أديلايد، أستراليا – ٦ اغسطس ٢٠٢٥
تُواجه عقود من النصائح الغذائية التي حذّرت من تناول البيض بسبب محتواه من الكوليسترول، تحديًا جديدًا من خلال تجربة سريرية رائدة. نشر باحثون من جامعة جنوب أستراليا نتائج تُشير إلى أن الدهون المشبعة الموجودة في مكونات غذائية أخرى، وليس الكوليسترول الموجود في البيض، هي التي تُؤثر بشكل رئيسي على مستويات الكوليسترول الضار LDL، وبالتالي على صحة القلب.
تُمثّل هذه الدراسة الرائدة، التي نُشرت هذا الأسبوع في مجلة تغذية رائدة، نقلة نوعية في فهم العلاقة المُعقدة بين النظام الغذائي والكوليسترول وأمراض القلب والأوعية الدموية. لسنوات، وُصف البيض بأنه “مُضلّل”، حيث أدى ارتفاع نسبة الكوليسترول الغذائي فيه إلى توصيات بتناول كميات محدودة منه، خاصةً لمن هم مُعرّضون لخطر الإصابة بأمراض القلب.
صرح البروفيسور جون باكلي، الباحث الرئيسي من جامعة جنوب أستراليا: “لطالما تعرّض البيض للانتقاد بسبب النصائح الغذائية القديمة”. إنها فريدة من نوعها – غنية بالكوليسترول، نعم، لكنها منخفضة الدهون المشبعة.
في هذه التجربة السريرية الشاملة، فصل الباحثون بعناية آثار الكوليسترول الغذائي عن الدهون المشبعة. وُزّع المشاركون على ثلاثة أنظمة غذائية متساوية السعرات الحرارية على مدى خمسة أسابيع: نظام غذائي غني بالدهون المشبعة والكوليسترول، ونظام غذائي غني بالدهون المشبعة ولكنه منخفض الكوليسترول، ونظام غذائي غني بالكوليسترول (يشمل بيضتين يوميًا) ولكنه منخفض الدهون المشبعة.
كانت النتائج مبهرة. فقط النظام الغذائي الغني بالكوليسترول ولكنه منخفض الدهون المشبعة (والذي شمل بيضتين يوميًا) أظهر انخفاضًا ملحوظًا في مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة. في المقابل، فإن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون المشبعة، بغض النظر عن تناول البيض، إما زادت أو حافظت على مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة أعلى.
وأكد البروفيسور باكلي: “في هذه الدراسة، فصلنا آثار الكوليسترول والدهون المشبعة، ووجدنا أن الكوليسترول الغذائي المرتفع من البيض، عند تناوله كجزء من نظام غذائي منخفض الدهون المشبعة، لا يرفع مستويات الكوليسترول السيئ”. بدلاً من ذلك، كانت الدهون المشبعة هي السبب الحقيقي لارتفاع الكوليسترول. يمكننا القول إننا قدمنا أدلة دامغة دفاعًا عن البيضة المتواضعة.
يستند هذا البحث إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تُحسّن تدريجيًا سمعة البيضة. كما أشارت دراسات رصدية سابقة إلى أن تناول البيض باعتدال قد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأفراد الأصحاء، وحتى لدى بعض كبار السن.
تشير النتائج إلى أن الممارسة الشائعة المتمثلة في إقران البيض بالأطعمة الغنية بالدهون المشبعة مثل لحم الخنزير المقدد أو السجق أو الزبدة في وجبة الإفطار التقليدية ربما ساهمت، دون قصد، في الاعتقاد الخاطئ بأن البيض نفسه هو المشكلة. وتُبرز هذه الدراسة أهمية مراعاة النمط الغذائي العام بدلًا من عزل مكونات غذائية فردية.
بالنسبة للمستهلكين، تُقدم هذه الدراسة خبرًا سارًا: يُمكن أن يكون البيض جزءًا قيّمًا من نظام غذائي صحي للقلب. فهو مصدر غني بالبروتين والفيتامينات (بما في ذلك د وب12) والمعادن. خلاصة القول هي التركيز على تقليل استهلاك الدهون المشبعة من مصادر أخرى، مثل اللحوم المصنعة، ومنتجات الألبان عالية الدسم، وبعض الأطعمة المقلية، بدلاً من الحدّ الصارم من استهلاك البيض.
في حين أن الإرشادات الغذائية الصادرة عن منظمات مثل جمعية القلب الأمريكية قد بدأت بالفعل بتخفيف موقفها من تناول البيض، فإن هذا البحث الجديد يوفر بيانات تجارب سريرية قوية تدعم بشكل أكبر رؤية أكثر دقة للبيض وعلاقته بصحة القلب والأوعية الدموية. يقول الباحثون إن الوقت قد حان لتغيير المعتقدات البالية وتبني الفوائد الغذائية لهذا الطعام متعدد الاستخدامات.
