-
نشر بتاريخ: 26 تشرين1/أكتوير 2023
تغيرت ملامح أطفال غزة كثيراً، وباتت وجوههم شاحبة أشبه بالمدينة التي يعيشون فيها، ونفسيتهم مدمرة تشبه بيوتهم التي نسفها الجيش الإسرائيلي، أما حالهم فأصبحت يرثى لها وتدمع العين، وبطونهم خاوية بالكاد يجدون قطرة ماء أو كسرة خبز
في غزة يخاف الأطفال كثيراً من الموت ويخشون القنابل التي تلقيها الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي قتلت نحو ألفيي طفل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن معدل الأطفال والرضع الذين سقطوا ضحايا في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة غير مسبوق في تاريخ العمليات العسكرية، وذلك يعود لاعتماد جيش تل أبيب على سياسة تدمير المباني والتجمعات السكنية قبل تحذير الأفراد فيها
ويقول مدير مكتب المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية أنس الجرجاوي إنه يقتل 120 طفلاً كل يوم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ويسقط كل 15 دقيقة ضحية من القاصرين
ويضيف "لاحظنا أن إسرائيل تركز ضرباتها الجوية بشكل مباشر ضد الأعيان المدنية في غزة، وهو ما يخلف دماراً مروعاً ويسبب سقوط ضحايا من الأطفال"، لافتاً إلى أن ذلك يعني عدم التمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية وهذا يخالف اتفاق جنيف الرابع
ويعزو سقوط عدد كبير من الأطفال إلى أن هذه الفئة تشكل نحو نصف عدد السكان البالغ تعدادهم 2.3 مليون نسمة، إذ تضم الأسرة الواحدة في غزة أكثر من خمسة أطفال في بنيتها المجتمعية
أما الصغار الذين ما زالوا على قيد الحياة فإنهم حزينين وخائفين وغاضبين ومكتئبين وقلوبهم مجروحة، ويعانون مستويات قياسية من الخوف والصدمات النفسية، وذلك وفقاً لما أوردته وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"
وينهش الجوع معدة الأطفال، إذ يتناول الصغار في غزة وجبة طعام واحدة فقط في اليوم، ويقول الطفل براء الذي نزح من شمال القطاع إلى جنوبه إنه يغمس الجبن والزعتر يومياً ولمرة واحدة ولا يجد طعاماً غير ذلك ليتناوله ولا خبزاً يكفي
تغير براء كثيراً ولم يعد يعير الألعاب أي انتباه ولا تشده كرة القدم، وكل ما يبحث عنه أو يفكر فيه هو البقاء على قيد الحياة من دون أن يتعرض لإصابة تسبب له جروحاً أو كسوراً أو بتراً لأحد أطرافه
وتقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أن ذلك صحيحاً، إذ يقول مدير عمليات "أونروا" في غزة توماس وايت "وضع الإمدادات الغذائية فظيع ومحدود جداً والغذاء للأطفال أصبح نادراً، بالكاد يحصل الصغار على وجبة وهذا لا يمد أجسادهم بالقيم الغذائية المطلوبة، لقد وصلت مستويات انعدام الغذاء عن القاصرين إلى 90 في المئة"
واختلفت مآسي الأطفال في قطاع غزة، لكن أبرز ما يرصده الأطباء النفسيون على ملامح الصغار هو تدمير صحتهم النفسية وتردي حالهم، بسبب الصدمات التي يواجهونها ويشاهدونها يومياً
وبحسب تقرير لـ"يونيسيف" فإن 91 في المئة من الأطفال أبلغوا عن اضطرابات في النوم أثناء النزاع، في حين بلغ 85 في المئة عن تغيرات في الشهية، وشعر 82 في المئة منهم بغضب شديد، بينما فقد 97 في المئة الأمان، وأصبحت لدى 47 في المئة من الصغار عادة قضم الأظافر بسبب الخوف والتوتر، وأبلغ 76 في المئة عن شعورهم الدائم بالمرض، ويشعر 80 في المئة باضطرابات عاطفية
وتؤكد "يونيسيف" أن مليون طفل في غزة يواجهون مصيراً مجهولاً، لا سيما المصابين نتيجة الغارات فأولئك يعانون حروقاً مروعة وجروحاً بالقذائف وبتراً للأطراف، وعلى رغم ذلك يحلمون أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة وأن يعيشوا بسلام وأن يتوفر لهم الطعام والشراب من دون معاناة
وأغرب ما لاحظه متخصص الصحة النفسية في غزة فضل أبو هين أن طفلة بعمر عامين تتحدث عن القصف مع كل انفجار، وتدرك أن ذلك خطراً، وتهرع من مكانها مع كل غارة، وتطلب من والدها إغلاق أذنيها في محاولة لتخفيف صوت الانفجارات، ويعقب الطبيب على ذلك "في علم النفس فإن الطفل دون الخامسة لا يدرك بشكل واع ما يدور حوله، لكن في هذه الحالة لاحظنا تطوراً في استيعاب الخوف عند الرضع وهذا مقلق وخطر"
الأكثر مشاهدة
Who's Online
96 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة