روتشستر، نيويورك
تُقدم مجموعة متزايدة من الأبحاث الجديدة أدلة دامغة على أن أدوية مُنشِّطات مستقبلات GLP-1 (GLP-1 RA)، المعروفة على نطاق واسع باستخدامها في إدارة داء السكري من النوع الثاني وتعزيز فقدان الوزن (مثل أوزيمبيك وويغوفي)، قد تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في الحد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، بل وتحسين فرص التعافي لمن يُصاب بها. تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة لاستراتيجيات العلاج والوقاية في مجال صحة القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي.
تشير الدراسات الحديثة التي عُرضت في الاجتماع السنوي لجمعية جراحة الأعصاب التداخلية (SNIS) لعام 2025، بالإضافة إلى تلك المنشورة في مجلات مثل Stroke والمجلة الطبية الأوروبية، إلى أن مُنشِّطات مستقبلات GLP-1 RA تُقدم تأثيرات عصبية وقائية غير متوقعة في كل من السكتة الدماغية الإقفارية (الناجمة عن جلطة دموية) والسكتة الدماغية النزفية (الناجمة عن نزيف في الدماغ).
وجدت دراسة مهمة من جامعة ويسكونسن ماديسون، باستخدام بيانات مركزها الطبي المؤسسي وتعاون صحي عالمي واسع النطاق يضم أكثر من مليوني مريض سكتة دماغية، ارتباطًا مثيرًا للاهتمام. شهد المرضى الذين كانوا يتناولون أوزيمبيك وقت الإصابة بسكتة دماغية إقفارية حادة معدلات وفاة أقل بكثير من السكتة الدماغية، وكانت لديهم فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل مقارنة بغير المستخدمين. في مجموعة البيانات العالمية، كانت الوفاة الأولية من السكتة الدماغية أقل بأربع مرات لدى مستخدمي أوزيمبيك (5.26٪) مقارنة بغير المستخدمين (21.61٪)، مع فرصة بقاء على قيد الحياة على المدى الطويل بنسبة 77.5٪ للمستخدمين مقابل 30.95٪ لغير المستخدمين.
أبرزت دراسة أخرى بأثر رجعي، نُشرت مؤخرًا، أن استخدام GLP-1 RA كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية بنسبة 19٪ وانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 37٪ لدى البالغين المصابين بداء السكري من النوع 2 والسمنة. علاوة على ذلك، ارتبطت هذه الأدوية بانخفاض خطر الوفاة لجميع الأسباب بنسبة 30٪. أظهرت الدراسة، التي أُجريت باستخدام السجلات الصحية الإلكترونية من شبكة أمريكية واسعة، انخفاضًا في خطر الإصابة بنزيف داخل المخ غير الرضحي (ICH) لدى مستخدمي مثبطات GLP-1 RA.
يُعتقد أن الآليات الكامنة وراء هذه التأثيرات الوقائية متعددة الجوانب. من المعروف أن مثبطات GLP-1 RA تُحسّن عوامل خطر السكتة الدماغية التقليدية: فهي تُخفّض بشكل فعال نسبة السكر في الدم وضغط الدم، وتُحسّن مستويات الدهون – وهي عوامل رئيسية تُساهم في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
تقليل الالتهاب: تُظهر هذه الأدوية خصائص مضادة للالتهابات، والتي قد تكون مفيدة في تخفيف تلف الأوعية الدموية وأنسجة المخ.
تعزيز وظيفة الأوعية الدموية: قد تُحسّن مثبطات GLP-1 RA وظيفة بطانة الأوعية الدموية وتُثبّت تراكم اللويحات في الشرايين، مما يُقلل من احتمالية الانسدادات.
تقليل تراكم الصفائح الدموية: تُشير بعض الأبحاث إلى أن مثبطات GLP-1 RA يُمكن أن تُقلل من تكتل الصفائح الدموية، وهو عامل مُساهم في تكوين الجلطات الدموية التي تُؤدي إلى السكتات الدماغية الإقفارية.
* التأثيرات الوقائية العصبية: تشير البيانات ما قبل السريرية والدراسات البشرية الناشئة إلى أن مثبطات GLP-1 RAs قد تحمي الخلايا العصبية (خلايا الدماغ) بشكل مباشر، وتُقلل الإجهاد التأكسدي، وقد تُبطئ التغيرات الدماغية المرتبطة بالأمراض التنكسية العصبية مثل الزهايمر. بالنسبة للناجين من السكتات الدماغية، قد يُترجم هذا إلى انخفاض خطر الآثار الجانبية المعرفية، والنوبات، ونزيف الدماغ في المستقبل.
في حين أن هذه النتائج مستمدة في معظمها من تحليلات بأثر رجعي ودراسات رصدية، مما يُوفر ارتباطات قوية، يُشدد الباحثون على الحاجة إلى تجارب عشوائية مُحكمة لتحديد علاقة سببية بشكل قاطع، وفهم سلامة وفعالية مثبطات GLP-1 RAs على المدى الطويل، وخاصةً للوقاية من السكتات الدماغية والتعافي منها لدى فئات سكانية أوسع.
ومع ذلك، فإن هذه الأدلة المتراكمة تُحفز تحولًا كبيرًا في فهم المجتمع الطبي لمثبطات GLP-1 RAs، مما يُوسع نطاقها العلاجي المُحتمل إلى ما هو أبعد من مجرد التحكم الأيضي والقلب والأوعية الدموية، ليشمل الحماية المباشرة للأعصاب والأوعية الدموية الدماغية. بالنسبة لملايين الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الذين يتعافون من إحداها، قد تمثل هذه الأدوية آفاقاً جديدة واعدة في تعزيز صحة الدماغ على المدى الطويل وتحسين النتائج الإجمالية.
