أوقفوا تدفق الموت: لماذا يعتبر “إغلاق الحدود” هو الحل الوحيد لإنهاء الإبادة الجماعية في السودان
بقلم: هيئة تحرير CJ Global
بينما يجلس الدبلوماسيون في القاعات المكيفة في جنيف وجدة لمناقشة “مسودات وقف إطلاق النار”، يستمر الموت في التدفق عبر الصحراء الكبرى ليلتهم ما تبقى من السودان.
الحقيقة المرة التي يتجاهلها العالم عمداً هي أن الحرب في السودان ليست مجرد نزاع داخلي يمكن حله بالمصافحات، بل هي حريق يتم تغذيته يومياً بالوقود الخارجي. إن استمرار تدفق قوافل السلاح والمال والمرتزقة عبر الحدود الغربية والشمالية الغربية للسودان يعني شيئاً واحداً فقط:
أن المجتمع الدولي، بصمته المريب، هو “شريك صامت” في الجرائم التي ترتكب في الفاشر والخرطوم. اليوم، وبناءً على الحقائق الدامغة، نعلنها صراحة: لا سلام في السودان دون قرار دولي ملزم بإغلاق الحدود ومراقبتها بقوة القانون الدولي.
أبرز نقاط الموقف (Headline Points):
وهم الحل السياسي:
أي حديث عن تسوية سياسية يظل “حبراً على ورق” طالما أن أطراف الصراع تضمن تدفقاً مستمراً للذخيرة والعتاد يغنيها عن الجلوس للتفاوض.
التواطؤ الدولي:
غض الطرف عن المطارات والممرات البرية في دول الجوار الغربية التي تحولت إلى منصات لوجستية للحرب يعد انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح.
المسؤولية الأخلاقية:
المجاعة في دارفور ليست كارثة طبيعية، بل هي “سلاح حرب” يتم شحذه يومياً عبر الإمدادات التي تصل للمحاصرين للمدن بدلاً من الغذاء والدواء.
الحل الجذري:
الدعوة لفرض رقابة أممية صارمة (تحت البند السابع) على المثلث الحدودي (السودان-تشاد-ليبيا) واستخدام الأقمار الصناعية لفضح الممولين ومعاقبتهم.
لا يمكنك إطفاء الحريق وأنت تصب الزيت
إن المنطق البسيط يقول إنه لا يمكن لرجل إطفاء أن يخمد حريقاً بينما يقف شخص آخر خلفه يصب الزيت على النار. هذا بالضبط ما يحدث في السودان. قوات الدعم السريع، ورغم خسائرها البشرية الهائلة، لا تعاني من نقص في الرصاص أو القذائف أو حتى الوقود.
من أين يأتي كل هذا في بلد منهار اقتصادياً؟
الإجابة باتت معروفة للقاصي والداني، وقد كشفتها تقارير الخبراء وتحقيقاتنا الاستقصائية في Castle Journal.
هناك “جسر جوي وبري” مفتوح، ينقل الموت من عواصم إقليمية ومطارات حدودية مباشرة إلى صدور السودانيين. استمرار هذا الإمداد يعني منح “شيك على بياض” لاستمرار القتل، ويعطي أمراء الحرب شعوراً كاذباً بالقدرة على الحسم العسكري، مما يقتل أي رغبة حقيقية في السلام.
نفاق المجتمع الدولي
إنه لمن العار أن تمتلك القوى العظمى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وروسيا) أقماراً صناعية قادرة على رصد “نملة” في الصحراء، لكنها تدعي العجز عن رصد أرتال من مئات الشاحنات المحملة بالسلاح تعبر الحدود جهاراً نهاراً.
هذا “العمى الاستراتيجي” المصطنع ليس عجزاً تقنياً، بل هو قرار سياسي. يبدو أن بعض القوى الدولية تفضل استمرار حالة “اللاغالب واللامغلوب” لإنهاك السودان وجيشه ومقدراته، ليسهل لاحقاً السيطرة عليه أو تقسيمه.
إن البيانات القلقة التي تصدرها العواصم الغربية لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، ما لم تقترن بإجراءات عقابية حقيقية ضد الدول والأنظمة التي تسهل عبور السلاح.
الحل: “حظر جوي وبري” شامل
إننا في Castle Journal، ومن منطلق مسؤوليتنا الأخلاقية، نطرح خارطة طريق عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه:
تفعيل البند السابع:
يجب على مجلس الأمن إصدار قرار فوري بفرض حظر شامل وملزم لتوريد السلاح لكافة الأطراف غير الحكومية في السودان، مع آلية تنفيذية واضحة.
مراقبة الحدود:
نشر بعثة مراقبة دولية (أو استخدام التكنولوجيا المتطورة) لمراقبة المعابر الحدودية مع تشاد وليبيا وجنوب السودان، وأي طائرة أو قافلة تدخل دون تفتيش أممي يجب اعتبارها هدفاً معادياً أو خرقاً يستوجب العقاب.
العقوبات الثانوية:
يجب على واشنطن ولندن وبروكسل فرض عقوبات اقتصادية قاسية، ليس فقط على قادة الحرب، بل على “الوسطاء الماليين” والدول والشركات التي يثبت تورطها في تمويل أو نقل العتاد الحربي. يجب أن يكون ثمن دعم الحرب في السودان باهظاً جداً على الرعاة الإقليميين.
الضغط على دول الجوار الغربيه ليبيا و الجزائر و تشاد :
يجب ممارسة ضغط دبلوماسي واقتصادي حقيقي على الحكومات المجاورة (خاصة في إنجادينا وطرابلس) لإغلاق ممراتها، تحت طائلة العزلة الدولية.
التاريخ يراقب ويسجل
إن ما يحدث في الفاشر والخرطوم والجزيرة ليس مجرد صراع على السلطة، بل هو عملية تدمير ممنهج لدولة عريقة وشعب مسالم. التاريخ لن يرحم أولئك الذين امتلكوا القدرة على إغلاق “صنبور الموت” واختاروا المشاهدة.
إن مفتاح الحل ليس في الخرطوم المحترقة، بل في إغلاق الأبواب التي تهب منها رياح السموم.
أوقفوا السلاح.. تتوقف الحرب.
أوقفوا تدفق المال.. يتوقف تجنيد المرتزقة.
غير ذلك، فإن العالم يشارك بصمته في صناعة أكبر مقبرة جماعية في أفريقيا.



