نيويورك، الولايات المتحدة – ٢٨سبتمبر 2025
تصعيد العقوبات: قرار أممي وشيك يعيد إيران إلى عزلة ما قبل الاتفاق النووي
في ذروة التوتر الدبلوماسي بين الشرق والغرب، باتت عقوبات الأمم المتحدة على إيران على وشك أن تُعاد بشكل تلقائي اليوم السبت، بعدما فشلت محاولة أخيرة مدعومة من روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي لتأجيل هذا الإجراء الحاسم. هذا الفشل يمثل انتصارًا لآلية “الزناد” (Snapback)، التي أطلقتها القوى الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، ويدفع ببرنامج إيران النووي والعلاقات الدولية إلى مرحلة جديدة من المواجهة.
تفاصيل التصويت الدرامي في مجلس الأمن
شهد مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة تصويتاً حاسماً على مشروع قرار قدمته روسيا والصين يهدف إلى تمديد تعليق العقوبات على إيران لمدة ستة أشهر، لإتاحة مزيد من الوقت للدبلوماسية.
* فشل التأجيل: لم يحصل مشروع القرار الروسي-الصيني على الأصوات التسعة المؤيدة اللازمة لاعتماده. وقد صوتت أربع دول فقط لصالحه (روسيا، الصين، الجزائر، وباكستان)، بينما عارضته تسع دول، بما في ذلك الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، وامتنعت دولتان عن التصويت.
* تأكيد “الزناد”: بما أن المجلس فشل في اعتماد أي قرار يقضي بمواصلة رفع العقوبات، فإن “آلية الزناد” المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015، تُفَعَّل تلقائياً. هذه الآلية مصممة لإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة المعلقة دون الحاجة إلى تصويت إضافي أو إمكانية استخدام حق النقض (الفيتو).
* الموعد والتوقيت: من المقرر أن تدخل إعادة فرض العقوبات حيز التنفيذ التلقائي ابتداءً من منتصف ليل الجمعة-السبت، 27 سبتمبر 2025، بتوقيت الأمم المتحدة.
العقوبات التي ستُعاد وما هي تداعياتها؟
ستؤدي إعادة تفعيل “آلية الزناد” إلى إحياء حزمة واسعة من العقوبات الدولية التي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. هذه العقوبات ستعيد إيران فعلياً إلى وضعها قبل الاتفاق النووي على الصعيد الدولي.
* حظر الأسلحة: إعادة فرض حظر كامل على مبيعات وتوريد الأسلحة والمواد ذات الصلة من وإلى إيران.
* النشاط النووي والصاروخي: مطالبة إيران بوقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، بما في ذلك الأبحاث والتطوير. كما سيتم فرض عقوبات على أنشطة الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
* عقوبات مالية ومصرفية: إعادة تجميد أصول وكيانات وأفراد إيرانيين مرتبطين بالبرنامج النووي أو الحرس الثوري في الخارج. وإلزام الدول بمراقبة التعاملات المالية مع البنوك الإيرانية الكبرى.
* تفتيش الشحنات: إجازة تفتيش الشحنات الإيرانية (الجوية والبحرية) المشتبه بنقلها لمواد محظورة.
من المتوقع أن تؤدي عودة هذه العقوبات إلى زيادة الضغط بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني المتضرر بالفعل، وتعميق عزلة البلاد المالية والتجارية عن النظام العالمي.
ردود الفعل والتحذيرات الدولية
تباينت ردود الفعل في أعقاب فشل مشروع القرار الروسي-الصيني، مع تحذيرات من تصعيد محتمل للتوترات.
* الموقف الأوروبي والأمريكي: عبرت الدول الغربية عن التزامها بالدبلوماسية، لكنها أكدت أن إيران لم تترك للمجتمع الدولي خيارًا سوى تفعيل “الزناد” بسبب “عدم وفائها بالتزاماتها النووية بشكل جوهري”. وأكدت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة أن العقوبات ستُعاد وعلى جميع الدول الأعضاء الالتزام بها.
* الرد الإيراني: من جهتها، وصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وغيره من المسؤولين القرار بأنه “غير عادل، وغير شرعي، وباطل قانونياً”، مؤكدين أن إيران ستنهي اتفاقها الأخير للتعاون والتفتيش مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كنتيجة مباشرة لإعادة فرض العقوبات.
* التحذير الروسي: حذر نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة من أن إعادة فرض العقوبات “قد يكون له عواقب وخيمة وقد يؤدي إلى تصعيد في الشرق الأوسط”، داعياً القوى الغربية إلى اختيار طريق الحوار بدلاً من “الابتزاز الأخرق”.
يضع هذا التطور السريع برنامج إيران النووي في وضع بالغ الحرج، حيث تزداد مخاوف المجتمع الدولي بشأن تخصيب إيران لليورانيوم إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية، في ظل غياب الرقابة الكاملة والمستقلة.
——————-
لندن، المملكة المتحدة (لصحيفة سي جي العربية )