دولة إسرائيل تقوم على أساس ديني إيماني ، وكذلك إن أهم الأحزاب السياسية والدينية فيها تركيزعلى الإهتمامات الدينية ، ومما ينبغي التذكير به أن مناحيم بيغن بعد أن إعتزل السياسة

تحول إلى نبي يهودي – أي حبر من أحبارهم – وفسر بعض نصوص التوراة ، وأدخلت هذه التفسيرات في التلمود عندهم ، ومعلوم أن بيغن أصيب بحالة نفسية سيئة بعد معاهدة كامب ديفيد ، لأنه إعتقد أن ما قام به يخالف النبوءات التوراتية ، وذلك بوجوب التقدم إلى الأمام وليس التراجع ، هذا مع عظيم ما إستفادته إسرائيل من هذه المعاهدة المشؤومة ، ولكن مجرد التراجع ولو الجزئي يخالف ما يؤمن به اليهودي على وجوب فرار أعداءهم ويولوا الأدبار دائما كما تقول التوراة : ” تُنَطِّقُنِي قُوَّةً لِلْقِتَالِ ، وَتَصْرَعُ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ تَحْتِي ، وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ فَأُفْنِيهِمْ ، يَتَطَلَّعُونَ فَلَيْسَ مُخَلِّصٌ ، إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ ، فَأَسْحَقُهُمْ كَغُبَارِ الأَرْضِ مِثْلَ طِينِ الأَسْوَاقِ أَدُقُّهُمْ وَأَدُوسُهُمْ ، وَتُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي ، وَتَحْفَظُنِي رَأْسًا لِلأُمَمِ ، شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي ” 

وقد كان مناحيم بيغن يعتقد أن موشى دايان هو الملك المنتظر وكان مفتونا به ، ولكن سقط هذا الإعتقاد في دايان بعد هزيمة حرب السادس من أكتوبر سنة ثلاث وسبعون ، وللذكر فإن النص المتقدم من التوراة قامت مجموعات نصرانية سبتية وطوائف يهودية بتوزيعه في الغرب بعد حرب 1967م ، لتثبت صحة التوراة ولإثبات ربانية دولة إسرائيل ، وأنها من أبنيته التي يجب أن يدعمها المؤمنون بها ، ومن النبوءات التي ترتكز عليها الدولة اليهودية في إقامة الملك الكامل من النيل إلى الفرات هو وجوب الحركة خطوة خطوة وليس دفعة واحدة ، ففي سفر التثنية تقول التوراة ” وَلكِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْرُدُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكَ قَلِيلاً قَلِيلاً لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفْنِيَهُمْ سَرِيعًا ، لِئَلاَّ تَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ ” ، والدولة اليهودية تسير بإتجاه قوي إلى سيطرة الأصولية اليهودية هناك ، وذلك بعد انتخاب حزب الليكود بقيادة نتنياهو لرئاسة الحكومة ، وقد إستلم اليهود المتدينون أهم مراكز القوى في الدولة 

يمكن حصر فكر وعقيدة اليهود بالغيبيات باتجاهين اثنين: نهاية العالم والخلاص على يد المسيح المنتظر ، وإذا كان يوم الرب يوما منتظرا عند الشعب اليهودي ، حيث يحمل هذا اليوم النصر لشعب الله المختار على الأمم الأخرى حسب زعمهم ، فإن هذا اليوم مرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة تجديد العهد مع الرب ، أو فكرة (العهد الجديد) عندما تتجدد أمة الله لتصبح جديرة بالله ، وتصبح القدس (أورشليم) مدينة لا مثيل لها ، ويقيم فيها الرب على جبل صهيون ، ويتجمع المشردون من بني إسرائيل ، وتزول فيها الأحقاد ، بل يموت فيها الموت نفسه 

