-
نشر بتاريخ: 28 تشرين1/أكتوير 2020
محزن أن يجد اليمنيين أنفسهم بعد ثلاث ثورات ووحده ،معنيون بالإجابة على سؤال كبير. ..؟! يتعلق بضرورة الثورة ومشكلة التغيير في اليمن .!!، خصوصا وأن الإنتصار
للمستقبل لم يتحقق بعد، ولا يلوح في الأفق ما يؤكد حدوث ذلك في المدى القريب، رغم حجم التضحيات الجسام التي قُدمت منذ إندلاع ثورتنا الأولى في ال26/ من سبتمبر 1962/م وحتى عام 2020/ العام التاسع بعد الثورة الثالثة التي اندلعت في 11/ فبراير عام 2011/ .
صحيح فيما يتعلق بمشكلة التغيير سوف نجد أن اليمنيين هم جزء أصيل أو مكون أساسي من أمه أو قومية قال عنها المفكر الكبير محمد جابر الانصاري في كتابه العرب والسياسية اين الخلل ( العربي يستطيع أن يهدم ما يريد لكنه لايستطيع أن يبني ما يريد ) إلا أنه مع هذه العمومية المتعلقة بالمشكلة التاريخية للعرب جميعاً، فإن المخاطر المتعلقة بمستقبل اليمن على وجه التحديد - كدولة ومجتمع وهوية إنتماء وحتى وحدة الجغرافية - أصبحت اليوم تفوق مخاطر أي قطر عربي على الإطلاق، مايعني أننا في مفترق طرق، مع العلم كما ذكرنا إن اليمنيين في خمسة عقود فقط أقاموا ثلاث ثورات ووحده مشروطة بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، زد على ذلك قيام حركة تصحيحة في الشمال وأخرى في الجنوب قامتا قبل إعلان دولة الوحدة بهدف تصحيح مسار الثوره في الشطرين، وبعد كل هذه التضحيات الجسام والشلالات من الدماء لم تتحول اليمن بعد إلى وطن كريم بمقتضى فكرة التغيير الثورية ! بل على العكس من ذلك أصبحت اليمن عام 2020 في مهب الريح لا دولة بالمطلق ولا حتى سلطة شرعية ولا سيادة وطنية ولا هوية إنتماء للفكرة الجامعة ولا أمن ولا استقرار ولا أدنى شروط مقبولة لحياة كريمة تجعل منك إنسان في هذا البلد المنحوس بنخبه السياسية على الدوام .
ربما تكون مسألة التباعد في الأسفار مازالت دعوة مستجابة وسارية المفعول في حق الأجيال من اليمنيين ( ربنا باعد بين أسفارنا ) لكنها اليوم مع تغيير المطالب والأهداف أصبحت تتعلق بسفرنا نحو الوطن الذي أصبحت طريقه أبعد سفرً في تجربتنا التاريخية والسياسية، فكلما اقتربنا بفعلنا الثوري من نقطة الوصول أو من ( عبور المضيق على حد وصف دكتور ياسين ) أو كنا قاب قوسين أو أدنى من ذلك ننتكس ونعود القهقري إلى المربع الأول، بل نزيد عليه في الإنتكاسة، ما يعني أننا في مسار الكفاح نحمل كل جيل أوزار من سبقوه من الأجيال وأوزار فشلنا في قيادة الثورة، وهذا بحد ذاته يعيق مسألة التراكم النوعي في مسار التغيير لصالح التراكم العددي في تشعبات المشكلة اليمنية .
