واشنطن، الولايات المتحدة – 27 سبتمبر 2025
ترامب وأردوغان يتفقان على مسار لوقف النار وسلام دائم في غزة: دفع تركي-أمريكي مشترك نحو حل الدولتين
في خضم جهود دولية مكثفة لإنهاء الحرب المدمرة في قطاع غزة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه توصل إلى اتفاق وتفاهم مشترك مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب بشأن “كيفية تحقيق وقف إطلاق النار وسلام دائم” في الأراضي الفلسطينية. جاء هذا الإعلان عقب محادثات “بناءة ومثمرة” عقدت في البيت الأبيض، حيث أكد الزعيمان على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، واعتبر أردوغان أن حل الدولتين هو “الصيغة الأمثل” لتحقيق سلام دائم في المنطقة، وهو ما أشار الرئيس ترامب إلى تفهمه لـ “أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر”. يمثل هذا الاتفاق الثنائي نقطة تحول محتملة في مسار المفاوضات، مقدماً دفعاً جديداً لحل يرتكز على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، في ضوء الحرب الدائرة التي لم تشهد لها المنطقة مثيلاً منذ عقود.
تفاهمات البيت الأبيض: إنهاء الصراع وتحقيق التسوية
شكل لقاء الرئيسين أردوغان و ترامب في واشنطن محطة بالغة الأهمية على صعيد العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية الشائكة، وفي مقدمتها الأزمة في غزة. وبعيداً عن التفاهمات الثنائية حول الدفاع والتجارة، ركز الجزء الأكبر من المباحثات على الأوضاع في القطاع الفلسطيني.
أشاد الرئيس أردوغان بـ “التقدم الملموس” الذي تم إحرازه في محادثاته مع الرئيس ترامب، خاصة فيما يتعلق بـ مسار وقف إطلاق النار والوصول إلى سلام دائم. وفي تصريحات نقلها مكتب الرئيس التركي، أوضح أردوغان أنه شرح بالتفصيل لنظيره الأمريكي رؤية أنقرة للعملية، مؤكداً “أوضحنا كيفية تحقيق وقف إطلاق النار في غزة وفلسطين بأكملها، وتحقيق سلام دائم بعد ذلك. وتم التوصل إلى تفاهم في هذا الصدد”.
ويكمن جوهر هذا التفاهم في رؤية مشتركة بضرورة الانتقال من مجرد هدنة مؤقتة إلى سلام دائم وشامل، ينهي دوامة العنف المتكررة. وقد ربط أردوغان هذا الهدف مباشرة بتبني حل الدولتين، قائلاً: “قلنا إن حل الدولتين هو الصيغة الأمثل لتحقيق سلام دائم في المنطقة، وإن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر”، مشيراً إلى إدراك الرئيس ترامب لهذه الحقيقة.
تأتي هذه التفاهمات المشتركة في سياق مقترح أوسع تقدمت به الإدارة الأمريكية لإنهاء الصراع، تُعرف بـ “خطة السلام ذات الـ 21 نقطة”. وبحسب تسريبات إعلامية، تتضمن هذه الخطة بنوداً مفصلة تسعى إلى معالجة كافة جوانب النزاع ما بعد الحرب، وتشمل:
* وقف إطلاق نار دائم: إنهاء شامل للعمليات العسكرية.
* الإفراج السريع عن الأسرى: تبادل فوري وكامل لجميع الأسرى والمحتجزين من كلا الجانبين.
* الانسحاب التدريجي الإسرائيلي: سحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة بشكل مخطط ومراقب.
* نهاية حكم حماس ونزع سلاح القطاع: يتضمن المقترح إنهاء سيطرة حركة حماس وعرض عفو على قادتها إذا غادروا القطاع، بالإضافة إلى نزع شامل للسلاح.
* نشر قوة أمنية عربية: نشر قوة أمنية دولية أو إقليمية من دول عربية لضمان الأمن خلال المرحلة الانتقالية.
* إشراك السلطة الفلسطينية: إشراك محدود للسلطة الفلسطينية في الحكم المدني والإداري في غزة.
* ضمانات أمريكية: ضمانة واضحة من واشنطن بعدم ضم إسرائيل لأي أراضٍ في الضفة الغربية.
* صندوق إعمار عالمي: إنشاء صندوق عالمي مشترك بالتعاون مع دول خليجية مثل السعودية والإمارات، والولايات المتحدة لإعادة إعمار البنى التحتية المدمرة في غزة.
ويُعتقد أن الرئيس أردوغان قد دعم بشكل كبير المقترحات المتعلقة بوقف النار الدائم وحل الدولتين وضرورة إعادة الإعمار، مع التركيز على دور تركيا المحتمل كضامن أو مشارك في عملية إعادة البناء والتسوية السياسية.
ردود الفعل الإقليمية ودور تركيا المستقبلي
لقيت الأنباء عن اتفاق ترامب وأردوغان اهتماماً إقليمياً ودولياً واسعاً، خاصة أن تركيا، بقيادة أردوغان، تُعد من أكثر المنتقدين صراحة للهجوم الإسرائيلي على غزة، بينما تلعب إدارة ترامب دور الوسيط الرئيسي. ويعكس هذا التفاهم تقاطع مصالح بين البلدين لإيجاد مخرج للأزمة، حيث تسعى واشنطن لتحقيق “سلام” تعتبره إنجازاً سياسياً، بينما تسعى أنقرة لتعزيز نفوذها كلاعب أساسي في الملف الفلسطيني.
وكان ترامب قد أشار إلى تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق، وذلك عقب اجتماعات سابقة مع قادة الدول العربية والإسلامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا التفاؤل، المدعوم الآن بالتفاهم مع أردوغان، يشير إلى دفع أمريكي لفرض خطة سلام متكاملة، تتجاوز مجرد تبادل الأسرى.
ومع ذلك، لا تزال العقبات قائمة، أبرزها الموقف الإسرائيلي تجاه فكرة حل الدولتين وتفاصيل “اليوم التالي” في غزة، وخاصة فيما يتعلق بإنهاء حكم حماس ونزع السلاح، وهي بنود قد تثير خلافات عميقة بين الأطراف المتصارعة. ويبرز دور تركيا، باعتبارها تتمتع بقنوات اتصال مع حماس، كعامل حاسم في محاولة تمرير المقترحات المتعلقة بوقف إطلاق النار.
إن مسار السلام الدائم الذي تحدث عنه الرئيسان أردوغان و ترامب ما زال في مراحله التمهيدية، ولكن الإعلان عن اتفاق على آلية للعمل المشترك، يشكل إشارة واضحة على أن الضغط الدولي، بمزيج من النفوذ التركي والوزن الأمريكي، يتزايد نحو فرض نهاية للصراع ترتكز على رؤية سياسية للمستقبل، يعود فيها حل الدولتين إلى صدارة الأجندة الدولية. وتترقب العواصم الإقليمية والعالمية الخطوات التالية التي ستترجم هذا التفاهم إلى واقع ملموس على الأرض في غزة.
نقاط رئيسية
* عقد بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
* التوصل إلى مسار مشترك لـ وقف إطلاق النار وسلام دائم في غزة والأراضي الفلسطينية.
* أردوغان يعلن التوصل إلى اتفاق حول كيفية تحقيق الوقف الدائم للنار.
* الزعيمان يؤكدان على أن حل الدولتين هو “الصيغة الأمثل” لتحقيق سلام دائم.
* الإعلان يأتي في ظل طرح أمريكي لخطة سلام من 21 نقطة تشمل نزع سلاح غزة وتوفير ضمانات بعدم ضم أراضٍ في الضفة الغربية.
* يشير الاتفاق إلى تزايد الضغط الدولي، بجهود تركية وأمريكية، لإنهاء الحرب والانتقال إلى مرحلة التسوية السياسية.
——————-
لندن، المملكة المتحدة (لصحيفة سي جي العربية )