دراسة نقدية مقدمة من الاستاذ دكتور / محمد نعمان جلال

مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية الاسبق و سفير مصر في الصين و باكستان 


قراءة نقدية و دراسة بحثية حول  رواية " احضان الشوك
للكاتبة  الروائية الدكتور عبير المعداوى

.....

في البداية يسرني أن أتحدث عن الدكتورة عبير المعداوى ..حيث أراها من وجهة نظري و يتفق مع الجمع إنها شخصية موسوعية ومثقفة وناشطة في المجتمع المدني المصري  و عبر القارات أيضا فهي كاتبة روائية مبدعة و اسعد بقراءة رواياتها القصيرة ولكن الأهم من وجهة  نظرى هي رواية أحضان الشوك.
وأنا أشارك الدكتورة عبير المعداوي في بعض من المجالات ولكنني بكل تواضع ودقة لا استطيع القيام أو المبادرة بواحد في المائة مما تقوم به من أنشطة فكرية واجتماعية وثقافية في مجالات عديدة كما انها تعمل مع المجتمع  الدولي وأنشطتها كثيرة في  مختلف المجالات سواء ذات صلة مباشرة  بالمجتمع المصري اوغير المصري .


أقول انني أشارك في بعض الأنشطة التي تقوم بها  وذلك لأنني لست في مكانة تؤمني للنشاط الديناميكي الذي تقوم به دكتورة عبير من زيارة  للمتاحف والمعارض و امن كان لي الحظ ان اشاركها بعض الزيارات و النشاط الثقافي مثل زيارتها للمتحف القوات الجوية و تدشين الحملة المصرية للتنمية المهارية و الاعلام السياسي الاجتماعي و منها زيارة لمعهد بحوث البساتين التابع لجامعة القاهرة ، ايضا هي تقوم بدور مهم في ارساء ثقافة مجتمعية توعوية ناهضة بما لها من  اتصالات كبيرة مع رجال الشرطة والقوات المسلحة  خاصة ممن هم في حالة التقاعد على  المعاش وتقيم نشاطات من مؤتمرات و ندوات مع المثقفين ومع الفنانين ومع العديد من الهيئات المصرية و العربية لا و العالمية المتنوعة  في مناسبات تخص مصر ومن ذلك إقامتها ندوة ميمونه  بمناسبة ذكري عيد الشرطة في ٢٥ يناير ٢٠٢١ و جعلتنا نتذكر هذه الذكرى العظيمة عندما  استشهد  رجال الشرطة في مدينة الاسماعيمية وكانت قوات الاحتلال البريطاني تسيطر على  مصر وعلى وجه الخصوص على منطقة قناة السويس وخاصة مدينة الإسماعيلية حيث اشتبك رجال الشرطة مع قوات الاحتلال البريطاني لمصر واستخدم الاخرون العنف الوحشي ضد الشرطة المصرية التي كانت مركز الشرطة بالمدينة .

ً
ولكن الوحشية من القوات البريطانية أدت إلي استشهاد العديد من أبناء الشرطة وهم 
في موقعهم يدافعون عن الوطن المصري وعن المواطن المصري وهذا سر صدور تعليمات  من القيادة الوطنية بمصر باعتبار يوم ٢٥ يناير يوم عيد الشرطة من كل عام يتم الاحتفال به رسمياً باعتباره عيداً وطنياً مصرياً وخاصة في أكاديمية الشرطة.


الدكتورة عبير المعداوي عقدت ندوة خاصة في ذكري عيد الشرطة وكذلك ذكري ثورة ١٩٥٢ ودعت لذلك عدداً من المثقفين ورجال الشرطة والقوات المسلحة  وكانت إحدي الدعوات لي وأصرت على  ضرورة المشاركة و هو ما حدث بالفعل إذ كانت مداخلتي في الندوة عبر التليفون فأوضحت دور الشرطة واشدت بما تقوم به من أنشطة في حماية الوطن والمواطن وفي تنفيذ أحكام القضاء وفي مطاردة الارهابين  والمجرمين وأداء الكثير من الأعمال الامنية لحماية الانسان و الشارع المصري و حفظ ممتلكاته و ارواحه و حفظ البلاد و استقرارها 


و عودة بالحديث عن 
أنشطة الدكتورة عبير المعداوي ليست قاصرة على المؤسسات الرسمية ولكنها تمتد لممثقفين والفنانين والإعلامين في مناسبات عديدة. وتسعي لنشر الفكر الحديث والنشاط المجتمعي ولا تريد منصباً ولا وظيفة ولكنها تري أن المثقف عليه العمل جنبا الى جنب مع الدولة و مؤسساتها و تؤكد لابناء الوطن وبناته أنها قادرة على  العمل من أجل الجميع. وأذكر على سبيل المثال كتابتها عن الفنانة التشكيلية العالمية والمصرية كوثر الشريف وطرحت ذلك على  جريدة "كاسل جورنال" والتي مقرها بريطانيا ولكن استراتيجيتها انتماؤها لمصر واختارت الفنانة كوثر الشريف باعتبارىا الفنانة الأولي في العالم لعام ٢٠١٩ / ٢٠٢٠ كما أنها لا تتردد في تقديم أمور
تذكارية لبعض الشخصيات العامة التي تشارك في ندواتها ومؤتمراتها

و بالعودة إلي رواية " أحضان الشوك" و هي  تحكي عن قصة شابة مصرية ويمكن القول أنها مواطنة مخلصة لوطنها وهي  تشبه في بعض الصفات عبير المعداوي ولكن الأخيرة ترفض أي صفة مشتركة بينهما من قبيل التواضع والبعد عن تحويل الرواية إلي سيرة ذاتية لها،و اعتقد ان رؤيتها صادقة في تقديم الرواية حتى جعلت القارىء يعيش الاحداث كانها حقيقة و واقع و تظن ان الروائية تتحدث عن نفسها و هذا غير صحيح ، فلقد حادثتها في الامر و قالت الروائي لا يخلط حياته مع حياة شخصياته و الا لم يعد راوي بل شخص عادي يسرد قصة سيرته الشخصية و الفارق كبير بين احداث الرواية و حياتي و لا يجوز وضع حياتنا على ورق للجماهير هذا فلس ابداعي اظنني بعيدة عنه .

و هذا في الواقع ما جعلني اقراء الرواية اكثر من ثلاث مرات و كل مرة اخرج بمفهوم جديد و فلسفة لها قدرة على جذب العقل و التفكير بعمق .. دكتورة عبير المعداوي تكتب السهل الممتنع  و الرواية تحكي عن حياة الفتاة مع اسرة ارستقراطية  و تقدم لخطبتها أحد الشخصيات البارزة في المجتمع فوافقت عليه  ولكنها اتمام  الزواج  واجهت صعوبات جمة حيث الفتاة عانت من اضطهاد زوجيا ومن غيابه كثيرا في العمل ومن علاقاته  بالفتيات الاخريات. ولكنها صبرت

