بوقوعه فريسة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية واستغلال البشر المفرط على ضفتيه، ثاني أطول أنهار العالم في خطر. فنهر النيل البالغ طوله 6600 كيلومتر، بات عرضة للجفاف. ومصر، التي تستضيف قمة المناخ العالمية "كوب 27" في شرم الشيخ، تجد نفسها اليوم في مواجهة نقص خطير في المياه

ففي خمسين عاما فقط شهد معدل تدفق مياه النهر نقصا ملحوظا من ثلاثة آلاف متر مكعب/ثانية إلى 2830 مترا مكعبا/ثانية، أي أقل مئة مرة من معدل تدفق مياه نهر الأمازون. ولكن ذلك يعد مجرد البداية؛ ففي مواجهة انخفاض هطول الأمطار وتكاثر حالات الجفاف المعلنة في شرق أفريقيا، يمكن أن تنخفض كمية المياه المتاحة للفرد بنسبة 70 بالمئة بحلول عام 2100 وذلك وفقا لأسوأ توقعات الأمم المتحدة

وهي ظاهرة وخيمة العواقب بلا شك بالنسبة لملايين السكان الأفارقة الذين يضمن النهر بقاءهم على قيد الحياة. ويجتاح القلق البلدان العشر التي يجري بها هذا النهر الكبير - تنزانيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وأوغندا وكينيا وجنوب السودان والسودان وإثيوبيا ومصر- فالجميع يخشى تقلص الرقعة الزراعية وفقدان المحاصيل وتوقف توليد الكهرباء

ووفقا لدراسة أجراها ستة باحثين من جامعات أمريكية وبريطانية في عام 2020 بناء على معطيات تاريخية وجيولوجية في المئة ألف سنة الأخيرة، فإنه من الممكن لبحيرة فيكتوريا أن تختفي من الوجود في غضون خمسمئة عام

علما أن حوض نهر النيل يغطي 10 بالمئة من مساحة أفريقيا ويشكل موردا أساسيا لنحو 500 مليون شخص يعيشون على ضفافه. وهي حقيقة تجعل من تراجع فيضان النيل بسبب الاحتباس الحراري أمرا مقلقا

وبالتالي فإن تراجع فيضان النيل لن يؤدي إلا إلى تفاقم وضع الملايين من الناس الذين يعتمدون على تدفق مياهه والذين ليس لديهم بالفعل ما يكفي منها اليوم. علاوة على ذلك، فإنه من المحتمل أن يعاني الكثير من الأشخاص بمرور الوقت من ارتفاع معدلات الملوحة في أراضي الدلتا شمال مصر

وتعد دلتا النيل الواقعة شمال مصر ثالث أكثر الأماكن هشاشة على وجه الأرض في مواجهة الاحتباس الحراري. مع ازدياد ضعف تدفقها، لم تعد مياه النهر قادرة على دفع مياه البحر الأبيض المتوسط، الذي يواصل مستواه بالارتفاع (نحو 15 سنتيمترا في القرن العشرين)

ومنذ عام 1960، تلتهم مياه البحر الأزرق الكبير ما بين 35 و75 مترا سنويا من أراضي الدلتا. ويكفي أن يرتفع مستوى البحر بمقدار متر واحد فقط ليكون قادرا على ابتلاع 34 بالمئة من مساحة هذه المنطقة ومجبرا 9 ملايين شخص على النزوح من ديارهم

في نهاية المطاف، يمكن لمياه البحر الأبيض المتوسط أن تلتهم نحو مئة ألف هكتار من الأراضي الزراعية في الدلتا، التي تقع على ارتفاع أقل من عشرة أمتار فوق مستوى سطح البحر، أي ما يعادل تقريبا مساحة جزيرة لا ريونيون الفرنسية وذلك حسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وهي كارثة ستضرب منطقة شمال مصر التي يأتي منها نحو 30 بالمئة إلى 40 بالمئة من الإنتاج الزراعي الوطني

يوفر أيضا نهر النيل الطاقة الكهربائية لسكان الدول العشر التي يعبرها. فالسودان، على سبيل المثال، يحصل على أكثر من نصف احتياجاته من الكهرباء من الطاقة الكهرومائية. بينما في أوغندا تمثل تلك النسبة نحو 80 بالمئة

وتفتخر أديس أبابا بالفعل بأن لديها أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا. لكن بالنسبة للقاهرة، فإن ذلك يعد مصدر توتر ناجم عن عدم احترام اتفاق أبرم في عام 1959 مع الخرطوم، بدون إثيوبيا، يمنح 66 بالمئة من التدفق السنوي لنهر النيل إلى مصر و22 بالمئة إلى السودان

اليوم، تخشى مصر حدوث انخفاض حاد في تدفق نهر النيل إليها إذا تم ملء سد النهضة بسرعة كبيرة. لكن ذلك الموضوع يثير الكثير من الجدل داخل المجتمع العلمي نفسه: فالباحثون يتهمون بعضهم بعضا بالمبالغة في خسائر المياه الواصلة لمصر لتبرير التدخل بالقوة في إثيوبيا، بينما يتهم البعض الآخر بتقليل هذه الخسائر و"خيانة" بلادهم

يمثل ذلك مشكلة إضافية للسودان، الذي يكافح من أجل إدارة موارده المائية بسبب عدم وجود نظام تخزين أو إعادة تدوير لمياه الأمطار أو للمياه الزراعية. وبات الجوع يهدد بالفعل ثلث السكان هناك. مثل السودان، فإن بلدان وادي النيل الأخرى كلها تقع في ذيل تصنيف مؤشر "نوتردام العالمي" لتغير المناخ. فبالنسبة لكاليست تينديموغايا، من وزارة المياه والبيئة الأوغندية، "سيكون تأثير الاحترار هائلا". "إذا كانت لدينا أمطار نادرة، ولكنها جافة، فسوف نعاني من الفيضانات، وإذا كانت لدينا فترات طويلة بدون أمطار، فستكون لدينا موارد مائية أقل". تصمت المسؤولة هنيهة قبل أن تواصل قائلة: "لا يمكننا البقاء بدونها"

الأكثر مشاهدة

Who's Online

166 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل