بقلم /د. ابراهيم الدهش
مدير مكتب سي جاي العربيه بالعراق
تعد السياحة من أهم مصادر الدخل في البلد، فهي تعتبر من أعمدة الاقتصاد الوطني حيث أن المدخول السياحي له شأن في تقوية اقتصاد الدولة، وتعد من أهم الطرق للترويج عن البد وثقافته وأهميته، فمن ناحية تأمين فرص عمل ومن ناحية اخرى فإن السياحة تساعد في ادخال القطع الأجنبي إلى الدولة من خلال التأشيرات والرسوم المالية وتعامل السياح ما بين الفنادق والمنتزهات والمطاعم وشراء السلع بالقطع الأجنبي وبالتالي تقوية خزينة الدولة وهذا يمكن الدولة من استيراد وشراء السلع والاحتياجات وبالتالي التقليل من غلاء المعيشة والفقر .وتعتبر السياحة من الوسائل الترفيهية لقدرتها على القضاء على الاكتئاب والتوتر
فبحسب دراسة أقامها المجلس العالمي للسياحة والسفر WTTC فإن السياحة أسهمت شهرياً في ايجاد اكثر من مليون فرصة عمل في جميع أنحاء العالم وذلك في عام 1977 وهذا العدد قد تضاعف في السنوات الأخيرة على مستوى العالم.
عبارة نسمعها وندندها وخاصة عندما نسمع أو نشاهد عبر التلفاز أو في محطات الإذاعة او عبر اجهزة التواصل الاجتماعي عن المرافق السياحية المهمة في العراق وخاصة بعد موافقة منظمة اليونسكو بدخول اهوار جنوب العراق ضمن لائحة التراث العالمي ومن ضمن خمس مناطق إثارية مهمة ،، ومن بين ابرز الاهوار التي يستحق ان يكون مرفقا سياحيا مهما هو هور الحمّار أحد الأهوار الرئيسية في جنوب العراق التي وللأسف الشديد تتعرض لتقلص متزايد لمناسيب المياه ، فمنذ أكثر من عشر سنوات نشرت احد الصحف العربية العالمية بحثا مطولا بعنوان
(( هل تحل ديمقراطية بوش مشاكل أهوار العراق؟ )) ناقشت فيه الصحيفة حالة أهوار العراق البيئية ومدى مصداقية السياسات الأميركية ووعود الرئيس الأميركي بوش الابن وديمقراطيته المزعومة آنذاك بإصحاح وإصلاح ما أفسدته الأنظمة السابقة وتحويلها إلى جنة عدن كما كانت في السابق .
وهذا البحث حقيقة يلفت الانتباه لما فيه من تفاصيل عميقة ودقيقة وكأنه يحاكي الواقع وبأدلة وشواهد تتبلور فيه الحقيقة وعرفنا اسباب دمار العراق ، والان وبعد هذه الفترة ، ماذا جد على منطقة الأهوار؟ هل تحسن وضعها البيئي العام؟ وهل شهدت مساحتها المائية والزراعية الطفرة المزعومة؟ وهل تحققت الوعود والتعهدات الصادرة بشأنها، أم أنها ذهبت أدراج الرياح، كما ذهبت بقية وعود بوش الابن الأخرى؟ وتستمر التحليلات والوعود دون جدوى
ويبقى الوضع كما هو وكأننا ندور حول حلقة مغلقة تارة بسرعة واخرى ببطئ والنتيجة واحدة ..
الأهوار.. ثراء وتراث وعنوان البلد السياحي ومرفق مهم وعنوان اقتصادي لنضج البلد
والأهوار -لمن لا يعرف- عبارة عن مجموعة من الأراضي الرطبة أو المسطحات المائية الخلابة يغذيها أساسا نهرا دجلة والفرات، وتمتد في جنوب العراق على شكل مثلت بين مدن العمارة بمحافظة ميسان والناصرية بمحافظة ذي قار والبصرة بالمحافظة ذاتها.
والمتتبع لخارطة للعراق فانها توضح مواقع الأهوار
وهي تتكون من ثلاثة أهوار رئيسية: هور الحويزة الذي يمتد بين حدود العراق وإيران، والأهوار الوسطى التي تمتد كرقعة مائية متصلة بين محافظات العراق الجنوبية، بينما يمتد الهور الثالث -هور الحمَّار- بين محافظتي البصرة وذي قار.
وهذه المسطحات -التي تشتهر بكونها جنات عدن القديمة- تمتاز بنظام بيئي ثري وبتنوع بيولوجي منقطع النظير، حيث تعد موطنا لعشرات الأنواع من الطيور النادرة المستوطنة مثل طائر أبو منجل المقدس، كما تعد نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا.
كما تمتاز منطقة الأهوار كذلك بمناخها الصالح لزراعة بعض المحاصيل كالأرز، فضلا عن ثرائها بأنواع عديدة من البوص والنباتات المائية والحيوانات المستوطنة، وعن وفرة محصولها السمكي إلى الحد الذي كانت تمد فيه العراق يوما ما بأكثر من نصف احتياجاته من الثروة السمكية.
وتحظى الأهوار كذلك بتراث إنساني وثقافي عريق، حيث يقطنها عرب الأهوار أو ما يعرف بإنسان المعدان، المعروف بكونه أحد أقدم السلالات البشرية على وجه الأرض، فضلا عن وجود اعتقاد بأن الحضارة السومرية القديمة قد بزغت وتشكلت قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد في تلك المنطقة.
وبسبب كل هذا، تم تصنيفها يوما ما على أنها أحد أهم مراكز التنوع الأحيائي على مستوى العالم، كما كانت أيضا قريبة للغاية من الانضمام إلى لائحة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، وهذا قبل أن تتدهور فيها الأحوال، وتخرج تماما من الترشيحات.
اما اذا بحثنا عن أسباب التدهور
على الرغم من كل هذا الثراء البيئي والتاريخ الإنساني العريق، فإن الأهوار -خاصة الوسطى- تتعرض منذ فترة طويلة لألوان شتى من الإهمال والتبديد، إلى الحد الذي أصبحت فيه هذه الأهوار مهددة حاليا بالزوال أو الاختفاء التدريجي.
فالوضع السياسي المتعب وعدم الاستقرار الامني والسياسي يؤثر بشكل سلبي على واقع السياحة في العراق ولا سيما في تدهور الاقتصاد وانتشار الفقر، فمع فقدان عنصر الأمن والأمان في البلاد نحن نفتقد عنصر السياحة والتي هي بحاجة للاستقرار والأمان.
وأيضاً بعدم وجود استثمار كاف في مجال السياحة فإننا نجد بعض الشركات السياحية التي لا تهتم سوى بإقامة السائح وتناوله للطعام، في المقابل نجد شركات اخرى تهتم بأدق التفاصيل التي لا تخطر على بال السائح نفسه كملاعب الجولف مثلاً او المقاهي القديمة وغيرها.
بالإضافة إلى أننا نفتقر إلى خدمات الاعلام فإن وجود الاعلام في عصرنا أصبح له تأثير كبير على جميع الأصعدة ولا سيما الترويج والإعلان، فوجود أماكن سياحية مهمة في العراق دون الترويج لها ودون تغطية إعلامية فهي لن تصل لمنتاول الجميع ولكن الدعاية عنها تجذب الكثير من الناس.
بالإضافة إلى عدة مشاكل كاستغلال الشركات السياحية للسياح
وسوء تعامل التجار والبائعين مع السائح
وعدم اهتمام الدولة بالاماكن الأثرية
وتتنوع أسباب هذا التراجع بين أسباب تاريخية وأسباب خارجية وأخرى داخلية سخرت للسيطرة على مقدرات العراق بمافيها السياحة والاسطياف
أما الأسباب الخارجية ومن الدول المجاورة والمتشاطئة فتتمثل في إقامة عدد من السدود في كل من تركيا وسوريا، ووقفت بالتالي تدفقات المياه الواردة عبر روافد الأنهار والمجاري المائية التي تمثل بالنسبة لها شريان حياة فضلا عن قلة تساقط الأمطار وشح المياه بسبب زيادة الجفاف.
أن هذه المشاكل التي يعاني منها العراق فما هي مشاكل ازلية الغاية منها الاطاحة بتركيبة المواطن العراق ونهب خيراته وعودته الى الوراء ..
لذا ندعو من الجهات المعنية والمسؤولة ومن أصحاب الضمائر الحية احتواء و دعم السياحة هذا المرفق المهم والذي من خلاله ننشط سياحة العالم من خلال بعض إجراءات مقترحة،
-الزيادة في الخدمات للمناطق السياحية.
-فرض الحماية على المناطق السياحية ولا سيما الأثرية والطبيعية خوفاً عليها من السرقة او التشويه.
-تطوير كادر بشري لقطاع السياحة من خلال التدريب بكيفية التعامل في هذا المجال.
– إعطاء محاضرات خاصة عن السياحة لكافة فئات المجتمع ومساعدة هذه الفئات للاستثمار في هذا القطاع.
-تسليط الضوء الاعلامي بشكل مكثف على عنصر السياحة.
-إنشاء وتطوير المناطق السياحية من خلال الاهتمام بنظافة المكان وانشاء الحدائق والمحميات وتزيين المنطقة بما يتناسب مع السياحة الموجودة في المنطقة “آثار، تراث،طبيعة”.
-تخطيط وتنفيذ ورشات سياحية تدريبية وتعريفية والقيام بخطط سياحية للتعريف عن تاريخ البلد وعظمته
وليس فقط العراق اضافة الى عودة الطيور المهاجرة الى سكناها والثروة السمكية والحيوانية وتقليل نسب البطالة في العراق من خلال عملهم في المرافق السياحية اضافة الى عودة تراث العراق
ولكن هل سنرى بلد التراث والثقافية، سياحياً؟