نيويورك- الولايات المتحدة الأميركية
في تحذير عالمي عاجل، أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم أن خطر الكوليرا العالمي قد وصل إلى مستوى ” مرتفع للغاية”، وسط تزايد المقلق في عدد وتوزيع التفشيات حول العالم. وتُشير المنظمة إلى أن هذا الارتفاع غير المسبوق في مستوى الخطر يُعزى إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، تشمل التغير المناخي، والنزاعات المسلحة، والنزوح الجماعي للسكان، مما يُهدد ملايين الأشخاص في جميع القارات. ويُعد هذا التقييم الأعلى من نوعه منذ سنوات، ويُشكل دعوة صريحة للمجتمع الدولي للعمل الفوري قبل أن تخرج الأزمة عن السيطرة.
عناوين رئيسية:
* منظمة الصحة العالمية تُرفع تقييم خطر الكوليرا العالمي إلى “مرتفع للغاية” بسبب عوامل متعددة.
* التفشيات الجديدة تُسجل في مناطق صراع مثل السودان واليمن، بالإضافة إلى مناطق متأثرة بالكوارث المناخية.
* هناك نقص حاد في إمدادات لقاحات الكوليرا الفموية، مما يُعيق جهود الاستجابة السريعة.
* المنظمة تُطالب بزيادة عاجلة في التمويل لدعم الدول المتضررة، وتوفير المياه النظيفة والصرف الصحي.
* التهديد يكمن في إمكانية انتشار المرض إلى المدن الكبرى والمناطق المكتظة بالسكان، مما قد يُؤدي إلى كارثة صحية.
الخبر بالتفصيل
أوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي عُقد في جنيف، أن “العالم يُواجه حالياً وضعاً لم نشهده منذ سنوات. لدينا تفشيات متعددة في مناطق متفرقة، وكل منها يتغذى على عوامل مختلفة، مما يجعل السيطرة عليها أمراً بالغ الصعوبة”. وأضاف أن الظواهر المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات التي تُلوث مصادر المياه، والجفاف الذي يُجبر السكان على استخدام مصادر مياه غير آمنة، تُسهم بشكل كبير في انتشار الوباء.
ويُشير تقرير المنظمة إلى أن مناطق الصراع، مثل السودان واليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية، هي الأكثر تضرراً من تفشي الكوليرا. ففي هذه المناطق، أدت الحروب إلى تدمير البنية التحتية الصحية وأنظمة المياه والصرف الصحي، مما جعل السكان عرضة بشكل خاص للأمراض التي تنتقل عن طريق المياه الملوثة. وقد أدت حواجز الطرق والهجمات على قوافل الإغاثة إلى صعوبة وصول المساعدات الطبية، مما يُعقد من مهمة احتواء التفشيات.
كما يُشكل النزوح الجماعي للسكان تحدياً آخر، حيث يُضطر الملايين إلى العيش في مخيمات مؤقتة تُفتقر إلى أبسط مقومات الصحة والنظافة، مما يُوفر بيئة خصبة لانتشار الكوليرا. وقد كشفت المنظمة عن وجود نقص حاد في إمدادات لقاحات الكوليرا الفموية، مما يُجبر الأطباء على تقنين الجرعات وتحديد الفئات الأكثر ضعفاً لتلقي اللقاح. وهذا النقص يُقلل بشكل كبير من فعالية حملات الوقاية.
ولمواجهة هذا الخطر المتزايد، قدمت منظمة الصحة العالمية مجموعة من التوصيات العاجلة. أولاً، دعت إلى توفير تمويل دولي سريع بقيمة مئات الملايين من الدولارات لدعم الدول المتضررة في جهودها. ثانياً، حثت الدول على زيادة إنتاج لقاحات الكوليرا وتوزيعها بشكل عادل. ثالثاً، أكدت على أهمية تعزيز أنظمة المراقبة الوبائية، وتوفير المياه النظيفة، والصرف الصحي، وتوعية المجتمعات المحلية بخطورة المرض وطرق الوقاية منه.
يُشير الخبراء إلى أن عدم الاستجابة لهذا التحذير قد يُؤدي إلى انتشار الكوليرا إلى مناطق لم تكن مُتأثرة به من قبل، مما قد يُشكل تهديداً خطيراً على الصحة العامة العالمية. ففي عالم مترابط، لا يُمكن عزل الأوبئة في مناطق معينة، وقد تنتقل العدوى عبر حركة السفر والتجارة. إن هذا التقييم يُعد بمثابة جرس إنذار يُطالب العالم بتحمل مسؤولياته المشتركة.
في الختام، يُؤكد تقييم منظمة الصحة العالمية أن الكوليرا ليست مجرد مشكلة محلية، بل هي تهديد عالمي. إن العمل على توفير المياه النظيفة، وتحسين الصرف الصحي، وتوفير اللقاحات، يُعد استثماراً في صحة الإنسان وأمنه في جميع أنحاء العالم. والأمر يتوقف الآن على مدى سرعة واستجابة المجتمع الدولي لهذا النداء، قبل أن تُصبح أزمة الكوليرا الحالية كارثة يصعب احتواؤها.
