَحُلّ بيَ الرّوابي
وتأبَى أنْ تَحُلّ بيَ الوِهادا
تَمُدّ لتَقْبِضَ القَمَرَينِ كَفّا
وتَحْمِلُ كيْ تَبُذّ النجْمَ زادا