ولا يمكن لهذه الفكرة والعقيدة أن تتحقق بدون المسيح المخلص ، أو ما يسمى عند اليهود (بالماشيح) وهي كلمة عبرية تعني (المسيح المخلِّص) ، ومنها (مشيحيوت) أي (المشيحانية) ، وهي الاعتقاد بمجيء الماشيَّح ، والكلمة مشتقة من الكلمة العبرية (مشح) أي (مسح) بالزيت المقدَّس ، وقد كان اليهود على عادة الشعوب القديمة ، يمسحون رأس الملك والكاهن بالزيت قبل تنصيبهما ، علامة على المكانة الخاصة الجديدة ، وعلامة على أن الروح الإلهية أصبحت تحل وتسري فيهما 

وكعادة اليهود في التحريف و التبديل لكل ما جاءهم من أنبيائهم من عند الله تعالى ، فقد حرفوا كلام أنبيائهم الذين أخبروهم بمجيئ عيسى بن مريم وهو المسيح الحق ، كما أخبروهم بمجيئ المسيح الدجال في آخر الزمان ، فما كان منهم إلا أن اختاروا المسيح الدجال ، وكفروا بالمسيح عيسى بن مريم ، بل ووصفوه في تلمودهم أبشع الأوصاف وأشنع العبارات ، فقد جاء في تلمودهم بأنه موجود في لجات الجحيم بين الزفت والقطران والنار ، وأمه مريم أتت به من زناها بالعسكري يوسف باندارا – والعياذ بالله – وغير ذلك من الأوصاف التي ننزه عين القارئ عن قراءتها 

التعريف بالمسيح المنتظر عند اليهود

شخص مُرسَل من الإله يتمتع بقداسة خاصة ، إنسان سماوي وكائن معجز ، خلقه الإله قبل الدهور ، يبقى في السماء حتى تحين ساعة إرساله ، وهو يُسمَّى (ابن الإنسان) لأنه سيظهر في صورة الإنسان ، وإن كانت طبيعته تجمع بين الإله والإنسان ، فهو تَجسُّد الإله في التاريخ ، وهو نقطة الحلول الإلهي المكثف الكامل في إنسان فرد

المسيح المنتظر عند اليهود ملك من نسل داود ، سيأتي بعد ظهور النبي إليا ليعدل مسار التاريخ اليهودي ، بل البشري ، فينهي عذاب اليهود ويأتيهم بالخلاص ، ويجمع شتات المنفيين ويعود بهم إلى صهيون ويحطم أعداء جماعة يسرائيل ، ويتخذ أورشليم (القدس) عاصمة له ، ويعيد بناء الهيكل ، ويحكم بالشريعتين المكتوبة والشفوية اليهودية (التوراة والتلمود) ، ويعيد كل مؤسسات اليهود القديمة مثل السنهدرين ، ثم يبدأ الفردوس الأرضي الذي سيدوم ألف عام ، ومن هنا كانت تسمية (الأحلام الألفية) و (العقيدة الاسترجاعية) 

من هو شخص المسيح المنتظر عند اليهود

اختلف اليهود في شخص المسيح المنتظر ، غير أن أعظم الشخصيات وأهمها هو النبي إلياس ، والذي يسميه اليهود (إيليا التشبي) أو (الياهو النبي) ، وقد كان في نسبه في بني إسرائيل خلاف كبير ، مما جعله إلى يومنا هذا من الأركان الغيبية في الفكر اليهودي ، وقد كثر الحديث عنه في التلمود والمدارس وكتب التصوف اليهودي ، واعتبر في نظر الكثيرين مساويا لموسى عليه السلام ، بل اعتبر الوحيد من بني إسرائيل الذي يمكن أن يقارن موسى عليه السلام 

ويرى اليهود أن إليا مكث في الأرض مدة يدعو بني إسرائيل ، ثم رفع إلى السماء حيا ولم يمت ، وسينزل إلى الأرض في آخر الزمان ، ليتم رسالة الخلاص للشعب اليهودي التي كلف بها 

ومن شدة تأثير فكرة المسيح المنتظر العميقة في العقيدة اليهودية وتعلقهم بها ، ادعى كثير من اليهود على مدى التاريخ أنه المسيح المنتظر ، فإذا كان المسيح المنتظر عند اليهود هو في الحقيقة المسيح الدجال ، الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير ، فإن من ادعى من اليهود بأنه المسيح المنتظر ، يكون عند المسلمين المسيح الدجال 

أبرز من ادعى أنه المسيح المنتظر من اليهود

في العصر القديم يودغان وداود الرائي وديفيد رؤفيني ولومون ملكو ، ولكن أبرزهم أبو عيسى الأصفهاني واسمه الحقيقي إسحق بن يعقوب من مواليد أصفهان ، كان خياطا أميا عاش في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان ، بينما يذهب الشهرستاني إلى أنه عاش في الفترة بين حكم الخليفة الأموي مروان بن محمد ، والخليفة العباسي المنصور ، ويبدو أن هذا التاريخ الأخير أكثر دقة ، فقد كانت هذه الفترة فترة انتقال شهدت سقوط الدولة الأموية وظهور الدولة العباسية ، وعادة ما كانت الحمى المشيحانية تتصاعد بين اليهود – والأقليات بشكل عام – في مثل هذه الفترات 

وفي عام 755م أعلن أبو عيسى أنه الماشيَّح الذي سيحرِّر اليهود من الأغيار ، وقاد بهذه الصفة تمردا ضد الحكم الإسلامي ، وانضم له العديد من يهود فارس ، لكن هذا التمرد تم إخماده بعد عدة سنوات وقُتل أبو عيسى ، ولكن أتباعه كما هي العادة أعلنوا أنه لم يقتل وإنما دخل كهفا واختفى ، كما تداولوا بعض القصص عن المعجزات التي أتى بها ، من بينها أنه ضرب المسلمين ضربة قوية ، وأنه انضم لأبناء موسى في الصحراء ليطلق نبوءاته ، وقد تأسست من بعده فرقة العيسوية التي ظلت قائمة حتى حوالي عام 930 م 

أما في العصر الحديث فهناك كثير من الشخصيات اليهودية التي ادعت أنها المسيح المنتظر ، ولكن أبرزهم شبتاي تسفي الذي ولد بأزمير وتلقى تعليما دينيا تقليديا ، فدرس التوراة والتلمود واستغرق بدراسة التصوف اليهودي ، عمل على ربط خلاص اليهود بشخصية المسيح المنتظر ، فعدل بذلك صيغة الحلول الإلهي من الجماعة اليهودية إلى شخص المخلص (المسيح) ، ثم ادعى أنه المسيح المنتظر عام 1648م ، فطرد من أزمير وتنقل بعد ذلك في كل من اليونان واسطنبول والقاهرة وفلسطين المحتلة 

ثم دخل القدس على فرس (كما هو متوقع من الماشيح) عام 1665م ، وأعلن أنه المتصرف الوحيد في العالم كله ، وأعلن أنه سيذهب إلى تركيا ويخلع السلطان ، وأخذ يضفي على نفسه ألقابا يوقع بها رسائله منها (ابن الإله البكر) و (أبوكم يسرائيل) و (أنا الرب إلهكم شبتاي تسفي) وقد قبض عليه في فبراير عام 1666 في اسطنبول وأودع السجن ، قُدِّم بعد فترة من سجنه للمحاكمة ، فأنكر دعوته وزعم أنه مجرد رجل يهودي عادي ، كما أنه أعلن رغبته بالدخول للإسلام ، فأشهر إسلامه نفاقا ، وغير اسمه فأصبح (محمد أفندي) وتعلَّم العربية والتركية ودرس القرآن ، وأسلمت زوجته من بعده ، وسمت نفسها (فاطمة) ثم حذا حذوه كثير من أتباعه الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية والكيد للإسلام ، وقد أطلَق عليهم اسم (دونمه) 

