Some Populer Post

  • Home  
  • ألحان من الماضي الجميل… على أوتار الغياب
- مقالات الكتاب

ألحان من الماضي الجميل… على أوتار الغياب

بقلم / دكتور ابراهيم الدهش  مدير مكتب سي جاي العربيه – العراق  حين كان كل شيء صادقاً … حين كانت القلوب تُفتح قبل الأبواب ، وكانت النوايا لا تُفحص بعدسة الشك ، والكلمات لا تُعلّق بخيوط التأويل … نتأمل زمناً لم يبتعد كثيراً ، لكنه اليوم يبدو غريباً ، وكأنه حلم مرَّ بنا ولم ننتبه […]

2764f393 1a25 4111 b6ab 667d87233ba6

بقلم / دكتور ابراهيم الدهش 

مدير مكتب سي جاي العربيه – العراق 

حين كان كل شيء صادقاً …

حين كانت القلوب تُفتح قبل الأبواب ، وكانت النوايا لا تُفحص بعدسة الشك ، والكلمات لا تُعلّق بخيوط التأويل …

نتأمل زمناً لم يبتعد كثيراً ، لكنه اليوم يبدو غريباً ، وكأنه حلم مرَّ بنا ولم ننتبه له إلا بعد أن استيقظنا على ضجيج العالم الجديد .

كنا نعيش في عالمٍ لا يعرف الازدواجية ، ولا يحتاج فيه الحب إلى مناسبة، ولا تُقاس العلاقات فيه بعدد الرسائل أو رموز التفاعل ، بل بعدد المرات التي طرق فيها أحدهم بابك ليسأل فقط ،،

“كيف حالك … وكيف الأهل ؟”

زمن الطفولة … فلسفة لا تتكرر

لم تكن الطفولة مجرد مرحلة ، بل كانت فلسفة حياة .

كنا نحب دون شروط ، ونعتذر دون كبرياء ، ونصدّق حتى إن كُذِبنا . لم نكن نعرف فنون الحذر، ولا نجيد ادّعاء القوة .

كان البكاء علنياً ، والفرح علنياً ، والدعاء نقياً يصل للسماء دون وسطاء .

وكانت البيوت ، رغم بساطتها ، عامرة بالحب والدفء … بيوت تُشبه أهلها .

كنا ننام على أصوات الجدّات، ونسهر على ضوء الفوانيس ، ونستيقظ على صوت الباعة ينادون:

“شَعرّ بَنات وينْ أوليّ وين أبات؟!”

وفي رمضان ، كنا نردد بصوت واحد ،،

“ماجينه يا ماجينه ، حلّي الجيس وانطينه”

نختلف ، ثم نتراضى دون وسيط ، نلعب ، ونضحك ، ونبكي ، ثم نعود أصدقاء كأن شيئًا لم يكن .

بيوت القناعة وقلوب الرضا

البيضة الواحدة كانت تُقسم على أربعة ، ونشبع .

القناعة كانت كنزاً ، والحمد لله كانت تُقال من القلب ، لا من العادة .

قطعة خبز يقدّمها جار ، ونظرة رضا من أبٍ لم يعرف كيف يقول “أنا فخور بك”، لكنها كانت تُقال من عينيه .

ضحكة حول مائدة متواضعة، ورائحة شاي تختلط بأحاديث لا تعرف الزيف … كل شيء كان صادقاً ، طبيعياً ، بلا أقنعة .

الصدق … لم يكن خياراً ، بل فطرة

كانت البراءة موجودة في كل شيء ،،

في خطوات الطفل ، في عيون الأم، في دعائها الذي يُرافقك دون أن تراه ،

وفي صمت الطرقات التي لم تكن تعرف الوحدة .

لم يكن الزمن الجميل في الصور الباهتة فقط ، ولا في “الدعابل” و”الجعاب” و”الصول المرصرص”،

بل في الطريقة التي كنا نعيش بها … ببساطة، بقلوب خفيفة ، ونوايا لا تخشى أن تُكشَف.

واليوم … على الجانب الآخر

نعيش زمناً كثرت فيه الأقنعة ، وتزيّنت الوجوه بالكلمات لا بالقلوب .

نكتب كثيراً ونقول أقل ، نضحك كثيرًا ونثق أقل ، نتواصل أكثر … ونفهم أقل .

صرنا نخاف من الصدق، ونتفنّن في الحذر، ونسرف في التجمّل حتى في الحزن .

ورغم كل هذا …

ما زال في داخلنا شيء من ذلك الزمن، شيء نلجأ إليه حين تضيق بنا الحياة .

فلا بأس أن نُشعل من ماضينا شمعة، أن نصدق دون دليل ، أن نعفو دون تسجيل ،

وأن نُعطي من القلب لا من الذاكرة .

آهٍ يا زمن الطيبين

ليتك تعود ، ومعك من رحلوا دون وداع .

لكن، ما من عودة ،، سوى الذكريات .

نُطهر بها أرواحنا كلما تلوثت بالضجيج ، ونُرمم بها ما تهشّم في دواخلنا ،

فنبتسم ونهمس ،،

” كان هناك زمنٌ … اسمه الجميل “

 – – – – – – –  إبراهيم الدهش

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عنا

صحيفة سي جاي العربية هي واحدة من اهم اصدارات شركة Castle Journal البريطانية الدولية لانتاج الصحف والمجلات و مقرها لندن – المملكة المتحدة البريطانيه.

CJ  العربية © Published by Castle Journal LTD.