لندن، المملكة المتحدة – ٢٥ أغسطس ٢٠٢٥
كشفت دراسة جديدة عن وجود صلة وثيقة بين أنماط النوم غير المنتظمة وارتفاع خطر الوفاة. وبينما ركزت الأبحاث السابقة على عدد ساعات النوم، تشير هذه الدراسة إلى أن الحفاظ على جدول نوم واستيقاظ منتظم قد يكون أكثر أهمية للصحة على المدى الطويل. وتشير النتائج، المنشورة في مجلة طبية رائدة، إلى أن تغيير مواعيد النوم والاستيقاظ باستمرار يمكن أن يزيد من خطر الوفاة لأسباب متعددة، بغض النظر عما إذا كان الشخص يحصل على الكمية الموصى بها من النوم أم لا.
النقاط الرئيسية:
* الاتساق أهم من الكمية: تشير الدراسة إلى أن انتظام النوم قد يكون مؤشرًا أقوى لخطر الوفاة من مدة النوم وحدها.
* ارتفاع خطر الإصابة باضطرابات النوم: وُجد أن الأشخاص الذين يعانون من اختلال شديد في مواعيد النوم لديهم خطر متزايد بشكل كبير للوفاة بجميع الأسباب والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
* تأثير “اضطراب الساعة البيولوجية الاجتماعية”: يُسلّط البحث الضوء على كيف يُمكن أن يُؤدي النوم المُستمر في عطلات نهاية الأسبوع لتعويض ما فاتنا من نوم إلى اضطراب الساعة البيولوجية الطبيعية للجسم، وهي ظاهرة تُعرف أحيانًا باسم “اضطراب الساعة البيولوجية الاجتماعية”.
* مقياس صحي جديد: تُشير النتائج إلى ضرورة التركيز بشكل أكبر على انتظام النوم في إرشادات الصحة العامة والممارسات السريرية كهدف بسيط وفعال لتحسين الصحة العامة والبقاء على قيد الحياة.
مخاطر اضطراب الساعة البيولوجية
لسنوات، ركّزت رسالة الصحة العامة المتعلقة بالنوم بشكل أساسي على الرقم السحري: من سبع إلى تسع ساعات في الليلة. إلا أن هذا البحث الجديد يُضيف بُعدًا حاسمًا إلى النقاش. فهو يكشف أن توقيت النوم وانتظامه قد يكونان عاملًا أكثر أهمية في النتائج الصحية من إجمالي عدد الساعات.
استخدمت الدراسة، التي حللت مجموعة كبيرة من الأفراد على مدى عدة سنوات، بيانات موضوعية من أجهزة قياس التسارع القابلة للارتداء لتتبع دورات النوم والاستيقاظ، مما يُوفر مقياسًا أكثر دقة من البيانات التقليدية المُبلّغ عنها ذاتيًا. كانت النتائج واضحة: كان المشاركون الذين لديهم أنماط نوم غير منتظمة أكثر عرضة لخطر الوفاة المبكرة مقارنةً بمن حافظوا على جدول نوم ثابت. يكمن التفسير البيولوجي وراء هذه النتائج في الإيقاع اليومي للجسم، وهو ساعة داخلية تنظم مجموعة من الوظائف الحيوية، من إنتاج الهرمونات إلى التمثيل الغذائي. عندما تختلف أوقات النوم والاستيقاظ لدى الشخص من يوم لآخر، يختل إيقاعه اليومي. يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى سلسلة من الآثار الصحية السلبية، بما في ذلك الالتهاب المزمن، والاختلالات الهرمونية، وضعف وظائف المناعة. بمرور الوقت، يمكن أن تزيد هذه المشكلات من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب، وداء السكري من النوع الثاني، وحتى بعض أنواع السرطان، وكلها تساهم في ارتفاع معدل الوفيات.
ومن النتائج المثيرة للقلق بشكل خاص استمرار الخطر المتزايد لمن ينامون بشكل غير منتظم حتى مع حصولهم على سبع إلى تسع ساعات من النوم الموصى بها كل ليلة. وهذا يشير إلى أن الجسم لا يحسب الساعات فحسب؛ بل يبحث عن الإيقاع والقدرة على التنبؤ. يشير مؤلفو الدراسة إلى أن هذا يُمثل جرس إنذار قوي، إذ يعتقد الكثيرون أن بإمكانهم تعويض قلة النوم خلال الأسبوع بالنوم لساعات طويلة في عطلات نهاية الأسبوع، إلا أن هذه الممارسة قد تُسبب ضررًا أكبر من نفعها من خلال إعادة ضبط الساعة البيولوجية للجسم باستمرار.
ولهذه النتائج آثارٌ بالغة الأهمية على الصحة العامة. ويقترحون أن يبدأ مقدمو الرعاية الصحية بسؤال المرضى عن انتظام نومهم، بالإضافة إلى مدته. فالتغييرات السلوكية البسيطة، كالذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا، بما في ذلك في عطلات نهاية الأسبوع، قد تكون أداةً فعّالة، وإن لم تُقدّر حق قدرها، لتحسين الصحة والرفاهية على المدى الطويل.