ولكن تسفي مع هذا لم يقطع الأمل في أن يستمر في قيادة حركته ، وظل كثير من أتباعه على إيمانهم به ، لأن الماشيَّح في التصور اليهودي الصوفي (الكبَّالي) (سيكون خَيِّراً من داخله ، شريراً من خارجه) ، وهذه مواصفات تنطبق على تسفي تمام الانطباق 

ويتضح هنا تأثر تسفي بتفكير يهود المارانو بشأن ضرورة أن يُظهر المرء غير ما يُبطن ، وقد نقل العثمانيون تسفي في نهاية الأمر إلى ألبانيا حيث مات بوباء الكوليرا عام 1676 م 

المسيح المنتظر في التوراة والتلمود

رغم عدم وضوح فكرة المسيح المنتظر عند اليهود في التوراة ، ورغم قلة النصوص التي تحدثت عن هذه الفكرة ، إلا أن اليهود أولوا الفكرة تأويلا كبيرا ومختلفا ، فأصبح كل جيل يصنع مسيحه المنتظر حسب ظروفه وهواه ، طبقا للصور الخيالية الوجدانية التي يحلم بها ، وتعلقه بهذه الفكرة يزداد كلما زاد الاضطهاد الواقع على اليهود ، مما جعلها الأمل الذي يتعلقون به 

تقول التوراة عن مسيحهم المنتظر أو ملكهم المنتظر ” لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا ، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا ، مُشِيرًا ، إِلهًا قَدِيرًا ، أَبًا أَبَدِيًّا ، رَئِيسَ السَّلاَمِ ” ، ومما جاء في التلمود عنه “حين يأتي المسيح تطرح الأرض رياسته ، وللسلام لا نهاية على كرسي داوود ، وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر ، من الآن إلى الأبد ، وغيرة رب الجنود تصنع هذا ” ، وقد تحدث التلمود أيضاً بالطريقة نفسها التي تحدثت بها التوراة حيث جاء ” سيأتي المسيح الحقيقي ، ويحصل النصر المنتظر ، ويقبل المسيح حينئذ الهدايا من كل الشعوب ، ويرفض هدايا المسيحيين ، وتكون الأمة اليهودية أنذاك في غاية الثروة ، لأنها قد حصلت على جميع أموال العالم ، فطيراً وملابس من الصوف وقمحاً ، وفي ذلك الزمن ترجع السلطة إلى اليهود ، وجميع الأمم تخدم ذلك المسيح ، وسوف يملك كل يهودي ألفين وثلاثمائة عبد لخدمته ، ولن يأتي المسيح إلا بعد اندثار حكم الشعوب الخارجة عن دين بني إسرائيل ” 

ومن أبرز نصوص التوراة أيضا التي تحدثت عن المسيح المنتظر 

(ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يابنت أورشليم ، هوذا ملكك يأتي إليك ، هو عادل ومنصور ، وديع وراكب على حمار … ويتكلم بالسلام للأمم ، وسلطانه من البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض) سفر زكريا 9/ 9- 10

وجاء في التلمود ( إن المسيح يعيد قضيب الملك إلى بني إسرائيل ، فتخدمه الشعوب وتخضع له الممالك ، وعندئذ يمتلك كل يهودي ألفين وثمانمائة عبد وثلاثمائة وعشرة أبطال يكونون تحت إمرته) بولس حنا مسعد ص 57

وفي سفر حزقيال وصف تفصيلي لكيفية احياء الله للموتى عندما يأتي المسيح 

(هكذا قال السيد الرب: هلم يا روح من الرياح الأربع ، وهب على هؤلاء القتلى ليحيوا ، فتنبأت كما أمرني ، فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم ، جيش عظيم جدا جدا ثم قال لي: يا ابن آدم هذه العظام هي كل بيت إسرائيل هاهم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا ، فقد انقطعنا لذلك تنبأ وقل لهم : هكذا قال السيد الرب : هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل) الإصحاح السابع والثلاثون فقرات ( 9 – 12 )

