سيدني – أستراليا – ١٢ أغسطس ٢٠٢٥
في تحوّل دبلوماسي هامّ زاد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية، أعلنت كلٌّ من فرنسا وأستراليا نيتهما الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين. وتأتي هذه الخطوات، المقرر إقرارها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، في إطار جهد منسق مع دول أخرى، منها المملكة المتحدة وكندا، وتشير إلى تزايد نفاد صبر المجتمع الدولي تجاه سياسات الحكومة الإسرائيلية والأزمة الإنسانية المستمرة في غزة.
صدر الإعلانان في بيانين منفصلين، لكنهما وجّها رسالةً متشابهةً: أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام دائم، وأن تصرفات الحكومة الإسرائيلية، وخاصةً هجومها العسكري على غزة ورفضها حل الدولتين، قوّضت عملية السلام. أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز أن حكومته ستعترف “بحق الشعب الفلسطيني في دولة خاصة به”، مؤكدًا أن هذا القرار يعكس الزخم العالمي الهادف إلى “كسر دائرة العنف”.
وكان للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لطالما انتقد بشدة السلوك العسكري الإسرائيلي في غزة، رسالة مماثلة. وصرح مكتبه بأن قرار فرنسا نابع من تقييمها بأن احتمال حل الدولتين في “خطر داهم”، وأن المجتمع الدولي لم يعد بإمكانه انتظار التوصل إلى حل يتم التفاوض عليه بين الطرفين بمفردهما. وتضع هذه الخطوة فرنسا كأول دولة من مجموعة الدول السبع تتخذ هذه الخطوة، وهو قرار يرى محللون أنه قد يؤثر على اقتصادات كبرى أخرى لتحذو حذوها.
وقد قوبلت هذه الإعلانات بمزيج من الاحتفال والغضب. ورحبت السلطة الفلسطينية بهذا الخبر، واصفة إياه بأنه “قرار مبدئي” و”نقطة انطلاق حيوية” نحو تحقيق السلام وتقرير المصير الفلسطيني. مع ذلك، أعرب بعض المدافعين عن حقوق الفلسطينيين في كلا البلدين عن شكوكهم، حيث وصفت شبكة أستراليا للدفاع عن فلسطين (APAN) هذه الخطوة بأنها “غطاء سياسي” لن يُسهم في وقف “الإبادة الجماعية المستمرة في غزة” ما لم تصاحبها إجراءات ملموسة، مثل فرض عقوبات على إسرائيل. في غضون ذلك، ردّت الحكومة الإسرائيلية بإدانة شديدة. وقبيل الإعلان الرسمي الأسترالي، وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو احتمال اعتراف الدول الغربية بدولة فلسطينية بأنه “مخزٍ” و”خدعة” لن تُغير الواقع على الأرض. وصرح السفير الإسرائيلي لدى أستراليا، أمير ميمون، بأن هذه الخطوة “تُعلي من شأن حماس” وستُقوّض الجهود المبذولة لتحقيق سلام حقيقي. وقد أيّد قادة الجالية اليهودية في كلا البلدين هذا الرأي، حيث أعربوا عن قلقهم العميق من أن يُلغي الاعتراف أي حافز للفلسطينيين للتفاوض بحسن نية، ويُكافئ الإرهاب. كما نأت الولايات المتحدة بنفسها عن القرارات، حيث أكد نائب الرئيس ج. د. فانس أن الولايات المتحدة ليس لديها خطط للاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية، لأنها تعتقد أن الدولة يجب أن تكون نتيجة لاتفاق نهائي بين الجانبين. ويمثل اعتراف فرنسا وأستراليا، إلى جانب تعهدات مماثلة من المملكة المتحدة وكندا، تحولًا دبلوماسيًا مهمًا. ولا تزال الآثار العملية قيد التحديد، ولكن في الوقت الحالي، يُنظر إلى الاعتراف على أنه رمزي إلى حد كبير. ومع ذلك، فإنه يمنح فلسطين المزيد من النفوذ القانوني والدبلوماسي على الساحة الدولية، بما في ذلك حصانة الدولة لمسؤوليها والقدرة على رفع دعاوى قانونية ضد إسرائيل في الهيئات الدولية بموجب سيادة الدولة. ويمثل هذا العمل الدبلوماسي المنسق جبهة جديدة في الاستجابة الدولية للصراع، حيث يتطلع عدد متزايد من الدول إلى تجاوز الجمود الدبلوماسي والدفع نحو حل دائم.