-
نشر بتاريخ: 10 تشرين2/نوفمبر 2020
تيتوس ماكسيوس بلوتس Titus Maccius Plautus (نحو254 ـ 184ق.م) كاتب مسرحي روماني ولد في سارسينة Sarsina في أومبريا Umbria في شمال شرقي أواسط
إيطاليا. يقال إن كلمة ماكسيوس تعني «بهلوان» نسبة إلى عمله مهرجًا في المسرح، وكلمة بلوتس تعني «مسطح القدمين». وهناك من يميز بين شخصين أحدهما بلوتس والآخر تيتوس ماكسيوس، ولكن الأرجح أن تيتوس ماكسيوس بلوتس اسم لشخص واحد.
ذهب بلوتس في شبابه إلى روما واشتغل في المسرح ووفر مبلغًا من المال أضاعه في عمل تجاري خاسر فاضطر إلى العودة إلى مسقط رأسه والعمل في طاحونة حبوب. في هذه الفترة العصيبة التي رزح فيها تحت وطأة الفقر بدأ يكتب مسرحياته، يترجمها أو يوائمها من أعمال كتّاب المسرح الإغريق، وخاصة ميناندروس Menandros مستفيدًا من عمله في المسرح ممثلاً كان أم مهرجًا.
درج كتّاب المسرح الرومان، حتى أسلاف بلوتس، على اقتباس حبكاتهم وتقنياتهم المسرحية من الإغريق؛ حتى الموضوعات الرومانية التي كانوا يعالجونها طُرحت بقوالب وخلفيات وملابس يونانية. ولكي تتوافق مسرحياتهم مع الروح الرومانية أسقطوا منها الجوقة واستعاضوا عنها وعن الموسيقى التي كانت تصاحبها بأداء العمل المسرحي غناء. ففي مسرحيات بلوتس كانت المسرحيات الغنائية ذات الأوزان المتنوعة تُؤدى بمصاحبة آلات النفخ كالناي والمجوز، في حين كانت النصوص غير الغنائية تكتب شعراً يُلقى على خشبة المسرح، أو يُنشد بمصاحبة خلفية موسيقية هادئة. وهذا ما جعل المسرحيات الرومانية في ذلك الوقت أقرب إلى ما يُعرف بالكوميدية الموسيقية الحديثة.
كانت بعض مسرحيات بلوتس غير مستقرة البنية وكذلك شخصياتها غير متقنة البناء؛ وقد يعزى السبب إلى أنه كان يقتبس من المسرحيات اليونانية ويحاكيها بما فيها من عيوب. إلا أن مسرحياته الأخرى كانت جيدة البنية وشخصياتها ممتعة وجميلة، مثل الزوجة المخدوعة في مسرحية «أمفيتريو» Amphitruon، والبخيل في مسرحية «جرة الذهب» Aulularia، والمتبجح في مسرحية «الجندي المتبجح» Miles Gloriosus، في حين كانت بعض شخصياته مجرد تصوير كاريكاتوري كما في مسرحيته «كوميديا الحمير» Asinaria. ومع ذلك ظل بلوتس متميزاً بأسلوبه الخاص، إذ كتب مسرحياته الهزلية باللغة اللاتينية الشائعة، وهي تقنية لم يبرع فيها أحد مثله من قبل. كانت لغته عفوية وسريعة ومتألقة بما تمتع به من مرح وذكاء. كان يتقن فنَّ الفكاهة والتلاعب بالألفاظ، أحبّ الجناس الاستهلالي والسجع والإطناب الهزلي. كان يصك كلمات هزلية جديدة، تسيطر عليها روح السخرية، ولكنه في الوقت نفسه يظهر سلبيات السخرية من الآخرين، ويبين مخاطر الفساد وينفّر المشاهدين من الرذائل والفواحش.
كان بلوتس صادق المشاعر، غزير الإنتاج، يذكّر بأريستوفانيس Aristophanes. وعدّه النقاد الكاتب المسرحي الأكثر تأثيراً في الملهاة الأوربية، فلقد كانت مسرحيته «الميناخميان» Menaechmi التي تتحدث عن التوأمين ميناخموس Menaechmus وسوسيكليس Sosicles المتماثلين تماماً منبعاً غرف منه شكسبير عندما كتب «كوميديا الأخطاء» Comedy of Errors، كما استلهم موليير مسرحيته «البخيل» L’Avare من مسرحيته «جرة الذهب»، كما استمد مسرحية «أمفيتريون» Amphitryon من مسرحية بلوتس التي تحمل الاسم نفسه والتي هي في الأصل محاكاة ساخرة للأسطورة الإغريقية التي تصف كيف خدع الإله زيوس زوجة أمفيتريون، إذ تمثّل لها شخصاً يشبه زوجها تماماً. وكانت أول مسرحية كتبها بن جونسون Ben Jonson بعنوان «الوضع» The Case is Altered عام1597 مزيجاً من مسرحيتي «السجناء» Captivi و«جرة الذهب»؛ وتتميز هاتان المسرحيتان من دون مسرحيات بلوتس بأن الأولى تعد رواية نبيلة تجعل الطيب أكثر طيبة، وقال عنها الناقد المسرحي الألماني لِسينغ Lessing: «إنها أجمل رواية مُثلت على خشبة المسرح، بنيتها رائعة وشخصياتها مرسومة بإتقان، إضافة إلى أن موضوعها، وهو إخلاص خادم ووفاؤه لسيده، لم يكن عادياً ولا مألوفاً في الكوميديا الرومية». أما مسرحية «السجناء» فكانت تتسم بالهدوء وكانت ناجحة في ظُرفها وجدَّتها، ولكنها كانت بطيئة خالية من المرح والبهجة.
كان بلوتس أكثر كّتاب الملهاة الرومانية شعبية في حياته؛ إذ كانت مسرحياته تُقرأ على نطاق واسع في عهد الامبراطورية، وتُعرض على المسرح في عهد الجمهورية فيما بعد. ومع ذلك فقد دُفع في العصر الوسيط إلى ساحة النسيان كبقية كتّاب الملهاة الرومان إلى أن اكتشف في عام 1429م في روما مخطوط يحتوي على اثنتي عشرة مسرحية من ملاهيه، كان لها كبير الأثر في مسرح عصر النهضة؛ وواقع الأمر يشير إلى أن المسرحية الإنكليزية ظلت تسير على خطى بلوتس. ومن أبرز الأعمال التي تدل على أن بلوتس ظل ماثلاً في ذاكرة كتّاب عصر النهضة ترجمة وليم وارنر William Warner لمسرحية «التوأمان» عام 1595.
لم يبق من أعمال بلوتس سوى إحدى وعشرين مسرحية، من أبرزها وأكثرها أثراً في المسرح الأوربي «أمفيتريو» و«كوميديا الحمير» و«جرة الذهب» و«الباخوسيات» Bachides و«السجناء» و«الميناخميان» و«التاجر» Mercator و«الجندي المتبجح» و«البيت المسكون» Mostellaria و«الفارسي» Persa و«القرطاجي الصغير» Poenulus و«بثلاث ليرات» Trinummus و«حكاية حقيبة سفر» Vidularia.
تحرير .. سهر سمير فريد
الأكثر مشاهدة
Who's Online
172 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة