بعد إنتهاء الثورة في اليونان بإستقلالها عن السلطنة العثمانية ، ساءت العلاقة بين محمد علي باشا وبين السلطان العثماني الذي رفض تحقيق وعوده لمحمد علي باشا بضم

بلاد الشام إلى حكمه ، متعللًا بأن الجيش المصري في اليونان لم يحقق ماكان ينتظره السلطان العثماني من قمع لثورة اليونانيين ، وإنفصلت اليونان عن السلطنة العثمانية ، مما أثار غضب محمد علي باشا وقرر أن يضم الشام إلى حكمه بالقوة .

كلف محمد علي باشا نجله إبراهيم باشا بأن يعمل على أن يكون الجيش المصري على أهبة الإستعداد لضم الشام إلى أراضي الدولة المصرية ، وخلال عامين قام إبراهيم باشا بإعداد قوات الجيش المصري وتدريبها وتنظيمها على أفضل حال .

خلال حروب اليونان كانت القوات العثمانية تحت قيادة إبراهيم باشا ، مما أتاح له معرفة الكثير عن الجيش العثماني وقادته وخططهم الحربية ، وإستطاع إبراهيم باشا أن يكون علاقات وثيقة مع الكثير من أفراد جيش السلطنة العثمانية ، وإستمرت إلى مابعد إنتهاء حروب اليونان ، حيث كان يُغدِق عليهم بالهدايا التي يرسلها لهم في إطار من السرية والكتمان ، ويستقبل منهم رسائلهم التي تحوي الكثير والكثير من أحوال وأخبار السلطنة العثمانية وجيشها بالأخص ، مما جعل إبراهيم باشا على دراية تامة بكل مايلزمه من معلومات عن الجيش العثماني .

كان محمد علي باشا يعمل على بناء جسور من العلاقات مع ولاة بلدان الشام ، وبالأخص عبد الله باشا الجزار والي عكا ، حيث كان يُظهِر له إستعداده لتقديم مايلزم من عون ، وبالفعل طلب منه والي عكا قرضًا تلو الأخر ، مع عِلم محمد علي باشا بتضخم الديون وأن والي عكا لن يتمكن من سدادها . عندما طالب محمد علي باشا من عبد الله باشا الجزار والي عكا ، أن يقوم بسداد ديونه لمصر ، لم يتمكن والي عكا من توفير الأموال المطلوبة وفاًء لديونه ، ومما زاد الأمر سوءًا قيام والي عكا بإيواء بعض المماليك الهاربين الذين قاموا بالفرار من جنود محمد علي باشا .

أرسل محمد علي باشا إلى والي عكا يطالبه بتسليم هؤلاء الهاربين فرفض تسليمهم ، فأصدر محمد علي باشا أوامره إلى نجله إبراهيم باشا بخروجه على رأس قوات الجيش المصري إلى عكا لإستيفاء الديون المصرية لدى والي عكا والقبض على المماليك الهاربين الذين لاذوا عنده بالفرار .

زحف الجيش المصري باتجاه فلسطين في ١٤ أكتوبر ١٨٣١ م ، الموافق ٧جمادى الأولى ١٢٤٧ هجرية ، تحت قيادة إبراهيم باشا ، وسيطر على مدنها من دون مقاومة تُذكر ، بإستثناء عكا التي ضرب عليها حصارًا مُركزًا برًا وبحرًا ، حتى لا يأتيها المدد فلا يقوى على فتحها ، كما حدث لنابليون بونابرت من قبل حين حاصرها سنة ١٧٩٩م .

إستمر حصار الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا لعكا حوالي ٤ أشهر ، وفي ٢٨ مايو ١٨٣٢م ، الموافق ٢٧ ذي الحجة ١٢٤٧ هجرية ، شن إبراهيم باشا هجومًا ضاريًا من البر والبحر في نفس التوقيت ، وأمطر عكا بوابل من قذائف المدفعية مما حولها الى ما يشبه الجحيم وبعد معارك طاحنة ، تمكن إبراهيم باشا من فتح عكا وقام بأسر عبد الله باشا والي عكا ، وأرسله إلى القاهرة .

تابع إبراهيم باشا زحفه بإتجاه الشمال نحو دمشق ، ورحّب السكان به لأنهم كانوا أقرب إلى الرغبة في تغيير حكامهم بفعل مساوئ الولاة العثمانيين .

أُصيب السلطان العثماني بالرعب عندما توالت عليه أنباء سقوط عكا ودمشق وسيطرة الجيش المصري على جنوب الشام ، وخشى السلطان أن يتزعزع عرشه ، فحشد جيشًا آخر بقيادة السرعسكر حسين باشا ودفعه لإيقاف تقدم الجيش المصري وإجبار إبراهيم باشا على الإنسحاب من بلاد الشام ، وأصدر في الوقت نفسه فرمانًا أعلن فيه خيانة محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا للسلطنة العثمانية .

اصطدم إبراهيم باشا بالجيش العثماني الجديد في معركة حِمص وتغلّب عليه في ٢٩ يونيو ١٨٣٢م ، الموافق ١٠ صفر ١٢٤٨ هجرية ، وسيطر على حماه ودخل إثر ذلك مدينة حلب ، وتأهب لاستئناف الزحف باتجاه الشمال .

انسحب حسين باشا شمالاً بعد خسارته ، وتمركز في ممر بيلان وهو أحد الممرات الجبلية الفاصلة بين بلاد الشام والأناضول .

تحصن الجيش العثماني بمضيق بيلان تحصنًا منيعًا ، وساعدته طبيعة الأرض على ذلك ، كان إبراهيم باشا يعلم كل كبيرة وصغيرة عن شخصية حسين باشا قائد الجيش العثماني ، وأنه دائمًا مايضع قوته الضاربة في مقدمة الجيش ولايعطي إهتمامًا لميمنة وميسرة الجيش مثل مايعطيه للمقدمة ، فأدرك إبراهيم باشا أنه لا سبيل إلى مهاجمة مقدمة الجيش العثماني ، وأنه من الأفضل أن يقوم بحركة إلتفاف حول ميسرة وميمنة العثمانيين ، وقاد بنفسه القوات التي كلفها بالقيام بحركة الإلتفاف ، وبعد أن اجتازت القوات المصرية مواقع الجناح الأيسر والأيمن للعثمانيين ، هاجموهم بضراوة من ثلاثة إتجاهات في وقت واحد ، الميمنة والميسرة والمقدمة ، مما أثار الإرتباك بين صفوف العثمانيين وتخلى جنوده عن مواقعهم وتشتتوا في الجبال ، فلاحقهم إبراهيم باشا وقضى على من تبقى من فلول الجيش العثماني المدحور .

سيطر إبراهيم باشا بقواته على ممر بيلان ، ثم إقتحم ميناء إياس ، شمالي الإسكندرونة ، ودخل ولاية أضنة وطرسوس ، مما شجع إبراهيم باشا على مواصلة طريقه ، فتقدم في داخل بلاد الأناضول حتى بلغ مدينة قونية ، وكان العثمانيون قد حشدوا جيشًا عظيمًا بقيادة الصدر الأعظم رشيد باشا للدفاع عن ما تبقى من شرف وكرامة السلطنة العثمانية

الأكثر مشاهدة

Who's Online

94 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل