باتون روج، لويزيانا – ٢٣ يوليو 2025
في إنجازٍ قد يُحدث تغييرًا جذريًا في معركة مكافحة السمنة، أفاد باحثون في مركز بينينجتون للأبحاث الطبية الحيوية أن دواءً جديدًا ثنائي المفعول أدى إلى انخفاض ملحوظ في تناول السعرات الحرارية لدى المرضى بنسبة 72%، دون أي جهد إرادي أو اتباع حمية غذائية تقليدية. تُبرز النتائج، التي نُشرت في 17 يوليو، التأثير العميق لهذا الدواء، تيرزيباتيد، على التحكم في الشهية واستجابات الدماغ للطعام.
ركزت الدراسة، التي أُجريت بالتعاون مع مؤسسات أخرى ونُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Medicine، على تيرزيباتيد، وهو دواء مُعتمد بالفعل لعلاج داء السكري من النوع الثاني وإدارة الوزن (يُسوّق باسمي “مونجارو” و”زيباوند”). في حين أن فعالية تيرزيباتيد في تعزيز فقدان الوزن قد ثبتت صحتها، فإن هذا البحث الجديد يقدم رؤىً جوهرية حول الآليات الأساسية التي تُسهم في هذا النجاح.
إعادة برمجة الشهية واستجابات الدماغ
خلال تجربة المرحلة الأولى التي استمرت ستة أسابيع، أظهر المشاركون الذين تلقوا تيرزيباتيد انخفاضًا كبيرًا في استهلاكهم للطعام. وبحلول الأسبوع الثالث، ظهرت تغييرات ملحوظة، بلغت ذروتها بانخفاض في السعرات الحرارية المُتناولة بنسبة 72% مقارنةً بخط الأساس قبل العلاج. وقد لوحظ هذا الانخفاض خلال تقييمات الوجبات التي تُجرى حسب الرغبة، حيث لم يُطلب من المشاركين اتباع نظام غذائي أو تقييد طعامهم.
صرح الدكتور مايكل مارتن، الباحث الرئيسي في شركة بينينجتون بيوميديكال: “يعزز تيرزيباتيد فقدان الوزن وتقليلًا كبيرًا في تناول الطعام، مع بذل جهد إرادي ضئيل على ما يبدو بين المشاركين. وهذا أمرٌ جديدٌ بالفعل”.
وجدت الدراسة أن الدواء كبح بفعالية العديد من مقاييس الشهية و”الرغبة في تناول الطعام”، بما في ذلك الجوع والرغبة الشديدة في تناول الطعام. من الجدير بالذكر أن تيرزيباتيد لم يُعزز رغبة المشاركين في الحد من تناول الطعام، وهو ما يُميزه بشكل رئيسي عن أساليب الحمية الغذائية التقليدية التي غالبًا ما تعتمد على الجهد الواعي وقوة الإرادة.
قدّمت دراسات تصوير الدماغ التي أجراها الدكتور أوين كارمايكل، مدير مركز التصوير الطبي الحيوي في بينينجتون بيوميديكال، وفريقه، رؤىً آليةً إضافية. كشفت المسوحات أن الأفراد الذين تناولوا تيرزيباتيد أظهروا نشاطًا أقل في مناطق الدماغ المسؤولة عن الجوع والمكافأة عند عرض صور لأطعمة غنية بالدهون والسكريات. يشير هذا إلى أن الدواء لا يُثبّط الشهية فحسب، بل يُغيّر بشكل فعّال استجابات الدماغ الأساسية للأطعمة الشهية.
قال الدكتور كارمايكل: “من المعروف أن تيرزيباتيد يُعزز فقدان الوزن بشكل أكبر في المتوسط مقارنةً بليراجلوتيد، ولكن لم يتضح السبب تمامًا”. “تشير بياناتنا إلى أن أحد أسباب فعالية تيرزيباتيد الأكبر قد يكون تأثيره الأكبر على وظائف الدماغ”. حقبة جديدة في علاج السمنة
تيرزيباتيد هو مُنشِّط ثنائي لمستقبلات GIP/GLP-1 (بولي ببتيد مُوجِّه للأنسولين معتمد على الجلوكوز وببتيد شبيه بالجلوكاجون-1). تلعب هذه الهرمونات دورًا حاسمًا في تنظيم سكر الدم، والشعور بالشبع، وتوازن الطاقة. من خلال تنشيط كلٍّ من مستقبلات GIP وGLP-1، يبدو أن تيرزيباتيد يُؤثِّر بشكل أعمق على التحكم في الشهية مقارنةً بالأجيال السابقة من أدوية السمنة التي استهدفت في المقام الأول GLP-1 فقط.
تُؤثِّر هذه النتائج بشكل كبير على ملايين الأشخاص الذين يُعانون من السمنة والمضاعفات الصحية المرتبطة بها. إن القدرة على تقليل تناول السعرات الحرارية بشكل كبير دون عناء اتباع نظام غذائي مُستمر يُمكن أن تُحدِث ثورة في إدارة الوزن، مما يجعلها أكثر سهولةً واستدامةً لشريحة أوسع من السكان.
في حين أن المزيد من الأبحاث والدراسات طويلة الأمد جارية، يُقدِّم هذا التقرير الأخير من شركة بينينجتون بيوميديكال أدلةً دامغةً على التأثيرات القوية لتيرزيباتيد على السلوك الهضمي والآليات العصبية الكامنة وراءه. ويمثل هذا خطوة كبيرة في تطوير العلاجات الدوائية التي يمكنها معالجة السمنة بشكل فعال من خلال استهداف العوامل الفسيولوجية والعصبية المسببة للإفراط في تناول الطعام.
