الاعتراض الأوروبي على خطة ترامب و خطة الانفصال عن العم سام

الاعتراض الأوروبي على خطة ترامب

طريق للهاوية”: أوروبا ترفض خطة ترامب وتخشى سيناريو “يوم الخيانة” الذي يهدد بقاء الناتو

بقلم: هيئة تحرير CJ العربيه/ تحليل خاص

على النقيض تماماً من الحماس الذي يبديه أنصار ترامب في واشنطن، استقبلت العواصم الأوروبية خطة الرئيس الأمريكي السابق لوقف حرب أوكرانيا بـ “صدمة وهلع”. فالموقف الأوروبي الموحد تقريباً يرفض الخطة، ويعتبرها “طريقاً للهاوية”، ليس لأوكرانيا فحسب، بل للأمن الأوروبي برمته. 

تتصاعد المخاوف في باريس وبرلين ولندن من تكرار سيناريو “يوم الخيانة”، حيث تشعر هذه العواصم بأن الإدارة الأمريكية تتجه نحو التخلي عن أوكرانيا لحساب مصالح داخلية، مما يهدد بقاء الناتو كتحالف دفاعي موثوق.

أبرز عناوين المقال (Headline Points):

تصريح ماكرون وشولتز: 

قادة فرنسا وألمانيا يعلنون رسمياً أن “السلام لا يمكن أن يُفرض على حساب التنازل عن السيادة الوطنية لأوكرانيا”.

أزمة الثقة الكبرى: 

الخوف الأوروبي يتلخص في أن الخطة تمثل إلغاءً فعلياً للمادة الخامسة من ميثاق الناتو، وتشجع روسيا على هجمات مستقبلية.

تحالف الرافضين: 

بريطانيا وبولندا ودول البلطيق تتفق على تشكيل “جبهة مقاومة” داخل الناتو لضمان استمرار الدعم العسكري لكييف مهما كانت الضغوط الأمريكية.

الرد الأوروبي العملي: 

تسريع خطط إنشاء “جيش دفاع أوروبي” موحد وبناء صناعة عسكرية قارية مستقلة بعيداً عن الاعتماد على واشنطن.

صدمة الأصدقاء في باريس وبرلين

لم يكن رفض أوروبا دبلوماسياً. ففي مؤتمر صحفي مشترك عُقد على عجل في برلين، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز أن “أي سلام لا يقوم على احترام الحدود الدولية هو استسلام للتهديد، وهذا يتعارض مع قيمنا المشتركة”. 

الموقف الألماني، الذي لطالما كان متردداً، بدا هذه المرة حاسماً. ألمانيا تخشى أن يدفعها ترامب إلى صراع مباشر مع روسيا إذا تخلت واشنطن عن قيادة الحلف.

الخوف الأوروبي لا يتعلق بالدبابات فحسب، بل بمصداقية التحالف. إذا تم التخلي عن أوكرانيا، فستكون دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) هي الضحية التالية، مما يهدد وجود الناتو. إن الخطة الأمريكية، في نظر الأوروبيين، تمثل دعوة صريحة لبوتين لانتهاك السيادة مجدداً.

جبهة المقاومة: بولندا والمملكة المتحدة

تأتي أقوى المعارضات من المملكة المتحدة ودول أوروبا الشرقية. الحكومة البريطانية، التي كانت شريكاً رئيسياً في دعم أوكرانيا منذ البداية، ترى أن الخطة الأمريكية بمثابة “طريق ممهد لعدوان روسي مستقبلي”. 

رئيس الوزراء البريطاني أعلن أن بلاده “لن تحيد عن التزامها بدعم الدفاع الأوكراني، حتى لو اضطرت لفعل ذلك بمفردها”.

وبولندا، العضو الأكثر قلقاً في الناتو، ترى في الخطة الأمريكية “طعنة في الظهر”. بالنسبة لوارسو، فإن التنازل عن الأراضي يرسخ مبدأ الغزو، وهو ما يضع بولندا نفسها في مرمى النيران. لذا، تتشكل “جبهة مقاومة” داخل الناتو بقيادة وارسو ولندن، تسعى إلى إيجاد آليات تمويل وتسليح مستدامة لأوكرانيا بمعزل عن تقلبات السياسة الداخلية الأمريكية.

الرد العملي: الانفصال عن العم سام

يتمثل الرد الأوروبي الأعمق على خطة ترامب في تسريع خطط “الاستقلال الاستراتيجي”. 

هناك إجماع غير مسبوق على ضرورة بناء “صناعة دفاع أوروبية” تكون قادرة على تلبية احتياجات القارة بالكامل دون الاعتماد على الولايات المتحدة.

يرى محللون في بروكسل أن “ترامب قد يقدم لأوروبا أكبر خدمة من حيث لا يدري، وهي إيقاظ القارة من سباتها الاستراتيجي”. 

إذا كانت الخطة الأمريكية هي التنازل، فإن الرد الأوروبي سيكون تعزيز القوة، وإنشاء جيش أوروبي حقيقي يكون قادراً على حماية الحدود الشرقية. أوروبا ترفض أن تكون رهينة لسياسة “أمريكا أولاً”، وتستعد للدفع بأثمان باهظة لتحرير قرارها الاستراتيجي.