صراع المناخ والمسافات: هل تنجو اللوجستيات العملاقة من فخ الحرارة في مونديال 2026؟
لندن، المملكة المتحدة – 4 ديسمبر 2025
يستعد عالم كرة القدم للحدث الرياضي الأضخم على الإطلاق: بطولة كأس العالم 2026، التي تستضيفها للمرة الأولى ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
ورغم الترقب الحماسي لـ “المونديال العملاق” الذي يضم 48 منتخبًا، بدأت تظهر تحديات جوهرية قد تهدد سلامة اللاعبين والمشجعين وتلقي بظلالها على التجربة التنظيمية ككل.
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ستنجو اللوجستيات العملاقة للبطولة من فخ الحرارة الشديدة وطول المسافات القياسية بين المدن المضيفة؟
هذا الصراع بين المناخ والمسافات يمثل عقبة تنظيمية غير مسبوقة يجب على الفيفا والمنظمين المشتركين معالجتها لضمان أن تسير “الثورة التنظيمية” المأمولة بنجاح.
نقاط رئيسية: التحديات البيئية واللوجستية لمونديال 2026
تهديد الحرارة المرتفعة:
يتوقع وصول درجات الحرارة إلى مستويات خطيرة في بعض المدن المضيفة صيفاً، مما يشكل خطراً مباشراً بحدوث إجهاد حراري وضربات شمس للاعبين والمشجعين.
تحدي المسافات:
ستقام 104 مباراة في 16 مدينة تمتد عبر ثلاث مناطق زمنية مختلفة، مما يفرض أعباء سفر هائلة على المنتخبات والمشجعين، ويزيد من البصمة الكربونية للبطولة.
تكيف اللاعبين:
صعوبة تكيف اللاعبين مع التباين المناخي وتغير المنطقة الزمنية، مما يؤثر على الأداء والتعافي من الإجهاد.
قلق البصمة الكربونية:
مع زيادة عدد المباريات والمسافات الجوية، يرتفع القلق بشأن التأثير البيئي للبطولة، رغم وعود المنظمين بالاستدامة.
الإدارة اللوجستية الضخمة:
الحاجة إلى تنسيق حركة ملايين المشجعين والفرق بين ثلاث دول بقوانين ولوائح جمركية مختلفة، مما يتطلب خطة إدارة حدود غير مسبوقة.
خطر الإجهاد الحراري في الملاعب
تُعد قضية الحرارة التحدي الأبرز والأكثر خطورة. ففي شهري يونيو ويوليو، وهي الفترة التي ستُقام فيها البطولة، تشهد مدن أمريكية ومكسيكية مثل دالاس وفينيكس ومونتيري درجات حرارة تتجاوز الـ 40 درجة مئوية بشكل روتيني.
هذا الارتفاع الحاد، مقترناً بمستويات الرطوبة العالية في بعض المناطق، يجعل ممارسة كرة القدم عالية الأداء في منتصف النهار أمراً بالغ الخطورة.
وقد دعا الأطباء الرياضيون الفيفا إلى تطبيق بروتوكولات صارمة للمواجهة، تشمل منح فترات توقف إضافية إلزامية لـ “ارتواء اللاعبين” خلال الشوطين، وربما تعديل مواعيد انطلاق بعض المباريات لتقام في وقت متأخر جداً من المساء. الفشل في معالجة هذه المخاطر البيئية قد يؤدي إلى إصابات خطيرة للاعبين ويشوه سمعة البطولة.
المسافة: “المونديال عبر القارات”
على الجانب اللوجستي، تعتبر المسافات بين المدن المضيفة غير مسبوقة في تاريخ كأس العالم. فمن مدينة فانكوفر الكندية شمالاً إلى مونتيري المكسيكية جنوباً، قد تضطر بعض المنتخبات للسفر مسافة تصل إلى 4000 كيلومتر بين مباراة وأخرى. هذا الأمر له تأثيران سلبيان رئيسيان:
إجهاد اللاعبين:
السفر عبر مناطق زمنية متعددة (ثلاث مناطق زمنية) يخل بـ الساعة البيولوجية للاعبين ويقلل من وقت التعافي، مما يزيد من فرص الإصابات ويؤثر سلباً على مستوى الأداء الفني في المراحل المتقدمة.
التكلفة البيئية:
مع زيادة عدد الرحلات الجوية المطلوبة لنقل الفرق، الحكام، وملايين المشجعين، ترتفع البصمة الكربونية الإجمالية للحدث بشكل كبير. وقد واجه الفيفا ضغوطاً لتقديم خطة فعالة وملموسة لـ تعويض الكربون والوفاء بوعوده المتعلقة بـ الاستدامة البيئية.
التحديات اللوجستية على الحدود
إلى جانب المناخ، يواجه المنظمون تحدياً لوجستياً فريداً يتمثل في التنسيق بين ثلاثة أنظمة جمركية وقانونية مختلفة.
حيث سيحتاج المشجعون والمنتخبات إلى التعامل مع تأشيرات دخول وقوانين هجرة معقدة أثناء تنقلهم بين الولايات المتحدة، كندا، والمكسيك. أكدت الحكومات الثلاث أنها تعمل على إنشاء مسارات سفر مبسطة للمشجعين الذين يحملون تذاكر المباريات، ولكن التفاصيل التنفيذية لا تزال قيد الإعداد، مما يترك مجالاً كبيراً للغموض والقلق لدى المشجعين الدوليين.
في الختام، بينما يعد مونديال 2026 بتوسعة مثيرة لكرة القدم، فإن النجاح الحقيقي للبطولة سيعتمد على مدى قدرة الفيفا واللجنة المنظمة على التغلب على هذه التحديات اللوجستية والبيئية الهائلة ببراعة وسلامة.
