بقلم الدكتورة عبير المعداوي
القاهرة- مصر 11 سبتمبر ٢٠٢٥
في لحظة تاريخية مفصلية، تعود إلى الواجهة مخططات قديمة تحمل بين طياتها تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري وللقضية الفلسطينية ذاتها. الحديث عن تهجير أهل غزة إلى سيناء لم يعد مجرد سيناريو في أدراج السياسة، بل أصبح ورقة متداولة في الأوساط الإسرائيلية. لكن، ماذا لو تحوّل هذا السيناريو إلى واقع؟ وكيف سيكون رد مصر التي أعلنت بوضوح أن سيناء “خط أحمر” لا يُمس؟
التحليل ؛
كشفت تقارير إسرائيلية داخلية عن خيارات مطروحة للتعامل مع قطاع غزة، من بينها نقل سكانه قسرًا إلى سيناء. هذه الفكرة التي عادت للظهور تعكس عجزًا عن إيجاد حلول سياسية عادلة، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية عبر تفريغ القطاع من سكانه.
وفق القانون الدولي، وتحديدًا المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، فإن أي تهجير جماعي أو فردي من أراضٍ محتلة يعد جريمة حرب. وبالتالي، فإن مجرد التفكير في نقل سكان غزة قسرًا يشكّل انتهاكًا صارخًا لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
أما مصر، فقد أعلنت موقفها بشكل واضح وحازم: لن يُسمح بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء تحت أي ظرف. الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزارة الخارجية المصرية أكدا أن هذه المحاولة لن تكون مجرد تهديد للقضية الفلسطينية، بل مساس مباشر بالسيادة المصرية والأمن القومي.
السيناريوهات المحتملة
1. ضغط دعائي لإخلاء مناطق من غزة: ستواجهه مصر بالرفض الدبلوماسي والحشد الدولي.
2. عبور محدود لحالات إنسانية عبر رفح: مصر قد تسمح به بشروط صارمة وتحت إشراف دولي، دون أي قبول للتوطين الدائم.
3. محاولة تهجير قسري واسع: ستتعامل معه مصر كعدوان مباشر على سيادتها، وقد يتطور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.
4. تصعيد إقليمي شامل: سيدفع القاهرة لتفعيل تحالفات إقليمية ودولية لمنع تفجير المنطقة بأكملها.
التداعيات الإنسانية
أكثر من مليوني إنسان في غزة يعيشون بالفعل كارثة إنسانية. تهجيرهم نحو سيناء لن يخلق فقط مأساة جديدة، بل سيحوّل سيناء إلى بؤرة للفوضى، ويضع مصر أمام تحديات أمنية واجتماعية غير مسبوقة.
الخلاصة:
إن التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء ليس مجرد سيناريو محتمل، بل مشروع خطير يهدد السلام في المنطقة بأكملها. مصر أوضحت أنها لن تسمح بهذا المخطط، وإن لزم الأمر فستواجهه بكل الأدوات المتاحة، من الدبلوماسية حتى القوة العسكرية. في النهاية، يظل صوت القاهرة هو صوت الدفاع عن السيادة وعن العدالة، ليؤكد للعالم أن فلسطين ليست للبيع، وأن سيناء ليست ساحة للتجارب.
المراجع العربية والدولية
1. اتفاقية جنيف الرابعة – المادة 49: تحظر النقل القسري أو الإبعاد الجماعي للسكان المدنيين من أراضٍ محتلة. (نص الاتفاقية على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر).
2. الأمم المتحدة (OCHA, UNRWA): تقارير دورية تؤكد أن سكان غزة يتجاوزون 2.2 مليون إنسان يعيشون تحت حصار طويل، مع نزوح داخلي يتجاوز 1.9 مليون منذ أكتوبر 2023.
3. وزارة الخارجية المصرية: تصريحات رسمية متكررة تؤكد رفض التهجير واعتباره “خطًا أحمر” للأمن القومي. (بيان الخارجية المصرية 15 أكتوبر 2023).
4. وكالة رويترز (Reuters, 2023–2024): كشفت عن وثائق إسرائيلية داخلية تناقش مقترحات لنقل سكان غزة إلى سيناء أو خارج القطاع.
5. هيومن رايتس ووتش / العفو الدولية (HRW, Amnesty): بيانات تصف أي تهجير قسري للفلسطينيين بأنه جريمة حرب.
6. بيانات الرئاسة المصرية: خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تؤكد رفض القاهرة القاطع لتصفية القضية الفلسطينية عبر سيناء.
7. صحيفة الغارديان والواشنطن بوست (2023–2024): تحليلات وتقارير حول المخططات الإسرائيلية للتهجير القسري وتأثيرها على الأمن المصري والإقليمي.
