لندن – المملكة المتحدة، 17 أكتوبر 2025
الرسوم الجمركية تحاصر التجارة العالمية بضربة موجعة للاقتصاد العالمي، كشفت تقارير حديثة عن تصاعد هائل في تكاليف التجارة الدولية، حيث تشير التقديرات إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة قد تتسبب في تكلفة عالمية تتجاوز تريليون دولار هذا العام. في الوقت الذي تترقب فيه الأسواق بقلق، تظل تبعات هذه الرسوم على أسعار المستهلكين محل جدل وعدم يقين، وفقاً لتحليل ستاندرد آند بورز جلوبال، مما يضع الحكومات والشركات أمام تحديات اقتصادية غير مسبوقة في محاولة لامتصاص الصدمة وحماية القوة الشرائية.
الرسوم الجمركية الأمريكية: ضربة قاسية للتجارة العالمية
أظهرت تقديرات وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال (S&P Global) أن التكاليف العالمية الإضافية للتعريفات قد تصل إلى ما يقارب 1.2 تريليون دولار أمريكي في عام 2025. وتعد هذه الأرقام مؤشراً قوياً على أن العالم دخل مرحلة جديدة من الصراع التجاري، حيث تعمل الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية كـ “ضرائب فعلية على سلاسل الإمداد العالمية”.
وتأتي هذه التقديرات في أعقاب إعلان الإدارة الأمريكية عن سلسلة من الرسوم الجمركية واسعة النطاق في أبريل 2025، شملت فرض رسم جمركي أساسي بنسبة 10% على غالبية الواردات العالمية، بالإضافة إلى رسوم عقابية أعلى على دول محددة مثل الصين، التي وصلت الرسوم المفروضة على بضائعها إلى مستويات تقترب من 54% إجماليًا.
وقد أشارت S&P إلى أن تقديرها للنفقات الإضافية على الشركات قد يكون “متحفظًا”، نظراً لتزامن هذه الإجراءات مع ارتفاع تكاليف المدخلات وضعف الإنتاج العالمي، مما يفاقم الضغوط الاقتصادية. وقد شكل إلغاء الإدارة الأمريكية للإعفاء الجمركي على السلع منخفضة القيمة (التي تقل عن 800 دولار) في مايو نقطة تحول حقيقية، أدت إلى اضطرابات واسعة في حركة الشحن والتجارة وسلاسل التوريد.
ضبابية تأثير الرسوم على أسعار المستهلكين
في الوقت الذي يتفق فيه الخبراء على أن الرسوم الجمركية ترفع تكلفة الاستيراد، يظل مدى نقل هذه التكاليف إلى المستهلك النهائي غير واضح بشكل كامل، وهو ما أكدته تحليلات “ستاندرد آند بورز”. وتعود هذه الضبابية لعدة عوامل:
- خيارات الشركات: يتعين على شركات التجزئة والمستوردين اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع زيادة التكلفة؛ فإما أن تتحمل جزءاً من العبء عن طريق تقليص هوامش أرباحها، أو أن تحملها بالكامل على المستهلكين في شكل أسعار أعلى.
- تأثير التضخم المتزايد: على الرغم من عدم وضوح النسبة النهائية التي سيتحملها المستهلك، إلا أن التوقعات تشير إلى تصاعد الضغوط التضخمية. فقد حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من أن الرسوم قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم والبطالة، بينما أشارت بعض التقديرات إلى أن الرسوم الجمركية قد تسهم في زيادة التضخم بنسبة تصل إلى 0.7% إضافية في حال تطبيق الرسوم بالكامل على كبرى الشركاء التجاريين.
- سوابق السوق: سبق وأن أكد قادة الأعمال من كبرى شركات التجزئة الأمريكية، مثل “وول مارت”، أنهم سيضطرون إلى تحميل المستهلكين التكاليف المتزايدة، مما ينذر بموجة ارتفاعات تشمل سلعاً أساسية مثل الإلكترونيات والمنسوجات والسيارات. وتوقع خبراء اقتصاديون أن يرتفع سعر مواد البناء بنسبة تصل إلى 9% والأجهزة المنزلية بنسبة تصل إلى 15% بسبب الرسوم.
تداعيات عالمية على الأسواق والنمو
الخطوات التصعيدية في السياسة التجارية الأمريكية لم تقتصر تداعياتها على ارتفاع التكاليف فحسب، بل أحدثت صدمة في الاقتصاد العالمي ونشرت حالة من عدم اليقين، مما انعكس سلبًا على الأداء العام للأسواق.
نقاط التداعيات الأساسية:
- تباطؤ النمو العالمي: حذر البنك الدولي من أن الرسوم الجمركية الشاملة قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل، كما توقع صندوق النقد الدولي تباطؤ النمو في الولايات المتحدة.
- تراجع الأسواق المالية: شهدت مؤشرات الأسواق الدولية تراجعات حادة عقب الإعلان عن الرسوم، وشمل ذلك مؤشرات رئيسية مثل ستاندرد آند بورز 500 وداو جونز وناسداك، بالإضافة إلى تراجعات حادة في أسواق الطاقة.
- الردود المتبادلة: زادت التوترات التجارية مع الدول المتضررة، حيث بدأت بعض الدول مثل كندا في فرض رسوم جمركية متبادلة على واردات أمريكية. وتعد الصين أبرز المتضررين بحكم حجم تجارتها الضخم مع واشنطن.
- تحويل الأرباح: تعمل التعريفات كأداة لتحويل الأرباح من سلاسل الإمداد والشركات نحو الحكومات، مما يزيد من تكاليف اللوجستيات ويضغط على هوامش الأرباح التشغيلية للشركات.
نقاط رئيسية في التقرير
- تكلفة عالمية ضخمة: تقديرات “إس آند بي جلوبال” تشير إلى أن التكاليف العالمية للرسوم الجمركية قد تبلغ 1.2 تريليون دولار في 2025.
- رسوم أساسية وعقابية: الرسوم الأمريكية تشمل 10% أساسية على معظم الواردات وارتفاعات كبيرة على دول مثل الصين (نحو 54% إجماليًا).
- الضبابية التضخمية: تأثير الرسوم على أسعار المستهلكين لا يزال غير واضح، لكن التوقعات تشير إلى زيادة في الضغوط التضخمية قد ترفع معدل التضخم بنحو 0.7% إضافية.
- تأثير مباشر على السلع: قادة التجزئة يتوقعون تحميل التكاليف للمستهلكين، مما ينذر بارتفاع أسعار سلع كـ الإلكترونيات والسيارات ومواد البناء.
- قلق اقتصادي عالمي: الرسوم أدت إلى تباطؤ في توقعات النمو العالمي وتراجعات حادة في أسواق المال وسط مخاوف من حرب تجارية.