ويتحدث التلمود عن الحرب التي ستشتعل في زمن غير بعيد من قدوم المسيح فقبل أن يحكم اليهود نهائياً ، يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق ويهلك ثلثا العالم ، وسيأتي المسيح الحقيقي ويحقق النصر القريب لهؤلاء اليهود وبموجب التوراة يعتقدون بقدوم المسيح الذي يحكم العالم كله بعد فترة من الإضطرابات والحروب والفتن ، لأن المسيح حسب إعتقاد اليهود مهمته العالمية خلاص الشعب اليهودي ، وحكم العالم بشريعة صهيون ، ويكون هذا المسيح من نسل داوود ، ويكون خروجه قبل قيام الساعة ، أي قبل الأيام الأخيرة للعالم ، وعند خروجه سيحارب أعداء إسرائيل ، ويتخذ القدس عاصمة لمملكته ، ويعيد بناء الهيكل على الصيغة اليهودية ، ويحكم بالشريعتين المكتوبة والشفوية يعني التوراة والتلمود 

ماذا تقول المداهب اليهودية في المسيح الدجال

ومن جانب آخر هناك ثلاث مذاهب يهودية هي المحافظة والأرثوذوكسية والإصلاحية ، وتتفق كل من المحافظة والأرثوذوكسية بفكرة قدوم المسيح الدجال بينما اليهودية الإصلاحية تنفي أن يكون هناك مسيح قادم ولكن البعض منهم يؤمنون بهذه الفكرة 

ولم أقف في الديانة اليهودية عن أي شيء يخص المسيح الدجال ، حتى الحاخام موسى بن ميمون لم يذكر المسيح الدجال في مدوناته أو كتبه ، وكان ذلك نظرا لقلة المراجع اليهودية ، ولكن عند قراءة العهد القديم من الكتاب المقدس ، وقراءة كتب الآباء الأولين للعهد القديم ، نجد أنهم فسرو بعض الأعداد من العهد القديم على أنها إشارات ونبوؤات عن المسيح الدجال ، وأنه يخرج من الشرق من بابل وفارس 

نبدأ بسفر التكوين حيث ورد فيه ” وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ الَّذِي ابْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ ، الَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ ، لِذلِكَ يُقَالُ : كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ ، فِي أَرْضِ شِنْعَارَ ” ، وينسب لنمرود بداية العبادة الوثنية ، وصارت بابل في الكتاب المقدس رمزًا لمعاندة الله وللكبرياء والزنا الروحي بل أطلق عليها أم الزواني وصارت أسمًا لمملكة الدجال وجماعة الأشرار 

والمعنى التأويلي لكلمة بابل : ” يرى القديس أغسطينوس وطيخون الإفريقي أنها تشير إلى جماعة الأشرار أي أنها ترمز إلى محبي العالم ومجده وغناه ولذاته المتعلقين به ، ويرى أغلب الآباء الأولين أنها تشير إلى مملكة الدجال وعمله الشيطاني ، إذ يعاد بناء بابل وتكون مركزا إداريا للتخطيط الشيطاني المعاند ، غير أنه ليس من الضروري أن تكون بابل في نفس الموقع القديم ، ولا حاجة لأن تدعى “بابل” حرفيا ، وإن كان البعض يرى أنها تدعى حرفيا هكذا ، وتقوم في نفس مكان بابل القديمة ، ويرى البعض أن بابل هذه صورة إستعارية للشكل الذي يقوم عليه نظام الدجال الديني والسياسي بما يحمله من كل آلات للشر يمكن أن يستخدمها إبليس في مقاومة الرب ، فهي مجرد تعبير للكشف عن حالة العداوة القائمة ضد الله بصورة أو بأخرى ، ويذكر التاريخ أن بابل تميزت من البداية بالسحر والتنجيم والأسرار الوثنية ، وهي تمثل النفس التي تسقط في تشويش أو بلبلة ، وفي آخر الأيام تمثل مملكة المسيح الدجال ” 

