عندما تتكرر الثورات تباعاً - كما هو الحال في اليمن - ويتعثر مع هذا التكرار فكرة التغيير السياسي والإجتماعي والإقتصادي وحتى الثقافي بالمعنى الذي يجمد البلدان على

تضاريس الجغرافية بل يجعل منها أي -البلدان- حالة موضوعية ممانعة لفكرة الأوطان والمواطنة، فذلك يعني أن الفعل السياسي في هذا المجتمع مايزال غير قادر على تجاوز مشكلة السلطة ومحنتها مع فكرة التغيير، ناهيك عن كون أصحابه مايزالون يفكرون في السلطة كغاية بذاتها وليس كوسيلة نضالية في مسار التغيير والتحولات التأريخية ، بمعنى آخر أن فكرة الدولة والديمقراطية لم تتحولا بعد إلى قيمة نضالية لتلك النخب السياسية أو الحزبية التى تتخلق أو تبرز في معترك الفعل الثوري المتكرر أو تلك التي تصل إلى سلطة الثورة وتتولى مقاليد الحكم بعد الثورة .

في أي مجتمع نجد الثورة بحد ذاتها تبدأ بفعل ثوري يعمل على رفض واقعاً ما بأدوات سلمية أو عنيفة، وهذا ما يجعل الثورة في غالب الأحوال مفتوحة على مصراعيها أمام كل القوى والمكونات الطامحة في تحسين وضعها بما فيها تلك القوى التي تجيد دائماً سرقة الثورات، لكن فكرة التغيير بالمعنى الذي يحول الثورة إلى مشروع سياسي / مدني / ووطني محقق الوجود في واقع الناس، نجدها على الدوام ترتبط بنجاعة العقل السياسي الذي يدير المشهد بعد إندلاع الثورة، أو يتولى مقاليد سلطتها في معترك التغيير ، ما يعني أن الثورة بمقياس فكرة التغيير يجب أن لا تخلق قوى بديلة تتولى مقاليد السلطة كما هو الحال في اليمن التي تخوض اليوم معركتها مع الانقلابات المتناسلة على ثورتها الثالثة، بل يجب أن تخلق واقعاً متغيراً نحو المستقبل الذي يلغي حالة الجمود السياسي والإجتماعي وينسجم بالضرورة مع أحكام الصيرورة الثورية التي تجعل المجتمع بشكل عام وبكل مكوناته أمام تحولات تاريخية ، تحتفل معها كل المكونات وجدانياً وعملياً بأدانة الماضي أكثر مما تحتفل كل عام في ذكرى الثورة بالمعنى الذي يذكرنا باسقاط نظام أو حاكم من على كرسي السلطة .

في إعتقادي أن حديثنا عن الثورة سوف يكون أكثر تصويباً في مسألة التقيم السياسي لمسار الثورات المتكررة في اليمن، لو تمكن فعلنا السياسي من إعادة تعريف الثورة بناء على ثنائية الفعل الثوري والمشروع الثوري بمقياس فكرة التغيير نفسها، حينها سوف نكتشف أننا في اليمن منذ ثورة ال26 من سبتمبر 1962/ وحتى ال11 من فبراير 2011/ نثور على واقعنا ونضحي من أجل تغيره بكل شجاعة، ثم ننتج في آخر المطاف قوى بديلة للحكم وليس واقعاً سياسياً وإجتماعياً متغيراً، ما يعني في النتيجة أننا ننجح في مهمة الفعل الثوري لكننا نفشل دائما في تطبيق مشروع الثورة وتلك معضلة التغيير الثوري في اليمن

تحرير ... فهمي محمد عبد الرحمن

الأكثر مشاهدة

Who's Online

135 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

الصحة

الدائرة الأخيرة

فيديو كاسل جورنال

الدائرة الأخيرة  

الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى

 الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا

 كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة

عنوان الجريدة

  • 104-ش6-المجاورة الأولى-الحى الخامس-6أكتوبر
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 01004734646

إصدارات مجموعة كاسل