شراكة و تعاون شامل ضخم مع توقيع اتفاقيات قمة مصر و الاتحاد الأوروبي. في إطار قمة تاريخية عُقدت ، الأربعاء الموافق 22 أكتوبر 2025، في بروكسل، بلجيكا، شهدت العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي قفزة نوعية بإعلان القادة عن حزمة شراكة استراتيجية وشاملة، تركز بشكل كبير على توسيع آفاق التعاون في الطاقة الخضراء والتحول الاقتصادي. هذه الشراكة تهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كشريك استراتيجي رئيسي للاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط والمتوسط، وكدولة محورية في ضمان الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك الدعوة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة.
قرارات قمة مصر والاتحاد الأوروبي (22 أكتوبر 2025)
- دعم اللاجئين والهجرة: تفعيل حزمة الـ 200 مليون يورو المخصصة لشق الهجرة ضمن الشراكة الاستراتيجية، لدعم جهود مصر في استضافة اللاجئين ومعالجة الهجرة غير النظامية.
- الدعم المالي والتنموي: إعلان الاتحاد الأوروبي عن دعم مالي إضافي بقيمة 110.5 مليون يورو في عام 2025 لتعزيز التنمية المستدامة والحوكمة الاقتصادية والتدريب المهني.
- التعاون الأمني: مواصلة التعاون المشترك لمعالجة الهجرة غير النظامية وتفعيل التعاون في مجال العودة وإعادة القبول للمهاجرين بطريقة كريمة ومنسقة.
- الهجرة الشرعية وشراكة المواهب: تعزيز الالتزام بإنشاء مسارات آمنة ومنظمة لضمان الهجرة الشرعية، لا سيما من خلال دعم تفعيل “شراكة المواهب” التي تحقق منافع متبادلة.
- شراكة في البحث العلمي: التوقيع على اتفاقية انضمام مصر كدولة شريكة في برنامج “أفق أوروبا” (Horizon Europe) للبحث والابتكار.
اللاجئون والأوضاع الإنسانية: الدعم المالي وتفعيل المشروعات
كان ملف اللاجئين وأوضاعهم في مصر محوراً رئيسياً للمباحثات، حيث تستضيف مصر حالياً أعداداً ضخمة من اللاجئين والمهاجرين من جنسيات مختلفة. وشدد البيان المشترك الصادر عن القمة على “مواصلة التعاون لدعم جهود مصر في استضافة اللاجئين، على النحو المنصوص عليه في الشراكة الاستراتيجية والشاملة”.
في خطوة عملية، تم الإعلان عن تفعيل المشروعات الرئيسية الممولة من الاتحاد الأوروبي في إطار حزمة الـ 200 مليون يورو المخصصة للشق الخاص بالهجرة. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ أولى هذه المشروعات في الفترة 2025/2026. هذا الدعم يهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية والبنية التحتية والخدمات الأساسية المقدمة للمجتمعات المضيفة للاجئين في مصر.
كما تضمنت القرارات التزاماً بمواصلة معالجة الهجرة غير النظامية بطريقة منسقة ومسؤولة، مع دعم الانتقال نحو نظام لجوء وطني يحترم حقوق المهاجرين واللاجئين احتراماً كاملاً، وفقاً للمعايير والقواعد القانونية الدولية ذات الصلة. كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال العودة وإعادة القبول وإعادة الإدماج المستدام للمهاجرين بطريقة كريمة ومنسقة ومتوافقة مع الالتزامات الوطنية والدولية.
آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي

إلى جانب ملف الهجرة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية عن تخصيص دعم مالي من الاتحاد الأوروبي في عام 2025 بقيمة 110.5 مليون يورو لتعزيز التنمية المستدامة في مصر. هذا التمويل سيخصص لدعم الحوكمة الاقتصادية، والتدريب المهني والتقني، وتعزيز المهارات اللازمة لوظائف المستقبل، وهو ما يصب بشكل مباشر في جهود الحكومة المصرية لرفع كفاءة القوى العاملة وتحقيق نمو اقتصادي شامل.
كما اتفقت مصر والاتحاد الأوروبي على توسيع الشراكة الاستراتيجية لترسيخ إطار عمل جديد للتعاون، لا سيما في مجالات التحول الأخضر والطاقة المتجددة، وتشجيع الاستثمارات الأوروبية في مصر، وتقديم أدوات ضمان للمستثمرين لتشجيع المشاركة طويلة الأمد. وتأتي هذه القرارات لتؤكد على الدور المتنامي لمصر كشريك اقتصادي موثوق للاتحاد الأوروبي.
كما وقع الجانبان على اتفاقية انضمام مصر كدولة شريكة في برنامج “أفق أوروبا” للبحث والابتكار، وهو ما سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون العلمي والتكنولوجي بين المؤسسات المصرية والأوروبية، بما في ذلك التدريب في مجال التوعية بالمجال البحري من خلال مشروع CRIMARIO الممول من الاتحاد الأوروبي.
البعد الإقليمي: الدعوة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة
تزامناً مع بحث ملف اللاجئين، تناولت القمة الأوضاع الإقليمية المتوترة، لا سيما النزاع في غزة. وقد دعا كل من الرئيس السيسي والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي إلى تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة كافية ومستدامة. وأكد القادة على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة ليبيا، وضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها، مما يعكس توافقاً في الرؤى المصرية والأوروبية حول ضرورة معالجة جذور عدم الاستقرار التي تؤدي إلى موجات النزوح واللجوء.
إن القرارات التي أسفرت عنها القمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وتُعتبر اعترافاً أوروبياً بالدور المحوري لمصر في استقرار المنطقة، وبما تتحمله من أعباء كبيرة في استضافة اللاجئين وضبط حدود الهجرة غير النظامية.


