دراسة قدمتها الدكتورة عبير المعداوي
المقدمة
تتعدد الأساطير والروايات التي تتحدث عن كيانات غامضة سكنت الأرض قبل الإنسان. يطلق عليها في بعض المرويات اسم “الرماديّون”، وتشير إليها بعض النصوص التراثية في إطار الحديث عن الجنّ وأقوام سالفة. هذه الورقة تحاول تقديم قراءة تحليلية لتلك المرويات، وربطها بالتحولات الحضارية الكبرى ونهاية دورات التاريخ.
أولًا: الرماديّون في المرويات القديمة
• الوجود السابق على الإنسان: تُجمع بعض المصادر الدينية والفلسفية على أنّ الأرض لم تكن خالية قبل نزول آدم، بل سكنتها كائنات عاقلة.
• التشابه مع البشر والجن: جاءت بعض الإشارات في كتب المفسرين، مثل ابن كثير، إلى أقوام من الجن ذوي صفات جسدية وروحية متقاربة.
• حروب ما قبل آدم: تذكر المرويات نزاعات كبرى سبقت نزول الإنسان، شارك فيها الجن والرماديّون.
ثانيًا: الرماديّون والحضارات الأولى
• المعرفة المتقدمة: نُسبت إليهم علوم متطورة أغرت بعض البشر بالاستعانة بهم.
• العبادة والقرابين: أدت هذه العلاقة إلى طقوس عبادة وتقديم قرابين بشرية.
• الطوفان كعقاب إلهي: انتهى الأمر بقضاء الله عليهم بالطوفان، واندثار معظم الحضارات التي ارتبطت بهم.
ثالثًا: عودة المحاولة عبر التاريخ
• الرجل الصالح في مصر: تشير بعض البرديات (المكتشفة عام 1899 في البر الغربي) إلى شخصية مصرية صالحة حالت دون عودة الرماديّين عبر بناء سدّ عظيم.
• القرن السادس عشر: اكتشاف حجر غامض كان بداية لتجدّد الاتصال، وظهور العلوم الحديثة التي توازي علوم الحضارات البائدة.
رابعًا: الرماديّون والواقع المعاصر
• العلوم الحديثة والتخاطر: يُطرح اليوم أن بعض علوم التنمية البشرية والتخاطر قد تكون امتدادًا لأدوات الرماديّين للسيطرة على العقل البشري عبر “القرين”.
• المليار الذهبي وفكرة الاصطفاء: تتقاطع المرويات مع مشاريع سياسية واقتصادية معاصرة تسعى لتقليص عدد البشر، تحت ذريعة “شعب الله المختار”.
• الدجال كرمز للتمكين: يظهر في المرويات الدينية كشخصية تستعين بالجنّ والشياطين والرماديّين لفرض السيطرة في نهاية الزمان.
الخاتمة
تكشف هذه القراءة أن الرماديّين، سواء اعتُبروا رمزًا أو حقيقة، يمثلون في الذاكرة الإنسانية نموذجًا للعلم المجرّد من القيم، وللتحالف بين البشر والقوى الغامضة من أجل السلطة. لكن الدرس المستفاد يبقى أن الخلاص مرتبط بالإيمان الحق بالله، كما تؤكد الآية القرآنية: ﴿وسننجي المؤمنين﴾.