نيويورك، ١١ أغسطس ٢٠٢٥ – الأمم المتحدة
في تذكير صارخ بالمخاطر الجسيمة التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع، أسفرت غارة إسرائيلية في غزة عن مقتل خمسة صحفيين يعملون في شبكة الجزيرة الإخبارية، ما أثار إدانة سريعة وواسعة النطاق من الأمم المتحدة والمنظمات الإعلامية الدولية. وقد أعادت هذه الحادثة، التي وقعت في وقت متأخر من مساء الأحد، إشعال النقاش حول حرية الصحافة وحماية الصحفيين الذين يغطون النزاع الدائر.
استهدفت الغارة، التي نُفذت بطائرة بدون طيار، خيمةً نُصبت للصحفيين خارج البوابة الرئيسية لمستشفى الشفاء في مدينة غزة. وكانت هذه الخيمة ملتقىً معروفًا للصحفيين الذين يبحثون عن كهرباء واتصالات إنترنت أكثر استقرارًا لإرسال تقاريرهم. ومن بين الضحايا، الذين شيعت جنازاتهم يوم الاثنين، المراسل البارز أنس الشريف، والمراسل محمد قريقع، ومصورو الفيديو إبراهيم زاهر، ومحمد نوفل، ومؤمن عليوة. كما وردت أنباء عن مقتل الصحفي المستقل محمد الخالدي في خيمة قريبة.
أقرّ الجيش الإسرائيلي بالهجوم، لكنه زعم أن أنس الشريف كان “عميلاً عسكرياً لحماس” متنكراً في صفة صحفي، وأنه كان رئيس خلية إرهابية مسؤولة عن إطلاق الصواريخ. وقد رفضت قناة الجزيرة والعديد من منظمات حرية الإعلام هذا الادعاء رفضاً قاطعاً. على سبيل المثال، ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن لدى إسرائيل “نمطاً موثقاً” في توجيه مثل هذه الاتهامات دون تقديم أدلة موثوقة. وأصرّت جودي جينسبيرج، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين، على أنه ما لم تتمكن إسرائيل من إثبات أن الشريف كان مقاتلاً نشطاً، فإن قتله غير مبرر بموجب القانون الدولي.
وقد كانت الأمم المتحدة صريحة في إدانتها. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه في عمليات القتل. أكد المتحدث باسمه أن هذه الوفيات الأخيرة تُبرز “المخاطر الجسيمة” التي يواجهها الصحفيون، وشدد على ضرورة حماية العاملين في مجال الإعلام والسماح لهم بأداء عملهم “بحرية من الخوف والمضايقة”. كما أدلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بدلوها، واصفةً الغارة بأنها “انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي”. ووصفت الجزيرة، في بيانها، الهجوم بأنه “محاولة يائسة لإسكات الأصوات التي تكشف الاحتلال الإسرائيلي”، مشيرةً إلى أن الشريف وزملاءه كانوا من بين آخر الصحفيين الذين واصلوا التغطية من داخل غزة، حيث مُنعت وسائل الإعلام الدولية إلى حد كبير من دخول القطاع.
يأتي هذا الحادث المأساوي في الوقت الذي يدافع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطة بلاده لشن عملية عسكرية موسعة في غزة، وهي خطوة قوبلت بانتقادات محلية ودولية متزايدة. ويُمثل مقتل صحفيي الجزيرة خلفية قاتمة للتوترات المتصاعدة، ومثالاً صارخاً على التكلفة البشرية للصراع.