مراكش – سي جاي العربيّة
تألقت مدينة مراكش المغربية هذا الأسبوع في حُلّة فنية ساحرة مع انطلاق الدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش 2025، وسط حضور واسع لنجوم السينما من العالمين العربي والغربي، ومشاركة أكثر من ٨٠ فيلمًا من ٤٠ دولة، ما جعل الحدث منصة ثقافية عالمية للحوار بين الشرق والغرب.
وشهدت ساحة جامع الفنا التاريخية أجواء احتفالية استثنائية في افتتاح المهرجان، حيث عبر السجاد الأحمر المخرجون والنجوم وسط تصفيق الحشود وعدسات الإعلام. وجاء شعار الدورة الجديدة:
«السينما تجمعنا»
ليؤكد على رسالة الفن السابع كجسر للتواصل الإنساني في عالم مضطرب.
وقدّمت لجنة التحكيم برئاسة المخرج الفرنسي لوك بيسون برنامجًا متنوعًا جمع بين الإنتاجات السينمائية الضخمة والأفلام المستقلة ذات الطابع الإنساني والاجتماعي، بينما شاركت السينما العربية بقوة من خلال أفلام من مصر، تونس، لبنان، السعودية والمغرب، حاملة معها رؤى جريئة حول الهوية والتحولات المعاصرة في المجتمعات العربية.
الفيلم المصري «نهايات هادئة» للمخرج الشاب كريم نادر حظي بإعجاب النقاد بفضل لغته البصرية العالية ومعالجته العميقة لقضية العزلة والبحث عن الذات، فيما فاز الفيلم المغربي «ظل الواحة» بجائزة الجمهور لتجسيده روح الصحراء وعلاقة الإنسان بالبيئة في إطار شعري مؤثر.
أما من أوروبا، فقد قدّمت السينما الفرنسية فيلم «نهر الوقت» الذي يتناول فلسفة الذاكرة والزمن بأسلوب سينمائي تجريبي، بينما خطف الفيلم الإسباني «أغنية للسماء» الأنظار بجمال تصويره وموسيقاه التي تمزج بين الطابع اللاتيني والروحي.
وخلال الندوات الموازية، ناقش المهرجان موضوع «مستقبل السينما في عصر الذكاء الاصطناعي» بمشاركة خبراء وتقنيين من بريطانيا واليابان والإمارات، حيث طُرحت رؤى حول العلاقة بين الإبداع الإنساني والتقنيات الحديثة دون أن تطغى الآلة على روح الفن.
وفي كلمتها خلال الافتتاح، أكدت الأميرة لالة حسناء أن المهرجان أصبح «رمزًا للتلاقي الثقافي ونافذةً مشرقة تُطل منها المغرب على العالم»، مشيرة إلى أن السينما «ليست ترفًا فنيًا بل لغة عالمية لصياغة الوعي الإنساني المشترك».
ولم تغب القضايا الإنسانية عن السجادة الحمراء، إذ خُصصت جوائز للأفلام التي تناولت قضايا اللاجئين والبيئة وتمكين المرأة، ما يعكس التحول الذي يشهده المهرجان نحو دور أكثر مسؤولية وتأثيرًا في المجتمع.
واختُتمت فعاليات اليوم الثالث بحفل موسيقي كبير شاركت فيه أوركسترا الرباط السيمفونية مع فنانين من إفريقيا وأوروبا، في لوحة فنية جسّدت روح التنوّع والوحدة الثقافية التي تميّز مراكش عن غيرها من العواصم الفنية.
ومع اقتراب موعد إعلان الجوائز الكبرى، يؤكد منظمو المهرجان أن الهدف الأسمى ليس المنافسة بل الاحتفاء بسحر السينما كقوة توحّد المشاعر الإنسانية وتفتح آفاق الحوار بين الشعوب.