في الماضي البعيد قال الإمام على لأصحابه = { أبعدكم سفراً من كان في صديق يرضاه } وإذا جاز لنا أن نقتبس من هذا العلم نستطيع القول هنا إن = { أبعد اليمنيين سفراً من كان مناضلا ً في سبيل وطن يرضاه في اليمن }
ربما كان هذا التباعد الطويل والمرهق في مسار الكفاح الطويل هو من يدافعنا دائماً نحو التفكير بالثورة أو يجعل منها ضرورة ً حتمية نختصر من خلالها طريق الوطن الذي نحلم به، ومع ذلك نجد الثورة - مرةً تلو الآخرى - تتوقف بنا وبأحلامنا في أول خطوة نخطوها مع فكرة التغيير في واقع الناس ، بمعنى آخر في أحسن الأحوال "تعمل الثورة في اليمن على تغيير الوجوه لكنها تفشل دائماً في تغيير التوجه" والفشل في تغيير التوجه يخدم الحكام أو النخب التي استهدفتهم الثورة منذي قبل، واكثر من ذلك يحدث في واقعنا ما يشبه رد الإعتبار لهم والترحم عليهم، لأن الفشل في تغيير التوجه خصوصا عندما يكون على إثر فعل ثوري نجح في تغيير الوجوه، نجده من جهة أولى يضاعف المعانات بين الناس هذا اذا لم يخلق تشعبات لم تكن في الحسبان كما هو الحال في اليمن، وهو ما يدفع البسطاء ممن عاشوا الحدث إلى الكفر بفكرة الثورة نفسها ، دون أن يهمهم الحديث في أسباب ومسببات فشل التغيير، وكأن لسان حالهم يقول : ماكان يجب أن نثور من الأساس على حاكمنا !
ربما هذا ما دفع العلماء في الماضي إلى الفتوى بعدم جواز الخروج على الحاكم الظالم وإن "جلد ظهرك أو أخذ مالك" خصوصا وأن الخروج يومها كان يأتي بما هو أسوأ ، أو بمنكر أكبر مما كان قبل الخروج، ومن جهة ثانية فإن فشل الثورة في تغيير التوجه تجعل من الشباب القادمين بعد عشرين أو ثلاثين سنة غير معفين من مشقة التفكير بالثورة والقيام بها بموجب فاتورة التضحيات التي قدمها الأولين، فلسان الحال مع هؤلاء القادمين يقول إن واقع الإنسان لم يتغير لهذا تتناسخ الثورات من داخلها ويكثر فيها التضحيات الجسام، ومع ذلك تظل كل ثورة قابلة لتصحيح مسارها من ثاني يوم اندلاعها .
في اعتقادي أنه قد حان الوقت لكي ياخذ عقلنا السياسي نفساً عميقاً ثم نعترف جميعاً بأننا خلال خمسة عقود من النضال أنتجنا قوى ونخب وأحزاب قادرة على تفجير ثورات تسقط الوجوه الحاكمة أو الظالمة، لكننا جميعاً لم ننجح في إنتاج قوى أو نخب أو أحزاب قادرة على تغيير التوجه وخوض معركة المستقبل الذي يعفي الأجيال القادمة من مشقة التفكير بالثورة، لهذا الإخفاق المتكرر نعيش ما نحن فيه اليوم، وسوف نستمر مالم نقف ونعتكف على دراسة وتحليل وتفكيك مشكلة التغيير في اليمن، خصوصا وقد أصبحت عصية على فعل الثورات المتكررة .
عندما تفشل الثورات في تغيير واقع الإنسان فإنه لا يبقى لهذا الأخير في وجه الإحباط سوى الاحتفال بذكرى ثورة لم يعد مشروعها الثوري ناظم لحياته أو مؤسساً لمستقبل أبناءه كما هو الحال في اليمن التي تحتفل في كل عام بذكرى سبتمبر واكتوبر وفبراير، في حين أن مشروعها الثوري لم يحكم بعد حتى منصة الإحتفال، ناهيك أن واقع المحتفلين مازال محتاج لأف ثورة وثورة !!!
شخصياً انتابني هذا الشعور ليلة إيقاد الشعلة في مدينة تعز بذكرى ثورة ال26/ من سبتمبر 1962/م، فبعد 58 عام من الإحتفال بالذكرى نعود اليوم إلى نقطة البداية، وهذا ما دفعني إلى التفكير بسؤال يتعلق بضرورة الثورة ومشكلة التغيير في اليمن
فهمي محمد عبدالرحمن
الأكثر مشاهدة
Who's Online
59 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة