نيودلهي – الهند
بعد أشهر من تصاعد التوترات التجارية، استأنف المفاوضون التجاريون من الهند والولايات المتحدة مناقشاتهم المباشرة في نيودلهي.
يهدف هذا الاجتماع، وهو أول حوار مباشر منذ فرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية عقابية بنسبة 50% على بعض السلع الهندية، إلى وضع مسار جديد لاتفاقية التجارة الثنائية المتعثرة ومعالجة مجموعة من النزاعات المستمرة.
تشير زيارة الوفد الأمريكي، بقيادة مساعد الممثل التجاري الأمريكي لجنوب ووسط آسيا، بريندان لينش، إلى تحسن محتمل في العلاقات بين البلدين. بدأ التوتر الأخير في 27 أغسطس/آب عندما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفة جمركية بنسبة 50% على الواردات الهندية، مع اعتبار نصف هذه الرسوم عقوبةً على استمرار الهند في شراء النفط الروسي. وصف المسؤولون الهنود التعريفة الجمركية بأنها “غير مبررة وغير منطقية”، ورغم عقد الجانبين اجتماعات افتراضية، إلا أن “البيئة المواتية” لإحراز تقدم حقيقي كانت غائبة حتى الآن.
ويُصوّر الجانبان هذا الاجتماع ليس كجولة مفاوضات رسمية، بل كفرصة حاسمة لوضع خارطة طريق للمحادثات المستقبلية. من بين القضايا الرئيسية المطروحة مطلب الولايات المتحدة بزيادة فرص الوصول إلى أسواق المنتجات الزراعية ومنتجات الألبان الهندية. وقد قاومت الهند هذه المطالب باستمرار، مشيرةً إلى مخاوفها بشأن سبل عيش صغار المزارعين وقضايا تتعلق بالكائنات المعدلة وراثيًا.
ومن أكثر القضايا إثارة للجدل التي تُناقش أيضًا في سياق العلاقات التجارية الأوسع النزاع طويل الأمد حول أرز بسمتي. ورغم أن هذه القضية ليست نقطة خلاف مباشرة بين الهند والولايات المتحدة، إلا أنها برزت كمشكلة كبيرة في أجندة الهند التجارية العالمية. تسعى الهند حاليًا إلى الحصول على الملكية الحصرية لاسم بسمتي كمؤشر جغرافي (GI) في الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تعارضها منافستها باكستان، التي تزرع وتصدر أيضًا أرز بسمتي. تضيف هذه القضية طبقة من التعقيد إلى مناقشات التجارة الهندية، حيث أبدت الولايات المتحدة اهتمامًا بصادراتها من الأرز وتراقب كيف تتعامل نيودلهي مع النزاعات الدولية. كما أدت التعريفات الجمركية الأمريكية إلى زيادة تكلفة أرز بسمتي الهندي للمستهلكين الأمريكيين، مما قد يفتح السوق أمام المنافسين الباكستانيين. وعلى الرغم من الاضطرابات الأخيرة، فقد اتخذت قيادة كلا البلدين لهجة أكثر تصالحية. في وقت سابق من هذا الشهر، تبادل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس ترامب تصريحات إيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعرب كلاهما عن ثقتهما في أن المفاوضات ستمهد الطريق لشراكة أقوى. أعرب وزير التجارة الهندي، بيوش غويال، عن ثقته بإمكانية إتمام المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة بحلول نوفمبر 2025.
تأتي هذه المحادثات في لحظة محورية، حيث يسعى البلدان إلى التعامل مع مشهد اقتصادي عالمي معقد. ولن تحدد نتائج هذه المناقشات مستقبل العلاقات التجارية بين الهند والولايات المتحدة فحسب، بل ستوفر أيضًا مقياسًا لمدى جدوى اتفاقيات التجارة المستقبلية في ظل سياسات الحماية الاقتصادية.
النقاط الرئيسية:
* استئناف محادثات التجارة: يجتمع المفاوضون الهنود والأمريكيون في نيودلهي في أول مناقشات شخصية منذ فرض الولايات المتحدة تعريفة جمركية عقابية بنسبة 50% على السلع الهندية في أواخر أغسطس.
* توترات التعريفات الجمركية في المقدمة: تهدف الاجتماعات إلى حل النزاعات التجارية، مع التركيز بشكل أساسي على التعريفات الجمركية المرتفعة التي تفرضها الولايات المتحدة على الصادرات الهندية.
* الوصول الزراعي وأرز بسمتي: تُعدّ مسألة وصول الولايات المتحدة إلى أسواق المنتجات الزراعية ومنتجات الألبان الهندية من نقاط الخلاف الرئيسية، في حين يُضيف النزاع طويل الأمد مع باكستان بشأن أرز بسمتي تعقيدًا إلى الاستراتيجية التجارية الهندية الشاملة.
* نبرة إيجابية من القادة: على الرغم من التوترات التجارية، أعرب قادة كلا البلدين عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق.
* السعي إلى خارطة طريق: تُركّز المحادثات الحالية على وضع خطة واضحة للمفاوضات المستقبلية لضمان اتفاقية تجارية ثنائية شاملة.