Some Populer Post

  • Home  
  • سلسلة مقالات علم الانسان – نظرية الافتراس الذاتي للمجتمعات 
- الدائرة الأخيرة - مقالات الكتاب

سلسلة مقالات علم الانسان – نظرية الافتراس الذاتي للمجتمعات 

سلسلة مقالات علم الانسان – نظرية الافتراس الذاتي للمجتمعات ، ضمن مخطط الحروب المتعددة بقلم المفكرة والأديبة د. عبير المعداوي كيف نُثقّف المجتمع والمواطن؟ ولماذا تحتاج كل أمة إلى وجهتها الثقافية المستقلة؟ إنّ جوهر الإشكال يبدأ من ماهية النمط الحضاري الثقافي الذي يظهر في السلوك والعادات والتقاليد والأعراف. هذه الماهية، حين تُفهم وتُحلَّل ويُزال غموضها، تتحول إلى قوة تأسيسية تمنح الوطن هويةً […]

عبير المعداوي

سلسلة مقالات علم الانسان – نظرية الافتراس الذاتي للمجتمعات ، ضمن مخطط الحروب المتعددة

بقلم المفكرة والأديبة د. عبير المعداوي

كيف نُثقّف المجتمع والمواطن؟ ولماذا تحتاج كل أمة إلى وجهتها الثقافية المستقلة؟

إنّ جوهر الإشكال يبدأ من ماهية النمط الحضاري الثقافي الذي يظهر في السلوك والعادات والتقاليد والأعراف. هذه الماهية، حين تُفهم وتُحلَّل ويُزال غموضها، تتحول إلى قوة تأسيسية تمنح الوطن هويةً عريقة وبصمةً إنسانية واضحة.

ولا يتحقق ذلك إلا بالتعليم، والثقافة، والمكتسبات الاجتماعية التي تُشكّل خلاصة التاريخ الإنساني والأسري للمجتمع.

إن استراتيجية التعليم ونقل الثقافة الإنسانية تبدأ مع ميلاد الطفل. فالطفل يحمل تجارب الآباء والأجداد، وهويتهم وبصمتهم، ولكن تقدّمه لا يكون بالنقل الأعمى، بل بالابتكار والإضافة.

أما النقل دون تطوير، فما هو إلا تبعية للماضي تدفع المجتمع إلى الخلف على جميع المستويات.

ماذا يحدث إن تخلّى مجتمع عن ميراثه الثقافي؟

إذا توقفتَ عن حمل ميراثك المعرفي والحضاري والسلوكي، وأهملتَ هويتك الثقافية، فإنّ النتيجة واحدة وخطيرة:

اولا سيتم غزوك بنمط ثقافي آخر.

ستتسلل إليك هوياتٌ غريبة تحتل عقلك ووجدانك، عبر وسائط متعدّدة:

   •   الفن

   •   الإعلام

   •   السوشيال ميديا

   •   التطبيقات

   •   ملايين المؤثرين بمحتوى لا يمتّ إليك بصلة

يُفرض عليك كل ذلك ليُنسيك ماضيك الذي تركته طوعًا، فيدخل هذا “الدخيل الثقافي” إلى حياتك بكل تفاصيلها.

وفجأة ـ إن نظرت إلى نفسك ـ لن ترى الإنسان الذي ينتمي إلى أرضه، بل مسخًا مشوّهًا يبحث عن ذاته ولا يجدها.

وهذا تحديدًا ما تتناوله هذه النظرية: الافتراس الذاتي.

أزمة المجتمع: السبات الثقافي… وتقليد الأعداء

المجتمع عاش سباتًا طويلًا، ابتعد فيه عن الوطنية والثقافة السليمة، بينما كانت تُضَخ أفكار معادية للوطن.

والمشكلة الأكبر في أولئك الذين يدّعون الثقافة وهم في الحقيقة أدوات لخطاب عالمي معادٍ يدعم التبعية (العولمة) والإعلام الهدّام للعقول.

كما أنّ الرأسمالية المتوحشة حولت الثقافة والإعلام والتعليم إلى سلعة ومصدر ضخم لنهب المجتمع.

وخلال الثلاثين عامًا الأخيرة، دخل الإعلام والصحافة حالة شلل. غابت الكلمة الحرة، وظهر آلاف “صُنّاع الترند” الذين يشغلون العقول بالتفاهات.

ومن هنا يبدأ الحديث…

ثانيا المجتمع الواثق لا يقلّد أحدًا

في نظرية الافتراس الذاتي، لا يمكن لمجتمع واثق من نفسه أن يقلّد أحدًا… بل على الآخرين تقليده.

الأمم الأصيلة كانت دائمًا هدفًا للعدو؛ لأنّ ضرب الهوية الثقافية فيها يعني السيطرة عليها.

يُقدَّم للناس نمط ثقافي أجنبي باعتباره الأفضل والأرقى، بينما يُحقّر ما لديهم من تراث ولباس وتقاليد.

وبمجرد اقتناعهم بذلك، يصبح التحكم فيهم وفي الوطن أسهل.

فالعدو ـ حين يعجز عن احتلال الأرض ـ يتحول إلى احتلال الإنسان نفسه:

عقله، سلوكه، طعامه، شرابه، ملابسه، رؤيته للحياة، علاقاته… وكل شيء.

ومع انتشار الألعاب الإلكترونية والتطبيقات، أصبح “البلوجر” أخطر أدوات التأثير؛ لأنه من داخل المجتمع نفسه، ويتحدث بلسان أهله، لكنه يروّج لثقافة غريبة.

ولهذا نرى دولًا كالصين تمنع تطبيقات بعينها لأنها تعرف دورها الحقيقي.

وهي نفسها التي أخرجت “تيك توك”… أشهر تطبيق للتجسس.

كيف يتم تشكيل الرأي العام قبل طرح أي قضية؟

قبل طرح الإعلام لأي نموذج فكري أو قانون جديد، تُغرق التطبيقات والسوشيال ميديا الناس بآلاف الحوادث والقصص المثيرة التي تصبح ترندًا، فتشكّل قاعدة فكرية يُبنى عليها لاحقًا تمرير الفكرة المطلوبة.

مثال ذلك:

مواد في قانون “حقوق المرأة” الصادر عن الأمم المتحدة عام 2012، والتي تتعارض مع الفكر الإسلامي في قضايا الميراث والطلاق.

قبل عرض هذه المواد، تم إغراق الفيسبوك ومواقع الأخبار بقضايا مثيرة تتعلق بالمرأة وحقوقها، لتجهيز الرأي العام.

وهذا النوع من الضغوط الاجتماعية يُستخدم لإجبار الحكومات لاحقًا على الخضوع… وقد حدث ذلك في ثورات 2010 التي اعتمدت أساسًا على “Facebook & Twitter”.

ولا تنسوا أن “الناشطين” المدربين جيدًا على خلق الفوضى الخلّاقة هم أدوات مدفوعة، تُستخدم لإشعال الشارع.

مثال ذلك

القصة الشهيرة للبلوجر التي تجرّدت من ملابسها و شاركت مهرجانات عالميه للعراه و سبق كل هذا ثوره اعلاميه عليها عندما جردت اسمها من الاب الى الام و هذا نموذج واضح لخلق “صناعة رأي عام مزيف”.

هذه الفتاة بدأت باستبدال لقب الأب بلقب الأم، ثم خرجت شبه عارية، ثم سافرت إلى أوروبا لتصوّر نفسها بلا ملابس تحت شعار “حرية المرأة”.

وكادت أن تفرض فكرتها على الدولة… لولا تدخل أوروبا نفسها، والكنيسة، والفاتيكان، الذين أوقفوا الحركة.لكنها ما زالت تعمل في الخفاء.

لماذا يجب اعتماد الإعلام السياسي الاجتماعي… علما يدرس و هو علم أقترحه في رسالتي

كل ما يراه الناس في التطبيقات والترندات ليس بريئًا، بل جزء من علم سياسي–اجتماعي إعلامي معقد.

أنا ـ ككاتبة وباحثة ـ اقترحتُ هذا العلم في رسالتي للدكتوراه، وأسعى لتأسيسه علميًا، لأنه يكشف:

   •   دور السوشيال ميديا في زعزعة استقرار الدول

   •   سلب العقول وطمس الهوية

   •   استبدال ثقافة المجتمع بثقافات هجينة

   •   السيطرة على المواطن تمهيدًا للسيطرة على الوطن

لذلك أقول:

لا تمشوا خلف الترند… ولا تصدقوا صانعيه.

فمعظمهم عملاء مدفوعين بملايين الدولارات، والنهاية دائمًا مأساوية، لأن لعبة الشيطان لا نجاة منها.

.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عنا

صحيفة سي جاي العربية هي واحدة من اهم اصدارات شركة Castle Journal البريطانية الدولية لانتاج الصحف والمجلات و مقرها لندن – المملكة المتحدة البريطانيه.

CJ  العربية © Published by Castle Journal LTD.