لندن – طوكيو – سي جاي العربيّة
في ظلّ مشهد عالمي تتشابك فيه الأزمات السياسية والمالية، سجّل الذهب قفزة جديدة إلى أعلى مستوياته التاريخية، متجاوزًا حاجز ٢٥٨٠ دولارًا للأونصة في تداولات اليوم، مدعومًا بتصاعد القلق من اضطراب الأسواق عقب استقالة رئيس الوزراء الفرنسي، والنتائج غير الحاسمة في الانتخابات اليابانية التي أفرزت برلمانًا منقسمًا.
وفي الوقت نفسه، واصلت العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين، صعودها اللافت متخطية مستوى ٧٩ ألف دولار، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس الماضي، مدفوعة بتزايد إقبال المستثمرين على الأصول البديلة كملاذٍ من تقلبات البورصات العالمية.
وقال محلّلون ماليون في لندن لـ«سي جاي العربيّة» إن الأسواق تشهد «مرحلة توتر هي الأكبر منذ منتصف 2024»، إذ تتزايد المخاوف من ركود اقتصادي عالمي محتمل، في وقت تتجه فيه البنوك المركزية إلى تشديد السياسات النقدية لكبح التضخم.
وفي طوكيو، أثارت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة قلق المستثمرين بعد أن فقد الحزب الحاكم أغلبيته الضئيلة، ما يهدد استقرار الحكومة الجديدة ويعقّد خطط الإنفاق والدعم المالي. ونتيجة لذلك، تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوياته منذ ثلاثة عقود، ما زاد من تدفقات السيولة نحو الذهب والبيتكوين.
من جهة أخرى، ساهمت الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، وارتفاع أسعار النفط فوق ٩٥ دولارًا للبرميل، في تعزيز الطلب على الأصول الآمنة، خاصة بعد تصريحات من منظمة «أوبك+» عن نية تمديد خفض الإنتاج حتى الربع الأول من العام المقبل.
وفي أوروبا، أدّت حالة عدم اليقين السياسي في فرنسا، ومخاوف من تباطؤ اقتصادي في ألمانيا، إلى تراجع جماعي في مؤشرات الأسهم الأوروبية، فيما حذّر خبراء من أن استمرار هذا الاتجاه قد يدفع البنك المركزي الأوروبي إلى مراجعة خططه المتعلقة بأسعار الفائدة.
البيتكوين من جانبه استفاد من عودة المستثمرين الأفراد والمؤسسات إلى السوق الرقمية، خصوصًا بعد تقارير عن استثمارات ضخمة من صناديق أميركية كبرى. ومع ذلك، حذّر اقتصاديون من أن هذا الارتفاع «قد يكون مضاربيًا مؤقتًا» إذا تراجعت الثقة في ظلّ غياب تنظيم مالي واضح.
وفي نيويورك، شهدت بورصة «وول ستريت» جلسة متقلّبة حيث تراجع مؤشر «ناسداك» مع هبوط أسهم التكنولوجيا الكبرى التي تأثرت بارتفاع عوائد السندات الأميركية إلى مستويات قياسية. لكنّ المستثمرين اتجهوا في المقابل نحو المعادن الثمينة والعملة الرقمية كخيارات للتحوّط من التضخم والتقلبات السياسية.
ويرى محلّلون أن الاتجاه العام للسوق يعكس تحوّلًا في عقلية المستثمر العالمي من التركيز على العائدات السريعة إلى البحث عن الأمان المالي، وهو ما يجعل الذهب والبيتكوين في موقع الصدارة خلال الربع الأخير من العام.
ومع بقاء الصورة السياسية ضبابية في أوروبا وآسيا، ينتظر المراقبون اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المقبل الذي سيحدد ملامح السياسة النقدية الجديدة. وحتى ذلك الحين، يبدو أن الذهب يلمع مجددًا كرمز للأمان التقليدي، والبيتكوين يثبت أنه الأمل الجديد لعصر ما بعد الأزمات.
