الصين تتهم اليابان بـ”العدوان” وتلجأ لمجلس الأمن و السبب تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية حول تايوان .
بقلم: فريق تحرير CJ Global / CJ العربيه – قسم آسيا والمحيط الهادئ
وصلت الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين بكين وطوكيو إلى ذروتها في الأيام القليلة الماضية، حيث اتخذت الصين خطوة غير مألوفة بنقل نزاعها مع اليابان إلى منبر الأمم المتحدة، متهمة طوكيو علناً بـ “التهديد بالتدخل المسلح” في قضية تايوان، ومتوعدة بممارسة حقها في “الدفاع عن النفس” بموجب ميثاق المنظمة الدولية.
هذا التصعيد غير المسبوق جاء كرد فعل مباشر على تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، ساناي تاكايتشي، التي كسرت الغموض الاستراتيجي القائم لعقود، عندما ربطت علناً أي هجوم صيني على تايوان بـ “أزمة تهدد وجود اليابان”، مما يفتح الباب أمام رد عسكري ياباني محتمل.
أبرز محاور المشاحنة في الأمم المتحدة (Headline Points):
الرسالة الرسمية:
السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، فو تسونغ، يوجه رسالة رسمية للأمين العام يطالب فيها بتوزيع موقفه على جميع الدول الأعضاء، متهماً اليابان بـ “الانتهاك الصارخ للقانون الدولي”.
خط تاكايتشي الأحمر:
رئيسة الوزراء اليابانية تؤكد في البرلمان أن أي استخدام للقوة من قبل بكين ضد تايوان قد يشكل “تهديداً وجودياً” لليابان بموجب تشريع الأمن الجديد (2015).
عمل عدواني”:
الصين تحذر من أن أي محاولة يابانية للتدخل المسلح عبر مضيق تايوان ستعتبر “عملاً عدوانياً” ضد السيادة الصينية.
إعادة فتح ملف التاريخ:
بكين تستغل المنصة الأممية لتذكير اليابان بـ “ذنبها التاريخي” كدولة مهزومة في الحرب العالمية الثانية، وتؤكد أنها “غير مؤهلة على الإطلاق” للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن.
الرد الياباني:
طوكيو ترفض طلب الصين سحب التصريحات وتصف المزاعم الصينية بـ “بلا أساس”، مؤكدة أن موقفها بشأن تايوان لم يتغير جوهرياً.
كسـر “الغموض الاستراتيجي” في طوكيو
تعود جذور الأزمة إلى تصريح رئيسة الوزراء تاكايتشي أمام اللجنة البرلمانية اليابانية في 7 نوفمبر الجاري. تاكايتشي، المعروفة بمواقفها القومية المتشددة، قالت إن تايوان تقع على بُعد 100 كيلومتر فقط من جزر يابانية حيوية، وإن سقوط الجزيرة تحت السيطرة الصينية سيشكل خطراً داهماً على طرق التجارة والمواصلات البحرية التي تعتمد عليها اليابان بشكل كلي.
هذا التصريح يعتبر خروجاً غير مسبوق عن “الغموض الاستراتيجي” الذي اتبعته اليابان والولايات المتحدة لعقود، والذي كان يهدف إلى تثبيط الصين عن مهاجمة تايوان وفي الوقت نفسه ثني تايوان عن إعلان الاستقلال. تصريحات تاكايتشي ألغت هذا الغموض وأدخلت اليابان بشكل علني في المعادلة العسكرية عبر المضيق.
بكين تلجأ إلى “ميثاق الأمم المتحدة”
كان رد بكين سريعاً وحاداً. فبعد استدعاء السفير الياباني في بكين، تصاعد النزاع إلى الأمم المتحدة. السفير فو تسونغ، وفي رسالة قوية ومباشرة للأمين العام، اتهم طوكيو بـ “تجاوز الخطوط الحمراء” وتهديدها بالتدخل المسلح في شأن داخلي صيني.
الأخطر في الموقف الصيني هو استناد بكين إلى “ميثاق الأمم المتحدة”، حيث هدد السفير الصيني بأن بلاده “ستمارس بحزم حقها في الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي” إذا ما تجرأت اليابان على التدخل. كما ربطت بكين النزاع بملف إصلاح مجلس الأمن، مؤكدة أن اليابان بمواقفها الحالية تجاه تايوان “غير مؤهلة إطلاقاً” للحصول على مقعد دائم في المجلس.
التداعيات الإقليمية والدولية
أدى هذا التصعيد الدبلوماسي إلى تدهور سريع في العلاقات الثنائية:
حظر تجاري:
أعادت الصين فرض حظرها على واردات المأكولات البحرية اليابانية.
قيود سفر:
أصدرت بكين تحذيراً لمواطنيها من السفر إلى اليابان، مما يهدد قطاع السياحة الياباني.
مناورات عسكرية:
أعلنت البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني عن مناورات بحرية بالذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي، في استعراض قوة مباشر موجه ضد التوجهات اليابانية.
من جهتها، ردت طوكيو بتصريحات متوازنة لكنها حاسمة، مؤكدة أن تصريحات تاكايتشي كانت رداً على سؤال افتراضي ولم تغير سياستها الرسمية، لكنها رفضت سحبها.
وأكدت مسؤولة يابانية أن “مزاعم الصين بلا أساس على الإطلاق”.
تؤكد هذه المشاحنة أن قضية تايوان لم تعد مجرد “قضية صينية داخلية” كما تصر بكين، بل تحولت إلى نقطة اشتعال جيوسياسية تربط أمن اليابان وأمن المنطقة بأكملها.
ومع تصاعد النزاع إلى الأمم المتحدة، يدخل شرق آسيا في مرحلة “توازن متوتر” جديد، حيث يرتفع خطر سوء التقدير العسكري والدبلوماسي إلى مستويات قياسية.



