يحتفل العالم الإسلامى فى مختلف دول العالم، بالمولد النبوى الشريف، وتختلف مظاهر الاحتفال من بلد لآخر، ولكن تظل مظاهر الاحتفال المصرية التقليدية التاريخية من السمات المميزة للإحتفال بالمولد النبوي الشريف مثل الحلوى المولد وعروسة للفتيات الصغيرات، وفارس علي حصانه للصبية الصغار.

بدأت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف من عهد أول الخلفاء الفاطميين بمصر وهو المعز لدين الله، فتم عمل العرائس من الحلوي فى العصر الفاطمى، لدرجة أن الخليفة الحاكم بأمر الله ألغى أى مظاهر للاحتفالات ماعدا المولد فكان الناس ينتظرون المولد لعمل أفراحهم فيه ويعتقد أنه من هنا انتشرت عروسة المولد تيمنا بالزواج السعيد.

وفي رواية أخري قيل أن الحاكم بأمر الله كان يصطحب إحدى زوجاته للخروج معه في مولد النبي وهي ترتدي أجمل الثياب ومتزينة فقد كانت ترتدي فستانًا ناصع البياض، وتاجا من الياسمين فوق رأسها، حتى لمعت الفكرة عند صناع الحلوى، بصناعة عروسة من الحلوى على شكل زوجة الحاكم وتزينها.

وإلى جانب العروسة، انتشر أيضًا صناعة الحصان الذي يمتطيه فارس شاهرًا سيفه وخلفه علم يتغير بتغير الدولة الإسلامية، من الحلوى أيضًا، وهو كان يعبر عن شخص الحاكم بأمر الله، فقد كان "الحصان" يعد على مر العصور رمز الفروسية والرجولة والشجاعة، حيث كانت هذه القيم تزرع داخل الأطفال منذ الصغر.

عادة ما تكون الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف فى مصر بالذكر وقراءة القرآن وتناول الحلوى واحتفالات ومهرجان الدوسه الشهير، حيث يذكر المقريزى مؤرخ العصر المملوكى مصر أنه من مظاهر الاحتفالات بالمولد النبوى الشهير في عهد الخلفاء الفاطميون : "كان العامة يعدون الأطعمة الفاخرة فى منازلهم ويشترون الحلوى لأطفالهم من الأسواق فلا يبقى جليل ولا فقير حتى يبتاع منها لأهله وتمتلئ أسواق البلدين أى الفسطاط والقاهرة وأريافها من هذا الصنف ".

ومن أشكال الحلوى والتى عرفت حتى وقت قريب جدًا الحصان وعروسة المولد، والتى لم تعد من الحلوى الآن، حيث تأخذ أشكال حيوانات أخرى كالقطط والأسود، ومازالت حلوى المولد حتى الآن من مظاهر الاحتفال به، كما كان يقوم علية القوم فى هذا اليوم بالتصدق من المال حتى أن سناء الملك بن ميسر كاتب الإنشاء فى عهد الخليفة الفاطمى الأمر بأحكام الله كان يتصدق على الفقراء بـ ٤٠٠ رطل حلاوة وألف رطل خبز، ونلاحظ هنا كميه الحلاوة المتبرع بها نظرَا لأن من مظاهر الاحتفال بالمولد كان عمل الحلويات ، كما كانت مائدة الشعب لا تخلو من اصناف الحلويات طوال العام ومنها هذا اليوم مثل "الزلابية" والتى نعرفها بلقمة القاضى حاليا، بالإضافة إلى "النيدة" وهى محببه جدا لدى الشعب فى تلك الفترة وهى حلاوة تصنع من القمح وتشبه البالوظة.

كان توزع في هذا اليوم الشريف الحلوى فى صوانى تقرب من 300 صينية، وكان يختم القرآن أيضا بالجامع الازهر فى حضور قاضى القضاة وكبار رجالة الدولة الفاطمية ثم يتحرك بعد ذلك الموكب إلى قصر الخليفة فى طريق منظف ومفروش وممهد بالرمال، وربما جاء من هنا المثل الشهير "افرشله الأرض رمل".

أما في العصر الأيوبى، فهو عصر جهاد وحروب فلم يحتفل صلاح الدين بمثل تلك المظاهر والتى اعتبرها من مظاهر التشيع، ورغم ذلك، كان أول من احتفل بالمولد النبوي بشكل منظم في عهد السلطان صلاح الدين، الملك مظفر الدين كوكبوري حاكم أربيل، إذ كان يحتفل به احتفالاً كبيرًا في كل سنة، وكان يصرف في الاحتفال الأموال الكثيرة، والخيرات الكبيرة، حتى بلغت ثلاثمئة ألف دينار، وذلك كل سنة. وكان يصل إليه من البلاد القريبة من أربيل مثل بغداد، والموصل عدد كبير من الفقهاء والصوفية والوعّاظ، والشعراء، ولا يزالون يتواصلوا من شهر محرم إلى أوائل ربيع الأول. وكان يعمل المولد سنة في 8 ربيع الأول، وسنة في 12 ربيع الأول، لسبب الاختلاف بتحديد يوم مولد النبي محمد. فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئًا كثيرًا وزفّها بالطبول والأناشيد، حتى يأتي بها إلى الميدان، ويشرعون في ذبحها، ويطبخونها. فإذا كانت صبيحة يوم المولد، يجتمع الناس والأعيان والرؤساء، ويُنصب كرسي للوعظ، ويجتمع الجنود ويعرضون في ذلك النهار. بعد ذلك تقام موائد الطعام، وتكون موائد عامة، فيه من الطعام والخبز شيء كثير.

وعادت الاحتفالات في مصر بالمولد مرة أخرى فى العصر المملوكى وإذا كان الفاطميون ملوك المهرجانات فالمماليك سلاطينها، فأبدع السلطان قايتباى المملوكى الشهير خيمة المولد وكانت عجيبة بالقلعة وعند أبوابها حوض من الجلد ممتلئ بالسكر والليمون يوزع على الناس، ويشمل يوم الاحتفال قراءة القرآن والذكر والوعظ وتوزيع النقود والملابس، وفى وقت المغرب تمد موائد الحلوى ثم يبدأ المنشدون بمدح الرسول حتى وقت متأخر من الليل، وكان الأهالى يحتفلون كذلك فى بيوتهم بالمولد بالقرآن والانشاد مع وجود الآلات الموسيقية حتى النساء وبحفلات خيال الظل فى الشوارع والقرقوز، حتى النساء كن يقيمن احتفالات بإحضار الواعظات فى بيوتهن.

كان العثمانيون فى بداية حكمهم فى مصر ألغوا مظاهر الاحتفال ثم أباحوها لأهميتها للمصريين، حتي أنها أصبحت تقليد هام فى الآستانة، وحينما أراد نابليون التقرب للمصريين ساعد وشارك فى احتفال المولد النبوى بالأزبكية، وفى عصر أسرة محمد على يذكر الطبيب الشهير "كلوت بيه" مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى بالازبكية وموكب الدراويش السعدية.

تحرير .. سهر سمير فريد

الأكثر مشاهدة

Who's Online

570 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل