لغز رحلة غزة: جنوب أفريقيا تحقق في وصول 153 فلسطينيًا من منطقة النزاع “المريب”

جوهانسبرج / جنوب أفريقيا – ١٧ نوفمبر 2025

انكشف لغز دولي كبير وحادث دبلوماسي في بريتوريا، جنوب أفريقيا، بعد أن هبطت طائرة مستأجرة تقل 153 فلسطينيًا من غزة بشكل مفاجئ في جوهانسبرغ دون وثائق سفر سليمة، مما أثار على الفور تحقيقًا حكوميًا رفيع المستوى. أطلق الرئيس سيريل رامافوزا وهيئة إدارة الحدود (BMA) تحقيقًا لتحديد منشأ الرحلة وتفاصيلها اللوجستية، والتي يخشى الكثيرون أن تكون مرتبطة بشبكة غير مسجلة تسعى إلى استغلال الوضع الإنساني المتردي في غزة لدفع أجندة التهجير. يُسلط هذا الوصول المريب الضوء على الديناميكيات السياسية المتوترة المحيطة بحركة الفلسطينيين خارج منطقة النزاع.

هبطت الطائرة في مطار أو آر. وصل 153 راكبًا، بينهم رجال ونساء وأطفال، إلى مطار تامبو الدولي في جوهانسبرغ صباح الخميس، بعد عبورهم نيروبي، كينيا. احتُجز الركاب البالغ عددهم 153 راكبًا – رجالًا ونساءً وأطفالًا، من بينهم امرأة حامل في شهرها التاسع – على متن الطائرة على المدرج لأكثر من 12 ساعة. وصرح مفوض الهيئة الطبية البريطانية، مايكل ماسياباتو، بأن المجموعة مُنعت في البداية من الدخول بسبب تناقضات كبيرة:

اولها عدم وجود أختام المغادرة المعتادة من السلطات الإسرائيلية في جوازات سفرهم، وعدم تمكنهم من تحديد مدة إقامتهم، وعدم وجود تذاكر عودة أو تفاصيل عن إقامتهم في جنوب أفريقيا.

دور “المنظمة غير المسجلة”

تعقدت الحادثة سريعًا بسبب تضارب الروايات حول كيفية ترتيب الرحلة. أصدرت السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا بيانًا عاجلًا، أدانت فيه ترتيبات السفر. وأوضحت السفارة صراحةً أن الرحلة نُظمت من قِبل “منظمة غير مسجلة ومضللة” استغلت الظروف الإنسانية المأساوية لأهلنا في غزة، وخدعت العائلات، وجمعت الأموال منهم، وسهلت سفرهم بطريقة غير نظامية وغير مسؤولة. واتُّهمت المجموعة بمحاولة التنصل من أي مسؤولية عندما طرأت تعقيدات على الحدود الجنوب أفريقية.

أقرّ رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، علنًا بالجدل، قائلاً إن الفلسطينيين وُضعوا على متن الطائرة “بشكل غامض”، ويبدو أنهم “يُطردون” من غزة.

ونُقل عن أحد الركاب، لؤي أبو سيف، قوله إن إسرائيل ساعدت في تسهيل نقل المجموعة، وأنه غادر غزة مع عائلته دون معرفة وجهتهم النهائية حتى المرحلة الثانية من الرحلة من نيروبي.

صرح مسؤول عسكري إسرائيلي لاحقًا بأن المغادرة سُهِّلت بعد الحصول على موافقة من دولة ثالثة لم يُسمَّها لاستقبالهم.

وبحسب ما ورد، تولَّت منظمة تُعرف باسم “المجد” عملية التنسيق. وقد أثار هذا التقاء الحركة غير المنظمة، واليأس الإنساني، والتسهيلات غير النظامية المشتبه بها، مخاوف من وجود مخطط تهجير سري.

التدخل الإنساني والحل

أثار احتجاز الركاب المطول على متن الطائرة، التي أُفيد بأنها كانت شديدة الحرارة وبدون طعام أو ماء كافيين، إدانة فورية من منظمات حقوق الإنسان المحلية.

ولم يُحَلَّ الوضع إلا بعد تدخل مؤسسة “هبة الواقفين”، وهي منظمة إغاثة إنسانية جنوب أفريقية رئيسية. وعرض مؤسسها، امتياز سليمان، توفير السكن والرعاية للمسافرين.

ولأسباب إنسانية، وبدعم من وزارة الداخلية، سمحت الهيئة الطبية البريطانية في نهاية المطاف بدخول 130 فلسطينيًا بموجب الإعفاء القياسي من التأشيرة لمدة 90 يومًا الذي يتمتع به حاملو جوازات السفر الفلسطينية في جنوب أفريقيا.

سُمح للأفراد الـ 23 المتبقين بالمرور إلى وجهات نهائية أخرى، وأفادت التقارير أن بعضهم يحمل تأشيرات لدول مثل كندا وأستراليا وماليزيا. ورغم قرار منع الدخول، تعهدت حكومة جنوب أفريقيا بأن تواصل وكالة الاستخبارات ووزارة الداخلية التحقيق في ملابسات الرحلة ومصدرها، بما في ذلك أنشطة المنظمة الوسيطة وعدم وجود وثائق خروج سليمة. كما أعربت السلطة الفلسطينية عن امتنانها لجنوب أفريقيا لقبولها مواطنيها، لكنها أصدرت تحذيرًا شديد اللهجة ضد الجهات المتورطة فيما وصفته بالاتجار بالبشر واستغلال الظروف المزرية في غزة.

نقاط رئيسية

بدء التحقيق:

أمر رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بإجراء تحقيق في وصول 153 فلسطينيًا من غزة “الغامض” وغير الموثق إلى مطار أو آر تامبو الدولي.

عدم وجود وثائق:

احتُجز الركاب لمدة 12 ساعة بعد هبوطهم دون أختام مغادرة إسرائيلية أو تذاكر عودة أو تفاصيل إقامة.

المُنظِّم المُتَّهم:

صرَّحت السفارة الفلسطينية بأنَّ الرحلة رُتِّبت من قِبَل “منظمة غير مُسجَّلة ومُضلِّلة” خدعت العائلات وجمعت الأموال منها.

“الطرد”:

ألمح الرئيس رامافوزا إلى أنَّ الحادث يبدو محاولةً “لطرد” الفلسطينيين من غزة.

تصريحٌ إنساني:

منحت هيئة الطب البنغلاديشية في النهاية إعفاءاتٍ من تأشيرة الدخول لمدة 90 يومًا لـ 130 من الركاب لأسبابٍ إنسانية بعد أن وافقت مؤسسة “هبة المُعطين” على توفير الإقامة.