في لحظة يُفترض أن يُنصت فيها العالم لصوت العدالة ، ويُنهي عقوداً من الصمت المريب والتواطؤ المستتر ، تُمعن إسرائيل ، كقوة احتلال ، في التمادي بجريمة لا تقلّ عن التطهير العرقي الممنهج ، حيث أُعلنت قرارات جديدة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم ، في مشهد يعيد إلى الذاكرة الإنسانية أسوأ صفحات التاريخ ظُلماً ووحشية .
نُدين ، بلا تحفظ ولا مواربة ، وبأشدّ العبارات الممكنة ، هذا العدوان السافر على الحقّ الإنساني الأصيل لشعبٍ وُلِد في أرضه ، وعاش فيها جذوراً وشجراً وذاكرة . إن ما يجري ليس مزاعاً كما يهوى البعض تبسيطه ، بل هو مشروع اقتلاع ، مكتمل الأركان ، يُنفذ على مرأى من عالم متخاذل ، أعماه الاصطفاف السياسي ، وشلّته حسابات المصالح .
إنّ قرار تهجير الفلسطينيين من بيوتهم ، وتجريدهم من أبسط حقوقهم في الإقامة على أرض آبائهم وأجدادهم ، ليس سوى فصل آخر من فصول مشروع استعماري طويل ، يتوسل القانون زوراً ويستقوي بصمت دولي مُخجل . فالاحتلال لا يملك شرعية القرار على الأرض التي احتلها بالقوة ، ولا يحق له التنكر لوجود الإنسان الفلسطيني الذي لم يطلب إلا الحياة الحرة الكريمة.
نستنكر هذا الصمت الدولي المتواطئ ، ونحذر من عواقب تحويل الظلم إلى عرفٍ مسكوت عنه . كما نحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية لكل من يبارك ، أو يموّل ، أو يبرر هذه الممارسات الإجرامية ، مهما كانت صفته أو موقعه .
إنّ ما يحدث في فلسطين اليوم ، وفي مناطق التهجير القسري تحديداً ، هو اختبار صارخ للضمير الإنساني ،، إمّا أن ينهض بمسؤولياته ، أو أن يسقط إلى الأبد تحت أنقاض القيم التي يدّعي الدفاع عنها .
ندعو كل حرّ في هذا العالم، كل من لم تُبلّد المأساة إنسانيته ، أن يرفع صوته عالياً ، لا من أجل الفلسطينيين وحدهم ، بل من أجل ألا يُعاد إنتاج هذا النموذج من الإبادة الحضارية والإنسانية في أي بقعة من بقاع الأرض.
لتتوقف آلة التهجير ، وليرتفع الصوت الفلسطيني في وجه محاولات المحو والتغييب . ولتُعاد صياغة المواقف العالمية ، لا وفق موازين القوة بل وفق ما تبقى من عدالة في ضمير البشرية.
ابراهيم الدهش
مدير مكتب العراق / كاسل جورنال – صحيفة سي جاي العربية الصادرة عن كاسل جورنال الدولية البريطانية