-
نشر بتاريخ: 01 كانون1/ديسمبر 2022
يكتبها ... الكاتب والباحث السياسي / أسامة عبد الرحيم
إن النمو السريع للبنية التحتية لأنظمة الكمبيوتر والاتصالات خلال العقدين الأخيرين أنتج تبعية كبيرة لهذه الأنظمة في الاقتصاديات والقوى العسكرية الحديثة وهذه التبعية تشكل نقطة ضعف خطيرة يمكن من خلالها الهجوم بأسلحة النبضة الكهرومغناطيسية Electromagnetic pulse weapons وان النضج التكنولوجي في أنظمة الميكروويف عالية القدرة High power microwave ومولدات التدفق المضغوط Flux compression generator جعل تصميم ذخائر كهرومغناطيسية فعالة ويمكن نشرها عملية ممكنة من الناحية التقنية.
الدول الصناعية الحديثة الآن تعتمد كليا على بنيتها التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لضمان التسيير الفعال والمرن لنظامها السياسي والإداري وقطاعها المالي والصناعي وقطاع النقل والمواصلات وآلتها العسكرية وتقريبا كل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وهي الأساس لهذه القطاعات تشترك في خاصية أنها مصنوعة بمكونات الكترونية من أنصاف النواقل عالية الكثافة High density semiconductor .وهو ما يجعلها ضعيفة أمام أسلحة النبضة الكهرومغناطيسية Electromagnetic pulse weapons المصممة خصيصا لتدمير هذه المكونات .
تأثير النبضة الكهرومغناطيسية لوحظ أول مرة في التجارب الاولى للأسلحة النووية وتميز بإنتاج نبضات كهرومغناطيسية EMP قصيرة وعالية الشدة والتي تنتشر بعيدا عن مصدرها مع شدة متناقصة حسب نظرية الكهرومغناطيسية .
نبضة الطاقة تنتج حقل كهرومغناطيسي قوي خصوصا بالقرب من دائرة انفجار السلاح وهذا الحقل قوي كفاية لانتاج تيار كهربائي بآلاف الفولطات في النواقل الكهربائية المعرضة مثل الأسلاك .إن هذه الظاهرة هي التي لها أهمية عسكرية إذ أنها يمكن أن تؤدي إلى ضرر لا يمكن إصلاحه لمجموعة كبيرة من الأجهزة الكهربائية والالكترونية خصوصا أجهزة الحاسوب والراديو أو الرادارات و ضررها يمكن مقارنته بالضرر الناتج عن التعرض المباشر لصاعقة برق والذي يتطلب في بعض الأحيان تعويض كلي للاجهزة المتضررة .
أجهزة الحاسوب التجارية بالخصوص ضعيفة أمام تأثير النبضات الكهرومغناطيسية لانها تعتمد بالأساس على مكونات مصنوعة من أنصاف النواقل semiconductors والتي هي حساسة جدا للتيارات الكهربائية وقليل من التيار الكهربائي كاف لكسر الوصلات وتدمير المكون بشكل فعال ودائم والاجهزة المصابة جزئيا يمكن أن تستمر في العمل ولكن كفاءتها ستنخفض بشكل كبير .
حماية الأجهزة الالكترونية عن طريق تصفيحها وتغطيتها بهياكل معدنية Electrical shielding يعطي حماية محدودة اذ أن أي سلك أو كابل يدخل أو يخرج من الجهاز سيتصرف مثل هوائي antennae يلتقط النبضة ويقود التيار الكهربائي الناتج الى داخل الجهاز.
أجهزة الاتصالات والرادارات وأجهزة العرض والشاشات وأجهزة التحكم بما فيها أجهزة التحكم الالكترونية للمحركات هي كذلك عرضة لأسلحة النبضة الكهرومغناطيسية .ويمكن القول أن كل الأجهزة الكهربائية والالكترونية تقريبا عرضة لهذه الأسلحة .
