لندن، المملكة المتحدة – ١٦أغسطس ٢٠٢٥
في تلاقٍ غير متوقع بين الطب البيطري والطب البشري، يُحقق العلماء اكتشافاتٍ رائدة حول مرضٍ شائع يصيب القطط، قد يُمثل مفتاح فهم وعلاج مرض الزهايمر لدى البشر. تشير مجموعةٌ متزايدة من الأبحاث إلى أن القطط المصابة بالخرف، وهي حالة تُعرف باسم متلازمة الخلل الإدراكي لدى القطط (CDS)، تُظهر أمراضًا دماغيةً مُشابهةً بشكلٍ ملحوظٍ لأمراض نظيراتها من البشر الذين يُعانون من مرض الزهايمر. يفتح هذا الرابط المُثير للاهتمام آفاقًا جديدةً للبحث، حيث يعتقد العلماء الآن أن دماغ القطط يُمكن أن يُمثل نموذجًا طبيعيًا وفعالًا للغاية لاختبار علاجاتٍ جديدةٍ وكشف أسرار هذا الاضطراب العصبي التنكسي المُدمر. قد يجد لغز الزهايمر، الذي حيّر الباحثين لعقود، قطعةً جديدةً حاسمةً في القطة المنزلية المُحبوبة. لُوحظت هذه الصلة لأول مرة من قِبل أطباء أعصاب بيطريين كانوا يفحصون أدمغة قطط مُسنة مُصابة بمتلازمة الخلل الإدراكي لدى القطط (CDS). واكتشفوا وجود لويحات أميلويد بيتا، وهي تراكم بروتيني سام يُمثل السمة العصبية المرضية المُميزة لمرض الزهايمر لدى البشر. ورغم أن الفئران استُخدمت تقليديًا في أبحاث الزهايمر، إلا أنها لا تُكوّن هذه اللويحات بشكل طبيعي بنفس طريقة البشر. ولطالما شكّل هذا عائقًا كبيرًا أمام الباحثين، إذ غالبًا ما تفشل فعالية الأدوية المُختبرة على الفئران في تطبيقها على البشر. ومع ذلك، تُكوّن القطط هذه اللويحات تلقائيًا مع التقدم في السن، مما يُوفر نموذجًا بيولوجيًا أكثر دقة لدراسة تطور المرض وتقييم العلاجات. ويُقدم هذا المسار البحثي الجديد أملًا جديدًا في السباق العالمي لإيجاد علاج لمرض الزهايمر، وهو مرض يُصيب الملايين حول العالم.
العناوين الرئيسية
* رابط غير متوقع: يكتشف الباحثون أوجه تشابه مذهلة بين متلازمة الخلل الإدراكي لدى القطط (CDS) ومرض الزهايمر لدى البشر. * تم العثور على لويحات بيتا أميلويد في القطط: أكد العلماء وجود لويحات بيتا أميلويد في أدمغة القطط المصابة بمتلازمة داون، وهي السمة الرئيسية لمرض الزهايمر لدى البشر.
* نموذج حيواني جديد: يُشاد بالقط المنزلي كنموذج حيواني جديد وأكثر فعالية لأبحاث مرض الزهايمر، وقد يتغلب على قيود نماذج الفئران الحالية.
* أمل في علاجات جديدة: يمكن أن يُسرّع هذا البحث تطوير واختبار أدوية جديدة مصممة لاستهداف لويحات أميلويد بيتا في الدماغ وإزالتها.
* أوجه التشابه الجيني: تُجرى دراسات لتحديد علامات جينية محددة تُهيئ كلاً من القطط والبشر للإصابة بالخرف، مما قد يكشف عن عوامل خطر مشتركة.
كشف الصلة بين القطط والبشر
يركز البحث، الذي يُجرى بشكل رئيسي في اتحاد من الجامعات والمستشفيات البيطرية، على مجالين رئيسيين: فهم تطور المرض واستخدام القطط لاختبار التدخلات العلاجية. تشرح الدكتورة إيلارا فانس، عالمة الأعصاب الرائدة في معهد الصحة العصبية، أهمية هذا الأمر قائلةً: “دماغ القط تجربة طبيعية مثالية”. إنه حيوان يُصاب بالمرض مع مرور الوقت، مما يمنحنا فرصةً فريدةً لدراسة المراحل المبكرة من التدهور المعرفي واختبار التدخلات بطريقةٍ أكثر تمثيلاً لما نراه لدى المرضى من البشر.
تتضمن الدراسات مزيجًا من التقييمات السلوكية، وتقنيات تصوير الدماغ مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، والتحليل الجيني للقطط المُسنة التي تُظهر علامات الخرف. ويتم تشجيع مُلّاك الحيوانات الأليفة على المشاركة في هذه الدراسات من خلال الإبلاغ عن التغيرات السلوكية لدى قططهم المُسنة، مثل فقدان التوازن، وتغير دورات النوم والاستيقاظ، والتغيرات في التفاعل الاجتماعي. تُعد هذه الملاحظات بالغة الأهمية لوضع خط أساس لتطور المرض. وتُقارن النتائج ببيانات من مرضى الزهايمر من البشر، حيث يُحدد الباحثون بروتيناتٍ وتسلسلاتٍ جينيةً مُحددة يبدو أنها مُشتركة بين النوعين. ويأمل الباحثون من خلال عزل هذه القواسم الجينية المُشتركة أن يتمكنوا من فهم الأسباب الجذرية للمرض بشكل أفضل وتطوير علاجاتٍ أكثر استهدافًا. الاعتبارات الأخلاقية والآفاق المستقبلية
في حين أن هذا البحث يحمل وعودًا هائلة، إلا أنه لا يخلو من الاعتبارات الأخلاقية. فرفاهية القطط المشاركة لها أهمية قصوى، حيث أن جميع الدراسات غير جراحية وطوعية. يُعدّ مالكو الحيوانات الأليفة جزءًا أساسيًا من العملية، ويُجرى البحث باحترام عميق للعلاقة بين البشر ورفقائهم من الحيوانات. الهدف النهائي ليس فقط إيجاد علاج لمرض ألزهايمر لدى البشر، بل أيضًا تطوير علاجات أفضل لخرف القطط، مما يُحسّن نوعية حياة الحيوانات الأليفة المُسنّة.
ومن منظور مستقبلي، يُمكن لهذا البحث المُبتكر أن يُحدث ثورة في مجال التنكس العصبي. فبدلاً من الاعتماد كليًا على نماذج الفئران المُعدّلة وراثيًا، والتي قد تفشل في كثير من الأحيان في محاكاة كامل تعقيد الأمراض البشرية، يُمكن للعلماء الآن اللجوء إلى نموذج طبيعي يُقدّم رؤية أكثر شمولية. ويُؤمل أن يُثبت الجيل القادم من أدوية ألزهايمر، التي ربما استُبعدت سابقًا بعد تجارب غير ناجحة على الفئران، فعاليتها في نموذج القطط، مما يُؤدي إلى تجارب بشرية جديدة. تمثل هذه الشراكة غير المتوقعة بين القطط والبشر في مكافحة مرض الزهايمر فصلاً جديدًا ومميزًا في العلوم الطبية، مما يثبت أن حل أحد أعظم الألغاز الطبية التي تواجه البشرية قد يكون مختبئًا في مكان واضح.