Some Populer Post

  • Home  
  • تفاوت الثروة العالمية يصل إلى مستويات حرجة، مُهددًا الاستقرار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي
- دراسات و تقارير

تفاوت الثروة العالمية يصل إلى مستويات حرجة، مُهددًا الاستقرار الاقتصادي والتماسك الاجتماعي

لندن، المملكة المتحدة – ١٠  أغسطس/آب 2025 كشف تقرير جديد صادر عن CJ Global، بالاعتماد على بيانات من منظمة أوكسفام الدولية ومؤسسات اقتصادية رائدة أخرى، عن تسارعٍ صارخ ومقلق للغاية في تفاوت الثروة العالمية. وتشير النتائج إلى أن أغنى 1% من سكان العالم قد استحوذوا على ثلثي إجمالي الثروة الجديدة المُولّدة منذ عام 2020، وهي فترةٌ […]

IMG 9315

لندن، المملكة المتحدة – ١٠  أغسطس/آب 2025

كشف تقرير جديد صادر عن CJ Global، بالاعتماد على بيانات من منظمة أوكسفام الدولية ومؤسسات اقتصادية رائدة أخرى، عن تسارعٍ صارخ ومقلق للغاية في تفاوت الثروة العالمية. وتشير النتائج إلى أن أغنى 1% من سكان العالم قد استحوذوا على ثلثي إجمالي الثروة الجديدة المُولّدة منذ عام 2020، وهي فترةٌ اتسمت بجائحة كوفيد-19 والاضطرابات الاقتصادية اللاحقة. وقد وصل هذا التركيز للثروة، الذي يتزايد منذ عقود، إلى نقطة حرجة، حيث يتجاوز مجموع ثروات أغنى عشرة أفراد الآن إجمالي أصول أفقر 40% من سكان العالم. 

ولا يُعد هذا التفاوت المتزايد مجرد شذوذ إحصائي، بل خللٌ هيكلي في الاقتصاد العالمي، يُؤجج السخط الاجتماعي والاستقطاب السياسي، ويُهدد الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. وفقًا للتقرير، كانت الفترة منذ بداية الوباء بمثابة كنز للأثرياء للغاية. في حين واجهت الغالبية العظمى من سكان العالم ارتفاعًا في تكاليف المعيشة وركودًا في الأجور وعدم اليقين الاقتصادي، شهد أغنى الأفراد ارتفاعًا هائلاً في ثرواتهم. ويسلط التقرير، الذي حلل بيانات من مصادر مثل قاعدة بيانات عدم المساواة العالمية والمنتدى الاقتصادي العالمي، الضوء على أن هذه الزيادة في الثروة لأعلى 1٪ قد جاءت في وقت دُفع فيه الملايين إلى براثن الفقر لأول مرة منذ ربع قرن. 

إن حجم التفاوت الهائل مذهل: فالعشرة أغنى الأشخاص، وهي مجموعة تضم عمالقة التكنولوجيا والصناعة، يمتلكون الآن ثروة أكبر من إجمالي أصول ما يقرب من 3.2 مليار شخص في أسفل السلم الاقتصادي. ويتعمق التحليل في الآليات الأساسية التي تحرك هذا الاتجاه، بحجة أنه ليس مصادفة ولكنه نتيجة لنظام اقتصادي مزور. يتحدى التقرير مفهوم الجدارة، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الثروة إما موروث أو مُولّد من خلال الاحتكار والعلاقات السياسية الوثيقة. ويوضح بالتفصيل كيف رُسمت الأنظمة الضريبية في العديد من الدول لتفضيل مكاسب رأس المال على دخل العمل، مما يسمح للأثرياء بتراكم الثروة بعبء ضريبي أقل بكثير من العامل العادي. علاوة على ذلك، يُسلّط التقرير الضوء على دور الأسواق المالية، التي شهدت ارتفاعًا حادًا في أسعار الأصول، مما أفاد أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة بالفعل.

إن عواقب هذا التفاوت الشديد بعيدة المدى وتؤثر على جميع جوانب المجتمع. اقتصاديًا، يمكن أن يؤدي تركيز الثروة الهائل في القمة إلى خنق النمو من خلال تقليل الطلب الكلي. عندما يفتقر غالبية السكان إلى الدخل المتاح للإنفاق، تكافح الاقتصادات لتحقيق الازدهار. وقد أشارت دراسة أجراها صندوق النقد الدولي سابقًا إلى أن التفاوت المفرط يؤدي إلى تآكل التماسك الاجتماعي ويمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، مما يؤدي بدوره إلى تقويض الأداء الاقتصادي. ويعزز تقرير CJ Global هذا، مجادلًا بأن المد المتصاعد للقومية الشعبوية والاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها أجزاء كثيرة من العالم هي استجابة مباشرة للشعور بالتخلف عن الركب في ظل نظام اقتصادي لا يخدم إلا القلة.

يبحث التقرير أيضًا في تأثير تفاوت الثروة على الحكم الديمقراطي. ويشير إلى أنه كلما اكتسب الأثرياء المزيد من السلطة، اكتسبوا نفوذًا غير متناسب في صنع القرار السياسي، مما يدفعهم إلى الضغط من أجل سياسات تعزز مكانتهم ويقاوم التدابير التي من شأنها تعزيز توزيع أكثر عدالة للثروة. يُنشئ هذا حلقة مفرغة، حيث يؤدي غياب التمثيل العادل إلى سياسات تُفاقم عدم المساواة، مما يُضعف بدوره المؤسسات الديمقراطية أكثر فأكثر. ويُطلق التقرير على هذا “شكل جديد من الاستعمار”، حيث يستخرج أغنى أغنياء الشمال العالمي الثروة من الجنوب العالمي عبر أنظمة مالية ظالمة وممارسات عمالية استغلالية.

ولمعالجة هذه الأزمة، يُحدد تقرير “سي جيه غلوبال” سلسلة من التوصيات السياسية العاجلة. أولها وأهمها دعوة الحكومات إلى الالتزام بخفض جذري لعدم المساواة، ووضع أهداف محددة لضمان ألا يتجاوز دخل أعلى 10% دخل أدنى 40%. كما يدعو التقرير إلى فرض ضريبة عالمية على الثروة للحد من تراكم الثروات الطائلة وتوليد الإيرادات اللازمة للخدمات العامة الحيوية. وتشمل التوصيات الأخرى فرض ضريبة على مكاسب رأس المال بنفس معدل دخل العمل، ومكافحة التهرب الضريبي من قِبل فاحشي الثراء، وتطبيق لوائح أكثر صرامة لمنع احتكارات الشركات.

ويختتم التقرير ببيان قوي: إن المستوى الحالي لتفاوت الثروة ليس حتميًا. إنها نتيجة خيارات سياسية، ومسار مختلف ممكن. بتجاوز الحلول المؤقتة وتبني التغيير الجذري، يمكن للعالم بناء اقتصاد أكثر إنصافًا وعدلًا واستقرارًا للجميع. يستحق 3.2 مليار شخص في قاع هرم الثروة فرصة عادلة للمشاركة في الاقتصاد العالمي والاستفادة منه، ويعتمد مستقبل الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على قدرة العالم على تصحيح هذا المسار.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عنا

صحيفة سي جاي العربية هي واحدة من اهم اصدارات شركة Castle Journal البريطانية الدولية لانتاج الصحف والمجلات و مقرها لندن – المملكة المتحدة البريطانيه.

CJ  العربية © Published by Castle Journal LTD.