صبار جميلا وتحملت عناء عنايتها ورعاية أسرتها  في غياب العائل لها. ثم وقع ً
الصراع  بين الزوج والزوجة خاصة أن الزوج كان انسانا تقليديا مغرورا  كثيار والزوجة كانت مثقفة  لها حياة مختلفة لحياته و كانت مولعة 
بشاعر فرنسي مشهور والتقت به  في بعض المناسبات بمصر مع عمها  الذي كان يهتم برعايتها بعد فقدانها الأب والأم والأخوة. والي حد ما فقدانها لزوجها المشغول بنفسه بالعمل، وهو البعيد  عن الاهتمام  بالثقافة ، لهذا كان لقاء سهر بالشاعر الفرنسي صدفة حيث كان يزور مصر من حين لاخر وتصادف أنها تلاقت معه عن طريق عمها في احدى الندوات و الذي كان معجبا أشد الأعجاب بذلك الشاعر الفرنسي واعجب الشاعر ب سهر   و تبادلا الروح و الثقافة و الحب و العشق لكن منعها احترامها لزوجها ان تنخرط في علاقة الحب معه و تهدر قيمها ، فقررت الطلاق خاصة مع اكتشافها نية الزوج بطلاقها و الزواج عليها ..و هنا نرى تقلبا في الرواية حيث وضعت الروائية الدكتورة عبير المعداوي البعد المكاني و الزماني و التنقل من مصر لليبيا ثم عودة الإسكندرية ثم المقارنة مع باريس ثقافيا و مجتمعيا و حضاريا ..مقارنه عادلة اوضحت رؤيتها الفلسفية السياسية التي تقدمها من منظور انساني بسيط و اكرر هنا انها تكتب السهل الممتنع و هذا قمة الابداع ..

الزوج تعرض لحادث قاتل اضطرت على اثره رفض الطلاق و اختيار البقاء مع رجل مشلولا 
ثم سافر الشاعر عائداً لبلاده. وعاد إلي مسرح الاحداث زوج الفتاة وازدادت حدة الخلاف والشقاق بين الزوج والزوجة وترك المسئولية عليها بدون أية مساعدة مالية، وكان من المنطقي أن تعول عليه  في حياتها العادية وفي حالته  المريضة بل كان يعتمد عليها  لتحمل نفقات اولاده و  عند عودته.
العم العجوز حرص على  رعاية الفتاة وتقديم مساعدات لها وتقديم النصائح الحكيمة لها وكان هذا  العجوز بمثابة الأب الروحي للبطلة.
  وعاشت البطله  معيشة صعبة وحياة قاسية ولكن استمر عطف عمها عليها و رعاية الشاعر الفرنسي من بعيد لها حتى جاء خبر وفاتهما الواحد تلو الاخر لتنتقل الرواية الى مرحلة اخرى من الصراع المجتمعي و النفسي حيث كبر الاولاد و ورثوا جحود الاب و تعاملا مع الام بنفس القسوة و بعد وفاة والدهم طردوا امهم لتجد نفسها في الشارع وحيدة مع الصخرة التي احبتها و السحابة التي رافقتها و تموت بين احضان فتاة شابة و التي كانت تروي لها حكايتها حتى لا تكرر المأساة .

الرواية نحو مائتي وخمسين صفحة  و تطرح بعض مظاهر الصراع  الاجتماعي الطبقي و الثقافي و الانساني ، ونخلص إلي أن الدكتورة عبير المعداوي الكاتبة بارعة في كتابة الرواية ورغم انها أصدرت روايات أخري، وكتابات عديدة لكن تبقى هذه الرواية هي اهم الروايات القرن الحادي والعشرين و يجب العودة لها مرارا و تكرارا لاهمية ما تناولته بدقة شكلت وعي اسري ثقافي من الضروري الوقوف كثيرا عنده

و عن حياة الروائية الدكتورة عبير المعداوي صاحبة التاريخ الابداعي المميز فهي ام و زوجة  تعيش في حياة عائلية راقية  حيث ان زوجها  وابنائها يحترمون تفكيرها و موهوبيها  ويساعدونها  أحيانا في تنظيم الاجتماعات والندوات التي تقيمها  أو تدعو إليها و بالاشارة الى حياتها فهي ايضا من اسرة راقية مصرية اصيلة جمعت فيها موهبتها