فعالية أي سلاح كهرومغناطيسي يحدد بمستوى الطاقة أو الاستطاعة المنتجة والخصائص الطيفية للنبضة فكلما كانت النبضة قصيرة كانت طاقتها كبيرة والحقل الكهرومغناطيسي الناتج شديدا وطيف الترددات واسعا الأمر الذي يحسن اختراقها داخل الأهداف.
أسلحة EMP العادية التي تستعمل تقنية (High Power Microwave (HPM يتم تطويرها حاليا ومدى تغطيتها أقل بكثير من مدى EMP الأسلحة النووية لأن كمية الطاقة الكهرومغناطيسية التي يمكن أن تطلقها عند انفجارها أقل من تلك المحررة عند انفجار سلاح نووي غير أن فعاليتها ستكون اكبر لانها تعمل في ترددات الميكروويف Microwave frequency ومن منظور عملي قنبلة HPM بمدى تأثير يبلغ 300 متر ستكون لها قيمة عسكرية كبيرة .
القنبلة الكهرومغناطيسية يمكن أن تصمم ليكون تأثيرها في اتجاه محدد أي أن التأثير ألتدميري للنبضة الناتجة سيركز على منطقة معينة وكما في القنابل العادية كلما كان حجم القنبلة أكبر كان تأثيرها كذلك.
عامل آخر يؤثر في فعالية القنبلة هو ارتفاع الانفجارDetonation altitude وبتغيير ارتفاع الانفجار يمكن عمل توازن بين مساحة تأثير النبضة الكهرومغناطيسية Lethal footprint وشدتها وبذلك يمكن التضحية بمساحة التأثير لحساب زيادة الشدة وذلك بغرض تدمير الأهداف التي لها حماية كهرومغناطيسية أكبر.
كيف تعمل القنبلة الكهرومغناطيسية ..
تعتمد فكرة عمل القنبلة الكهرومغناطيسية أو سلاح النبضة الكهرومغناطيسية من خلال دوائر كهربائية تعمل على إنتاج مجال أو حقل كهرومغناطيسي كبير.
والمجال الكهرومغناطيسي هو ليس بالشيء الجديد فالشعاع الكهرومغناطيسي يشمل أشعة الراديو التي يبث عليها محطات الـ AM والـ FM و أشعة إكس واشعة الضوء العادي الذي نرى بواسطته الأشياء.
وهنا يجب ان نعلم ان التيار الكهربائي المتردد ينتج مجالاً مغناطيسياً وتغير المجال المغناطيسي كذلك ينتج تياراً كهربائياً متردداً، وكما يعمل مرسل اشارات الراديو الذي يولد مجالاً مغناطيسياً من خلال مرور تيار كهربائي في الدائرة الكهربائية فإن هذا المجال المغناطيسي ينتج تياراً متردداً في دائرة كهربائية أخرى وهي دائرة الاستقبال من خلال الهوائي. إن إشارة راديو ضعيفة تنتج تياراً كهربائياً كافياً ليمر في الدائرة الكهربائية للمستقبل، ولكن زيادة هائلة في شدة أشعة الراديو ستؤدي إلى توليد تيار كهربائي كبير. هذا التيار الكهربائي كافٍ ليتداخل في دوائر الأحهزة الإلكترونية ويحرق الدوائر الإلكترونية المتكاملة المبنية من مواد أشباه أو أنصاف النواقل Semiconductors.
إن التقاط إشارات الراديو ذات الشدة العالية يؤدي إلى توليد مجال مغناطيسي كبير يودي بدوره إلى توليد تيار كهربائي في أي جسم موصل للكهرباء فمثلاً خطوط التلفون وخطوط نقل الكهرباء والأنابيب المعدنية كلها تعمل مثل الهوائي ستلتقط هذه التيارات الكهربائية على شكل نبضات كهربائية عالية الشدة وتنقلها إلى الأجهزة المتصلة بها
تنويه ...
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب والجريدة غير مسئولة عن محتواه
و للقارىء حق الرد
الأكثر مشاهدة
Who's Online
274 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة