الخرطوم، السودان – ١٦ أكتوبر/تشرين الأول 2025
ازداد الصراع الأهلي الدائر في السودان ضراوةً، حيث عاد الصراع من جديد منذ اسبوع و قُتل ما لا يقل عن 20 مدنيًا في هجمات مُستهدفة على مسجد ومستشفى في الفاشر، عاصمة شمال دارفور المحاصرة. وتُبرز أعمال العنف الأخيرة التي تهز المنطقة الاستهتار الصارخ بحياة المدنيين والقانون الإنساني الدولي من قِبل الفصائل المتحاربة، مما ترك سكان المدينة المتبقين “محاصرين ومرعوبين ومنقطعين عن المساعدات”، وفقًا لمسؤولين في الأمم المتحدة. وقد أدانت الهيئات الدولية بشدة هجمات السودان، حيث تشير الأدلة إلى مسؤولية قوات الدعم السريع شبه العسكرية عن الفظائع الأخيرة.
وكانت الهجمات، التي ورد أنها وقعت يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، قد أصابت المستشفى السعودي – آخر مرفق رعاية صحية رئيسي عامل في شمال دارفور – ومسجدًا محليًا لجأت إليه عائلات نازحة هربًا من القتال. يُمثل هذا التصاعد الأخير في العنف جزءًا من هجوم أوسع نطاقًا ووحشيًا تشنه قوات الدعم السريع للسيطرة على الفاشر، آخر معقل لها في دارفور لا يزال خارج سيطرتها الكاملة.
هجمات مُستهدفة على ملاذات آمنة
أدت الهجمات على البنية التحتية المدنية الأساسية في انتهاك صارخ للقانون الدولي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلًا في المدينة، التي تعاني من حصار منذ أكثر من عام. وتأتي هذه الخسائر الأخيرة في خضم فترة أوسع من إراقة الدماء، شهدت مقتل 53 مدنيًا على الأقل وإصابة أكثر من 60 آخرين على يد قوات الدعم السريع في الفاشر بين 5 و8 أكتوبر/تشرين الأول وحده.
أهم النقاط
- حصيلة القتلى المدنيين: قُتل ما لا يقل عن 20 مدنيًا في هجومين استهدفا المستشفى السعودي ومسجدًا قريبًا منه في الفاشر.
- استهداف جناح الولادة: استهدف الهجوم على المستشفى جناح الولادة تحديدًا، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا، بينهم مرضى وعاملون في مجال الصحة، فيما يُعد الهجوم الثالث على المنشأة خلال أسبوع واحد.
- الجهة المُدّعى عليها: أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن قوات الدعم السريع شبه العسكرية مسؤولة، على ما يُزعم، عن إطلاق النار على المواقع المدنية.
- كارثة إنسانية: لا تزال مدينة الفاشر تحت حصار دام أكثر من 500 يوم، حيث انقطعت إمدادات الغذاء والماء والرعاية الطبية عن مئات الآلاف من المدنيين.
- إدانة جرائم الحرب: أدانت الأمم المتحدة بشكل قاطع استهداف المستشفيات ودور العبادة، مؤكدةً أن مثل هذه الأعمال غير مقبولة على الإطلاق وتُشكل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي.
- مخاوف بشأن الدوافع العرقية: أفادت التقارير بأن الهجمات البرية الأوسع نطاقًا التي شنتها قوات الدعم السريع في المنطقة شملت عمليات إعدام بإجراءات موجزة، حيث تُشير المعلومات الأولية إلى أن عمليات القتل هذه ربما كانت بدوافع عرقية.
- أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الصحة الإنجابية التابعة للأمم المتحدة، بالتأثير المُدمر بشكل خاص على الرعاية الصحية، مُشيرًا إلى أن هجوم يوم الثلاثاء استهدف جناح الولادة في المستشفى السعودي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا، بينهم مرضى وعاملون في مجال الصحة. أدى الاستهداف المتكرر للمنشأة، التي كانت تعمل أصلاً بطاقة منخفضة، إلى دفع آخر شريان حياة طبي في المدينة إلى حافة الانهيار.
الأزمة الإنسانية تتفاقم تحت الحصار
تواجه الفاشر، التي تُعدّ ملاذاً آمناً لمئات الآلاف من النازحين داخلياً، كارثة إنسانية غير مسبوقة. وقد كثّفت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي وهجماتها بالطائرات المسيّرة بلا هوادة في الأشهر الأخيرة، مُحكمةً قبضتها التي خنقت طرق المساعدات الحيوية. وأعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن أسفه لأن سكان الفاشر “محاصرون ومرعوبون ومنقطعون عن المساعدات، وأن آخر شريان حياة لهم للرعاية الطبية مُهدد”.
لقد وضعت الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتي اندلعت في أبريل/نيسان 2023، دارفور في بؤرة صراع أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وشرد أكثر من 14 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد. وقد أدان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، استمرار تجاهل قوات الدعم السريع للقانون الدولي، مشيرًا إلى أنها “تواصل بدلاً من ذلك قتل المدنيين وإصابتهم وتشريدهم، ومهاجمة الأهداف المدنية، بما في ذلك ملاجئ النازحين والمستشفيات والمساجد، في تجاهل تام للقانون الدولي. يجب أن ينتهي هذا”.
تحذّر منظمات الإغاثة من أن انقطاع طرق الإمداد ومنع وصول المساعدات الإنسانية جعلا جهود الإغاثة المستدامة شبه مستحيلة. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية – حيث تعاني مناطق شمال دارفور من المجاعة وارتفاع حاد في سوء التغذية الحاد الوخيم بين الأطفال – يواجه المجتمع الدولي ضغوطًا متزايدة لفرض وقف للأعمال العدائية وحماية مئات الآلاف من المدنيين الذين ما زالوا محاصرين داخل المدينة المحاصرة. إن الخسائر المأساوية في الأرواح في هذه الهجمات على المرافق المخصصة لتوفير السلامة والرعاية تُذكرنا بشدة بتصاعد العنف والحاجة المُلِحّة للتدخل العالمي. ويمثل الاستهداف المُتعمّد للمرضى والنازحين انحدارًا مُظلمًا في حرب السودان المُدمرة.