أيضا وردفي سفر التكوين ” ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ رَقِيقَةٍ وَمَلْفُوحَةٍ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٍ وَرَاءَهَا ” ، حيث فسر الريح الشرقية بريح ساخنة ضارة بالمزروعات وكلها غبار (رياح الخماسين) ، والريح الشرقية تشير لعمل المسيح الدجال الذي سيفسد كثيرين ، بل أن البقرات القبيحة والسنابل الرقيقة تشير للهراطقة في أيام المسيح الدجال وهم يبتلعون أولاد الله (البقرات السمينة)

نقرأ في سفر إشعياء كلمات تصف كل من إبليس والمسيح الدجال وهي ” كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ ، وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ : أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ ، أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ ، أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ ” ، لقد تشبهت بإبليس سيدك الذي كان كوكبا عظيما ومرموقا بين السمائيين “زهرة بنت الصبح” ، فتشامخ وتكبر على الله خالقه ، وظن أنه يقدر أن يرتفع على مستوى الله نفسه بل ويصير أعظم منه ، فسقط ليصير ظلاما عوض النور إذ عزل نفسه بنفسه عن الله مصدر النور ، حسبت نفسك كالله في العظمة فتعاليت فوق السحاب 

نقرأ في نفس الإصحاح من سفر إشعياء جاء وصفه ” أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي وَأَدُوسَهُ عَلَى جِبَالِي ، فَيَزُولَ عَنْهُمْ نِيرُهُ ، وَيَزُولَ عَنْ كَتِفِهِمْ حِمْلُهُ ” ، وأشور هنا هو الدّجّال كما يفسّرها غالبيّة شرّاح السّفر وهو نفس الوصف الذي ينطبق على بابل أمّ الزّواني كما وصفت في مواضع أخر ، وتقدم تفسيرها 

وننتقل إلى مكان آخر من سفر إشعياء حيث ورد فيه ” فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَبُّ الْجُنُودِ إِكْلِيلَ جَمَال وَتَاجَ بَهَاءٍ لِبَقِيَّةِ شَعْبِهِ ، وَرُوحَ الْقَضَاءِ لِلْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ ، وَبَأْسًا لِلَّذِينَ يَرُدُّونَ الْحَرْبَ إِلَى الْبَابِ ” ، حيث تم تفسيرهذا العدد أنه في الأيام الأخيرة يكون الله ناصراً لمن لم يتبعوا الدجال ، وهو يوم يظهر فيه مجد الله الذي دان الشر وحفظ بقية عباده الذين رفضوا الشر والمسيح الدجال 

أما في سفر حزقيال الإصحاح الثاني والثلاثون ، فكان تفسير القس له أنه شبه إستعباد مصر لليهود كإستعباد إبليس للمؤمنين ، وحين يطلق إبليس من سجنه ويعطى كل قدرته للمسيح الدجال في الأيام الأخيرة ، وفسر مملكة المسيح الدجال تدعى روحيًا مصر ، وذلك لأن مصر أيام موسى إشتهرت بالعناد ، فالضربات تنهال عليها وهى تعاند ، وهذا ما سيحدث لمملكة الدجال ، فالضربات تنهال عليها لتتوب ومع هذا ترفض بالإضافة لما إشتهرت به مصر أي الكبرياء وإستعباد اليهود ، وهذا الإصحاح الذي يحدثنا عن خراب مصر يصبح خرابًا لمملكة المسيح الدجال ، أي يشير لنهاية الأيام ، ولذلك نجد العبارات تتجه هذا الاتجاه الذي يشير لنهاية العالم وخراب نهائي لكل عدو متكبر سواء لله سبحانه وتعالى أو للمسيح عيسى عليه الصلاة والسلام 