 عبير المعداوي اسلوبها  شيق في الكتابة سلي وسهلًا  كما يقال أنه السهل الممتنع  و في نفس الوقت صادقة التعبير عن معاناة المراة المصرية في المجتمع. و بالنظر ل كتابات عديدة للاديبة الروائية الدكتورة عبير المعداوي سترى تقدما ملموسا في فن الرواية القصيرة كذلك في القصة القصيرة جدا حيث تقدمت بالقصة العربية لتعيد مجد القصة النثرية الفلسفية السردية في اطار محكم الابداع ياخد الفن القصصي العربي لخطوة من الحداثة الحضارية الابداعية الى حيث العالمية و لهذا فهو ليس من المستغرب ان تنال تلك الترشيحات و الجوائز العالمية في المسابقات الدولية للقصة بلندن و اختيارها الاكثر الهاما و تاثيرا رقم ٦ من بين مليون كاتبه في العالم وفق اختيارات موقع رانكر الامريكي ..

محن امام شخصية مبدعة روائيا و قصصيا و لو انني لم يسعدني الحظ لقرات لكم كل الرواية .
وأعبر عن الاعجاب والتقدير واعتذر عن عدم تناول الرواية بدقة في العرض أو في التقييم ولو كانت وزارة الثقافة من مسؤولياتى فإننى كنت سوف امنحها جائزة الرواية والأدب بل وجائزة النشاط الاجتماعي في مصرنا الحبيبة.

و ختاما أقول أنني تمنيت ان يكون بمصر ربع مليون إمراة كاتبه و ناشطة اجتماعيا 
فإن المراة المصرية كانت و سوف تتقدم بالوطن اكثر  مما هي عليه  الآن.
واستذكر عندما كنت مندوبا لمصر في الأمم المتحدة وطلب منى أن أقدم تقرير مصر الرسمي عن المراة بلجنة الامن المتحدة و ترددت و ارسلت لهم  بضرورة حضور سيدة خاصة أن مصر لديها الكثير من السيدات المتعلمات والعاملات في مجالات عديدة. ولكن البيروقراطية المصرية أبت إلا أن أقدم شخصيًا التقرير وكان مكتوبا ومعداً بطريقة سيئة، وفي النياية قدمت التقرير كرئيس للبعثة المصرية في الامم المتحدة و طلب مني تقديم سيدة دبلوماسية و قد حدث و  بلغت منصب السفير ثم عينت وزيرة لشؤون الاجتماعية آنذاك ثم استقالت وعملت  كرئيسة للجنة الاقتصادية المسئولة عن دول غرب آسيا وشمال أفريقيا.و هذا يدعونا لضرورة الاستفادة بالخبرات المصرية من النساء و الشباب 
كما كان من حسن حظى أن حصل المفكر والكاتب المصري المشهور نجيب محفوظ على  جائزة نوبل التي تعطي للشخصيات البارزة عالميا في مجاله. والقيت كلمة في اللجنة  الثالثة بالجمعية العامة للأمم المتحدة عن قضايا المسنين وابرزت اهم المشاكل الاجتماعية التي تناولها  نجيب محفوظ من علم ومعرفة وابداع روائي لا يقل عن كبار المشاهير من أوروبا في هذا المجال.
كما سعدت بأن أكون دبلوماسيا مصريا في سفارتنا بالنرويج عندما قام الرئيس السادات الراحل الاسبق بزيارة القدس و كسر حالة الجمود في العلاقات مع اسرائيل و منحته جائزة نوبل السلام  واسندت آنذاك لي مسئولية رعاية الوفد المصري الذي ضم شخصيات سياسية مصرية بارزة وكبار الصحفيين وهكذا تجد الدبلوماسية المصرية
متواجده في مختلف الأنشطة خارج مصر.
ختامًا اعبر عن تمنياتي أن يكون هنآك العديد من الدبلوماسيين المصريين يمنحون جوائز وتقدير يستحقونها  ولا اتردد في القول بأن معظم الدبلوماسيين المصريين يتحملون أعباء كثيرة وهذه مسئولية الدبلوماسي المصري في مختلف الدول التي
يعتمد لديها.

الأكثر مشاهدة

Who's Online

96 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل