بقلم دكتورة عبير المعداوي
منذ أحداث 7 أكتوبر وما تبعها من مجازر إسرائيلية في قطاع غزة، يتضح أن الهدف الحقيقي هو إخلاء القطاع واحتلاله، ثم تصدير الأزمة إلى مناطق أخرى، تمهيدًا للتوسع وضم أراضٍ جديدة.
إسرائيل أعلنت بوضوح احتلال نصف القطاع، وبدأت إجراءات لإخلائه، بل وطالبت مصر عنوة بفتح ميناء رفح البري (الاسم الصحيح، وليس “معبر رفح” الذي صاغته جماعات إرهابية).
الحصيلة مأساوية: أكثر من 73 ألف شهيد، وما يزيد على 21 ألف طفل من ذوي الإعاقات، إضافة إلى تدمير شامل للبنية التحتية، حرق المزارع، السيطرة على موارد المياه والكهرباء، ودعم أمريكي واضح لخطة التهجير بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: أليس من حق الشعب الفلسطيني أن يُسأل عن مصيره؟
إذا كانت هناك نية لإعادة الإعمار، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون استفتاءً عامًا للفلسطينيين:
• هل يقبلون بالتهجير وترك أرضهم؟
• أم يتمسكون بالبقاء مهما كانت التضحيات؟
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 لا تزال عالقة، ولم يُسمح لهم بالعودة إلى وطنهم. فكيف يمكن أن يُفرض عليهم تهجير جديد دون رأيهم؟
• في حال قبول الفلسطينيين بالتهجير: على إسرائيل، بصفتها دولة محتلة، والولايات المتحدة، بصفتها الداعم الرئيسي، أن تتعاونا مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتأمين مكان لجوء آمن بعيدًا عن دول الجوار (مصر، الأردن، لبنان، سوريا)، مع فتح ممر آمن داخل الأراضي المحتلة لنقل النازحين إلى مخيمات مؤقتة، تمهيدًا لإعادة توطينهم.
• في حال رفض الفلسطينيين التهجير: يجب على إسرائيل وأمريكا احترام قرار الشعب، وضمان حقوقه على أرضه. وعلى الأمم المتحدة إقامة مخيمات للنازحين داخل غزة، تحت حماية دولية، لتوفير المساعدات والرعاية الصحية حتى يكتمل الإعمار.
إن أي حل آخر خارج هذه الخيارات سيقود إلى حرب إقليمية واسعة لن تكون مصر طرفها الوحيد، بل ستنخرط فيها قوى عالمية متعددة. ومهما حاولت إسرائيل كسب الأرض بالقوة، فإنها ستخسر في النهاية كل ما ظنّت أنها حققته عبر الاحتلال والإرهاب.