نيويورك، الولايات المتحدة – 27 سبتمبر 2025
في خضم خروج الوفود من القاعة جاءت تصريحات السلطة الفلسطينية تندد بكلمة نتنياهو وتعتبرها ‘خطاب رجل مهزوم’ يحاول تبرير جرائم الإبادة الجماعية
في رد فعل حاسم وعنيف من قبل السلطة الفلسطينية، وُصف خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه “مشبع بالأكاذيب والتلفيقات”، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو عزلة دولية متزايدة وشديدة بسبب إصراره على استمرار الحرب في غزة. وجاءت هذه التصريحات القوية عقب خطاب نتنياهو الذي دافع فيه بشراسة عن العمليات العسكرية الإسرائيلية وهاجم فيه قرار عدد من الدول الكبرى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في مشهد عكس عمق الانقسام والتوترات في أروقة الأمم المتحدة.
إدانة فلسطينية حازمة و”فضح” للمغالطات
شكل الرد الفلسطيني على كلمة نتنياهو، التي ألقاها في قاعة خرج منها العديد من المندوبين تنديداً، جبهة موحدة لـ فضح الرواية الإسرائيلية.
* وصف الخطاب ونتنياهو:
نقلت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية تصريحات، على لسان مدير إدارة الشؤون الأوروبية، عادل عطية، بأن الخطاب “كان خطاب رجل مهزوم، وزعيم يائس”. وأشار عطية إلى أن نتنياهو حاول مجدداً “حشد دعم الغرب الذي ابتعد بشكل متزايد عن دولة مرتكبة للإبادة الجماعية، مستخدماً الخوف كحجته الوحيدة”، معتبراً أن الكلمة لم تقدم “لا رؤية ولا منظوراً” بل عكست عزلة وقلق قوة “تعرف أنها تقف في الجانب الخطأ من التاريخ”.
* تفاصيل الأكاذيب الثمانية:
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان منفصل لكنه متكامل مع الموقف الفلسطيني العام، أن خطاب نتنياهو ارتكز على “ثماني أكاذيب كبرى وعشرات المزاعم الواهية”، هدفها تضليل الرأي العام العالمي وتبرير جرائم الحرب. ومن أبرز هذه التناقضات الصارخة التي تم تفنيدها:
* مزاعم الإبادة:
ادعاء نتنياهو نفي نية الإبادة بحجة دعوة المدنيين للمغادرة، بينما الواقع يؤكد إسقاط أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على الأحياء المدنية، واستشهاد أكثر من 64 ألف مدني، بينهم آلاف الأطفال والنساء.
* دعم المستوطنين:
إغفاله التام لجرائم المستوطنين في الضفة الغربية، والتي حذر منها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه مؤخراً، وتعزيز سيطرتهم على مساحات شاسعة، مما يقوض بشكل منهجي إمكانية قيام الدولة الفلسطينية.
* تلاشي الدعم الدولي:
حديثه عن دعم دولي متواصل، بينما الواقع هو تزايد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين كنتيجة لـ فضح الرواية الإسرائيلية، ورفض الغالبية الساحقة من دول العالم لجريمة الإبادة.
* ادعاء سرقة المساعدات:
اتهامه للمقاومة بسرقة المساعدات، في حين تشير التقارير إلى دعم حكومته للعصابات المسلحة ضمن سياسة التجويع، ما أدى إلى استشهاد مئات المدنيين جوعاً.
سياق التحدي الفلسطيني في الأمم المتحدة
جاء خطاب نتنياهو في اليوم التالي لخطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي ألقاه افتراضياً بعد رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة، مما جعل الأجواء في الأمم المتحدة مشحونة ومحورية في الصراع.
* رسالة عباس التحدي:
في كلمته، أكد الرئيس عباس أن الفلسطينيين يواجهون “حرب إبادة جماعية وتدمير وتجويع وتهجير” على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. وناشد العالم بالقيام بـ “الواجب الأخلاقي” تجاه الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال.
* الإصلاح في غزة:
أكد الرئيس عباس على أن السلطة الفلسطينية “مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة عن الحكم والأمن” في غزة بعد انتهاء الحرب، مشترطاً أن “حماس لن يكون لها دور تلعبه في الحكم”، ويجب أن تسلم سلاحها للسلطة. هذا الموقف أثار انتقادات من حماس التي اعتبرت ذلك “خضوعاً مرفوضاً لإملاءات ومشاريع خارجية”.
* مقاطعة الوفود:
شكّلت مقاطعة عشرات الوفود من دول متعددة للقاعة مع بدء خطاب نتنياهو إشارة رمزية ذات دلالة سياسية عميقة على مدى النفور الدولي المتصاعد من سياسات الحكومة الإسرائيلية المتشددة.
تفاقم العزلة والخط الأحمر الأمريكي
تتزامن هذه الإدانات الفلسطينية مع مؤشرات واضحة على أن العزلة الدبلوماسية الإسرائيلية وصلت إلى مرحلة جديدة، لاسيما مع تدخل الحليف الأقرب.
* ترامب يتدخل:
قبل ساعات من خطاب نتنياهو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل قاطع أنه “لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية”، واصفاً الأمر بأنه “حان وقت التوقف”. هذا التحذير المباشر من واشنطن يمثل “خطاً أحمر” نادراً يضعه حليف إسرائيل الأكبر، مما يعكس الضغوط الهائلة التي تمارسها الدول العربية والأوروبية على الإدارة الأمريكية لوقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب.
* خطوات استفزازية:
فاقم نتنياهو من الجدل عندما أعلن أن الجيش الإسرائيلي قام ببث خطابه مباشرة عبر مكبرات الصوت في غزة وادعى السيطرة على هواتف الفلسطينيين، في خطوة وصفت بأنها محاولة لاستفزاز السكان الذين يعيشون تحت الحصار والنيران.
تعكس التسمية القاسية التي أطلقها الرئيس الفلسطيني على خطاب نتنياهو حالة الاستقطاب القصوى واليأس من إمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي في ظل حكومة إسرائيلية ترفض بشكل قاطع حل الدولتين وتواصل التوسع الاستيطاني. هذا الصدام المباشر أمام أعلى هيئة دولية يضع المجتمع العالمي أمام مسؤولية حاسمة للتحرك بشكل فعال.
نقاط رئيسية
* نيويورك، الولايات المتحدة (27 سبتمبر 2025).
* مسؤولون في السلطة الفلسطينية ووزارة الخارجية يصفون خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة بأنه “مليء بالأكاذيب والتلفيقات” ويعتبرونه “خطاب رجل مهزوم”.
* الرد جاء في أعقاب خطاب نتنياهو الدفاعي الذي تلاه بعد يوم من كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي رحبت بالاعتراف الدولي بدولة فلسطين وحذرت من الإبادة الجماعية.
* عشرات الوفود الدبلوماسية غادرت القاعة أثناء إلقاء نتنياهو كلمته، مما يسلط الضوء على عزلته المتزايدة.
* الموقف الفلسطيني يتزامن مع تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من ضم إسرائيل للضفة الغربية، مما يضع ضغوطاً غير مسبوقة على حكومة نتنياهو.
————-
لندن، المملكة المتحدة (لصحيفة سي جي العربية)