وأوضح مكان جاء ذكر المسيح الدجال فيه في سفر دانيال ما ورد في تفسير النّبوّة الشّهيرة ” وَالْقُرُونُ الْعَشَرَةُ مِنْ هذِهِ الْمَمْلَكَةِ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ يَقُومُونَ ، وَيَقُومُ بَعْدَهُمْ آخَرُ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ الأَوَّلِينَ ، وَيُذِلُّ ثَلاَثَةَ مُلُوكٍ ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ ضِدَّ الْعَلِيِّ وَيُبْلِي قِدِّيسِي الْعَلِيِّ ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالسُّنَّةَ ، وَيُسَلَّمُونَ لِيَدِهِ إِلَى زَمَانٍ وَأَزْمِنَةٍ وَنِصْفِ زَمَانٍ ، فَيَجْلِسُ الدِّينُ وَيَنْزِعُونَ عَنْهُ سُلْطَانَهُ لِيَفْنَوْا وَيَبِيدُوا إِلَى الْمُنْتَهَى ، وَالْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمْلَكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ ، مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ ، وَجَمِيعُ السَّلاَطِينِ إِيَّاهُ يَعْبُدُونَ وَيُطِيعُونَ ، إِلَى هُنَا نِهَايَةُ الأَمْرِ ، أَمَّا أَنَا دَانِيآلَ ، فَأَفْكَارِي أَفْزَعَتْنِي كَثِيرًا ، وَتَغَيَّرَتْ عَلَيَّ هَيْئَتِي ، وَحَفِظْتُ الأَمْرَ فِي قَلْبِي ” 

وفي الإصحاح الذي يليه قال ” وَفِي آخِرِ مَمْلَكَتِهِمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمَعَاصِي يَقُومُ مَلِكٌ جَافِي الْوَجْهِ وَفَاهِمُ الْحِيَلِ ، وَتَعْظُمُ قُوَّتُهُ ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقُوَّتِهِ يُهْلِكُ عَجَبًا وَيَنْجَحُ وَيَفْعَلُ وَيُبِيدُ الْعُظَمَاءَ وَشَعْبَ الْقِدِّيسِينَ ، وَبِحَذَاقَتِهِ يَنْجَحُ أَيْضًا الْمَكْرُ فِي يَدِهِ ، وَيَتَعَظَّمُ بِقَلْبِهِ ، وَفِي الاطْمِئْنَانِ يُهْلِكُ كَثِيرِينَ ، وَيَقُومُ عَلَى رَئِيسِ الرُّؤَسَاءِ ، وَبِلاَ يَدٍ يَنْكَسِرُ ، فَرُؤْيَا الْمَسَاءِ وَالصَّبَاحِ الَّتِي قِيلَتْ هِيَ حَقٌّ ، أَمَّا أَنْتَ فَاكْتُمِ الرُّؤْيَا لأَنَّهَا إِلَى أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ ، وَأَنَا دَانِيآلَ ضَعُفْتُ وَنَحَلْتُ أَيَّامًا ، ثُمَّ قُمْتُ وَبَاشَرْتُ أَعْمَالَ الْمَلِكِ ، وَكُنْتُ مُتَحَيِّرًا مِنَ الرُّؤْيَا وَلاَ فَاهِمَ ” 

ننتقل لمكان آخر من سفر دانيال حيث يقول ” وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ ، وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ ” ، هذه الأيام الأخيرة مع ظهور المسيح الدجال ستكون أيام ضيق لم يكن منذ كانت أمة ، وسيكون ذلك نتيجة تسلط الشيطان ، والضيق سيكون ناشئًا من أن المؤمنين لن يقبلو المسيح الدجال وبذلك لن يستطيع أن يبيع أو يشتري ، وأيضًا الضيق سيكون في صورة اضطهاد جسدي يصل للاستشهاد ولكن الله لن يتخلى عن عباده ، وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك وسيرسل الله شاهدين إيليا وأخنوخ وهم نبيين ضد هذا الوحش – المسيح الدجال – ليحاربوه ويفسدوا أعماله ضد عباد الله 

الأكثر مشاهدة

Who's Online

185 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل