نيويورك- الولايات المتحدة الأميركية
في تحول دبلوماسي لافت، أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بياناً رئاسياً يُدين بشكل صريح الاعتداءات الإسرائيلية على قطر، في خطوة نادرة وغير مسبوقة تُشير إلى تزايد الاستياء الدولي من العمليات العسكرية الإسرائيلية خارج حدودها. هذا الإجراء، الذي حظي بتوافق واسع من أعضاء المجلس، يُعتبر بمثابة إشارة قوية من المجتمع الدولي على أن اختراق سيادة الدول لن يتم التغاضي عنه، حتى في سياق الصراعات المستمرة. يأتي هذا الاستنكار ليعمق العزلة الدبلوماسية لإسرائيل ويضع ضغوطاً متزايدة على حلفائها الرئيسيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
عناوين رئيسية:
* مجلس الأمن يصدر بياناً رئاسياً يدين فيه الهجوم الإسرائيلي على الدوحة بالإجماع، في خطوة غير مسبوقة.
* البيان يُؤكد على أهمية احترام سيادة الدول ويُطالب بتحقيق مستقل في الحادث.
* الولايات المتحدة تمتنع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في قرار يُدين إسرائيل، وهو ما يُعتبر تحولاً في سياستها الدبلوماسية.
* قطر تُرحب بالبيان وتُطالب بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم.
* إسرائيل تُندد بالقرار وتعتبره منحازاً وغير عادل، وتُبرر الهجوم بأنه عملية لمكافحة الإرهاب.
الخبر بالتفصيل
جاء البيان الرئاسي، وهو شكل من أشكال القرارات التي لا تحمل طابعاً إلزامياً ولكنها تُعبر عن موقف جماعي للمجلس، ليدين الهجوم الذي وقع في الدوحة مؤخراً، والذي أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص. وقد أشار نص البيان إلى أن “مجلس الأمن يُدين بأشد العبارات أي انتهاك لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة”، ويُطالب “كافة الأطراف بضبط النفس والالتزام بالقانون الدولي”. كما دعا البيان إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات الهجوم.
كان اللافت في هذا التطور هو موقف الولايات المتحدة، التي عادة ما تستخدم حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل من أي إدانة دولية. هذه المرة، امتنعت واشنطن عن استخدام الفيتو، وهو ما يُشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي قد أدركت أن الهجوم على حليفة رئيسية مثل قطر يُهدد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. وصرّح السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة بأن “الولايات المتحدة تُؤمن بأن سيادة الدول يجب أن تُحترم، وأننا ندعو كافة الأطراف إلى الالتزام بالتهدئة. هذا البيان يعكس قلقنا المشترك من أن يؤدي هذا الهجوم إلى تصعيد غير مرغوب فيه في المنطقة”. ويُعتبر هذا الموقف محاولة من واشنطن لترميم مصداقيتها في المنطقة بعد أن تضررت بشدة جراء الهجوم، خاصة وأن قطر تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.
من جهتها، رحبت دولة قطر ببيان مجلس الأمن، واصفة إياه بـ”خطوة في الاتجاه الصحيح”. وأكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها أن “الاعتداء على أراضينا هو انتهاك للقانون الدولي، ونُطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات ملموسة لضمان عدم تكرار مثل هذه الاعتداءات”. وأضاف البيان أن قطر تظل ملتزمة بدورها كوسيط للسلام، ولكنها لن تتسامح مع أي تهديد لأمنها وسيادتها.
في المقابل، نددت إسرائيل بالبيان، ووصفتته بـ”المنحاز وغير العادل”. واعتبرت أن الهجوم على الدوحة كان “عملية ضرورية لمكافحة الإرهاب”، وأن القتلى كانوا قادة من حركة حماس، والتي تُصنفها إسرائيل كمنظمة إرهابية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إن “مجلس الأمن يختار أن يُدين دولة ديمقراطية تُحارب الإرهاب، بينما يتجاهل الأعمال العدائية التي تقوم بها المنظمات الإرهابية”.
هذه الإدانة لم تأتِ من فراغ، فهي تُعكس الغضب المتزايد في المجتمع الدولي من سلوك إسرائيل في ظل استمرار الحرب في غزة. وقد أظهرت المظاهرات الحاشدة في عواصم العالم، بما في ذلك نيوزيلندا وبريطانيا، أن هناك إجماعاً شعبياً متزايداً على ضرورة معاقبة إسرائيل على أعمالها.
في الختام، يمثل هذا البيان الرئاسي نقطة تحول هامة. فهو يُظهر أن الدعم الدولي لإسرائيل ليس بلا حدود، وأن هناك قلقاً متزايداً من أن سياساتها قد تُؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها. يُعتبر هذا البيان رسالة واضحة لإسرائيل بأن العالم يُراقب، وأن عليها أن تلتزم بالقوانين والأعراف الدولية. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو تحويل هذه الإدانة إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع، وهو ما سيتطلب المزيد من الضغط الدبلوماسي.