Some Populer Post

  • Home  
  • انتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا عظة الكاهن بولا فؤاد
- معتقدات و ديانات - الثقافة

انتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا عظة الكاهن بولا فؤاد

بقلم القس بولا فؤاد رياض السياسة العدوانية التي تتبعها “أديس أبابا” مع جيرانها، حيث تُقيم السدود وتحجز المياه دون الرجوع إلى الدول الشريكة على الأنهار، تُعَدّ اختراقًا لنصوص القانون الدولي وتعدّيًا على حقوق الشعوب التاريخية في المياه. وتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة أنشأت إثيوبيا سبعين سدًا صغيرًا على أنهار شمال البلاد، […]

969b99f5 6565 4f9d 8cd9 63f8a0c56b35 scaled

بقلم القس بولا فؤاد رياض

السياسة العدوانية التي تتبعها “أديس أبابا” مع جيرانها، حيث تُقيم السدود وتحجز المياه دون الرجوع إلى الدول الشريكة على الأنهار، تُعَدّ اختراقًا لنصوص القانون الدولي وتعدّيًا على حقوق الشعوب التاريخية في المياه. وتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة أنشأت إثيوبيا سبعين سدًا صغيرًا على أنهار شمال البلاد، انهار منها خمسة وأربعون سدًا. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على خطورة إنشاء السدود الضخمة على الأنهار الإثيوبية بسبب شدة انحدار الهضبة هناك، وخاصة في حوض النيل الأزرق. وتمتلك إثيوبيا اثني عشر نهرًا، تتساقط عليها أمطار تُقدَّر بنحو خمسةٍ وتسعين مليار متر مكعب من المياه سنويًا.

ومن بين الأنهار الاثني عشر يتبع ثلاثة منها حوض النيل، وأهمها النيل الأزرق. أما أكبر الأنهار الإثيوبية فهو نهر “أومو” الذي يصب مياهه في بحيرة “توركانا” في كينيا، ويُعد المصدر الرئيسي لتغذية البحيرة بنسبة تصل إلى 90% من مياهها. ولكن طمع أديس أبابا دفعها إلى إنشاء سلسلة من السدود، منها سد (جيبا 1) وهو سد صغير على نهر أومو، ومشروع (جيبا 2) وهو نفق بطول 26 مترًا على النهر نفسه، لكنه انهار بعد عشرة أيام فقط من افتتاحه عام 2010. كما أقامت إثيوبيا على النهر نفسه سد (جيبا 3)، وهو أكبر سد إثيوبي قبل إنشاء سد النهضة، وقد افتُتح عام 2015 وينتج 1800 ميجاوات من الكهرباء. غير أن هذا السد تسبب في غرق محميات طبيعية، وأحدث آثارًا مدمرة على البيئة، كما حجب المياه عن بحيرة توركانا في كينيا، إذ بُني دون أي تنسيق مع الحكومة الكينية، مما أدى إلى معاناة كبيرة للشعب الكيني. ولم يقتصر الضرر على كينيا فقط، بل امتد ليصيب الصومال أيضًا.

هذه السياسة العدوانية التي تتبعها أديس أبابا مع جيرانها تُعدّ اختراقًا صريحًا للقانون الدولي وتعديًا واضحًا على حقوق الشعوب التاريخية في المياه. فهي تخزن أكثر من اثني عشر مليارًا ونصف المليار متر مكعب من المياه دون اتفاق أو تنسيق. وعندما قررت إثيوبيا إنشاء سد النهضة بإرادتها المنفردة، وبتحريض من الكيان الصهيوني وموافقة السودان، رفضت الاستماع إلى صوت العقل أو احترام التفاوض، في غطرسة لم نرَ لها مثيلًا. إنها مؤامرة اشترك فيها الكيان الصهيوني بهدف تعطيش مصر، ومحاولة جرّها إلى حرب مع إثيوبيا، لكن قيادتنا الحكيمة اختارت أن تتحرك بالعقل لا بالعاطفة، وقال زعيمنا وزعيم القارة الإفريقية كلها عبارته الخالدة:

«مش هنسمح لحد يعطشنا».

لقد عملت قيادتنا السياسية منذ أكثر من أربع سنوات على تجهيز بنية تحتية قوية جنوب السد العالي، وأصبح ملف سد النهضة الشاغل الرئيس للقيادة، موضوعًا في أيدٍ أمينة من مؤسسات الدولة والمخابرات الحربية. الهدف ليس الحرب أو التهور، بل حماية مصر ومياهها ومستقبلها.

وبينما اضطرت إثيوبيا إلى فتح بوابات سد النهضة، مما أغرق السودان ودمّر الطرق وأحدث فيضانات مدمرة، نجد أن مصر ردّت بذكاء استراتيجي حول الكارثة إلى نعمة. فبعد أن كانت إثيوبيا تتفاخر بسد النهضة، اضطرت إلى فتح بواباته، فدُمرت الطرق في الخرطوم، أما مصر، التي هي في حماية الله وقلبه، فقد استقبلت الفيضان بابتسامة. فتحت جميع بوابات السد العالي، فامتلأت بحيرة ناصر ومنخفض توشكى والنهر الصناعي في الصحراء الغربية. ولأول مرة في التاريخ وصلت مياه النيل إلى عمق الصحراء الغربية، ما أضاف ثلاثة ملايين فدان جديدة للزراعة.

نحمد الله أولًا وأخيرًا على حفظ بلادنا من الغرق نتيجة الفيضان، والكنيسة دائمًا تصلي من أجل مياه النيل أن يباركها الرب. ونشكر القيادة السياسية الحكيمة، وعلى رأسها رجل المخابرات المحنك، رئيسنا المحبوب عبد الفتاح السيسي، الذي يضع مصلحة مصر وشعبها فوق كل المصالح. ونشكر قيادتنا التي تحكم العقل ولا تورط البلاد في حروب عبثية لا طائل منها سوى الدمار. القيادة التي حمت مصر من الأخطار، ونجحت في ترويض الوحش المائي، وتحويله من نقمة إلى نعمة تكفي لزراعة ملايين الأفدنة، وتوفير مياه الشرب وتوليد الكهرباء لسنوات طويلة بإذن الله. كما نشكر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي حفرت الترع والمسارات والبحيرات في أحد عشر شهرًا فقط.

الخلاصة أن من حفر حفرة لأخيه سقط فيها. فقد أرادت إثيوبيا والكيان الصهيوني، بمباركة وموافقة السودان، أن يُعطشوا مصر ويُلحقوا الضرر بشعبها، لكن الله كشف المؤامرة والمتآمرين. إن الله ضابط الكل، لا يصعب عليه أمر، “يفتح ولا أحد يُغلق، ويُغلق ولا أحد يفتح” (رؤيا 3: 7).

إن إرادة الله الصالحة تُخرج من الجافي حلاوة، ولسان حال كل المصريين يردد ما قاله يوسف الصديق البار لإخوته عندما باعوه:

«أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا» (تكوين 50: 20).

وكما يقول الكتاب أيضًا: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رومية 8: 28).

حقًا، مصر هي هبة النيل، لكن النيل هو هبة الله لمصرنا الحبيبة.

تحيا مصر… تحيا مصر.

بقلم القس

بولا فؤاد رياض

كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بالمطرية

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عنا

صحيفة سي جاي العربية هي واحدة من اهم اصدارات شركة Castle Journal البريطانية الدولية لانتاج الصحف والمجلات و مقرها لندن – المملكة المتحدة البريطانيه.

CJ  العربية © Published by Castle Journal LTD.