بقلم رئيس التحرير الروائية | عبير المعداوي
كلمتان هامتان ، من الواجب سماعهما ، و التفكير بهما كثيرا و هذا ليس لمصلحة وطن أو مواطن فقط بل لصالح بقاء الإنسان الذي يستحق الحياة ، و من دفع بالغالي و الثمين سنوات طويلة كي يشعر بكرامته كما تقدم بلاده
أما الكلمة الأولى ...
فهي عن عيد الشرطة ،و كما هو متفق عليه إنه عيد شعب مصر ،فرجال الشرطة من الشعب و عملهم لأجله و ليس عليه
الاستنارة واجبة هنا جدا لان لدى المصريين ثقافة مغلوطة أخذوها معهم منذ عصر الاحتلال العثماني و للأسف مازلت تسير معهم قروناً ، فهم يَرَوْن رجل الشرطة رجلاً من رجال الدرك و هذا مسمى قديم فرضه المحتل العثماني الغاشم لترهيب المجتمع و قنص أمواله عنوة و معاملة الناس بوحشية و طبعا من المعروف ما كان يحدث للمصريين في هذا الوقت من أهوال تركت في نفسهم غصة كبيرة ،عاشت و تعيش في نفوسهم جيلا بعد جيل ،
لكن المصريون نسوا أن شيئا عظيما هنا في التاريخ قد حدث ، فأبناء الوطن الشرفاء قد تولوا حقيبة الداخلية بعد ثورة ١٩١٩ و استلموا مقابض الوزارة في البلاد و أصبحت تسمي بالشرطة او البوليس المصري و لكنها ظلت تحت سلطة خديوية و بريطانية حتى قاموا بثورة عظيمة عام ١٩٥٢ و نفضوا عنهم كل هذا التراب و أعلنوا وقوفهم بجانب أهل بلدهم فهم منهم و لا يمكن أن يكون سلاحهم و قوتهم تكون على بني شعبهم ، و من يومها اختلف واقع رجل الشرطة و تطورت الوزارة كثيرا و صارت حمى لأهل مصر في ربوع البلاد ، و حاولت بكل قوة وبسالة رجالها أن تغير من مفهوم رسخ في أذهان المصريين عن صورة العسكري الدرك و هو لم يكن يوما مصري بل عثمانياً او شركسي
لذا أطالب المصريين أن يغيروا مفهومهم و ثقافتهم كي يهنئوا بقوة حامية في يدهم وتكون الفرحة بهذا العيد الوطني من القلب و ليس خوفا او تملقا .
اما عن الكلمة الثانية ؛
بعيد عن الحديث عن المخططات و المؤامرات عن ثورة يناير و التي من وجهة نظري هي صحيحة مائة بالمائة دون تهويل ، لكن ما سأضعه الْيَوْمَ في الذكرى الثامنة مختلفا جدا لها و هي الثورة أو الانتفاضة التي خرج الشعب بالملايين رافضا سلطة استبدت بالحكم ثلاثون عام فصارت كالبحيرة ذات المياه الراكدة و ما نتج عنها تدهور كافة الأمور في مصر ، برغم ولاء الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ،و ربما نذكر له أنه تنحى طواعية و رفض أي مقاومة و إهدار دماء المصريين ، لكنه أدرك بعد فوات الاوان أن بقاءه هو سبب الضرر لبلاد أحبها و كان الشعب لديه حق الثورة عليه!
الثورة التي شارك بها عموم أطياف الشعب وقعت في أخطاء جسيمة ، أوقعته فريسة لجماعة الاخوان و حكم المتطرفين ، ليس هذا فقط بل أطاحت بكل ثروات المصريين و باستقرارها و بأخلاقهم و بمبادىء الاسرة المصرية و أطاحت بالتعليم و الصحة كما بالأمن الداخلي و الخارجي ، فأصبحت مصر عام ٢٠١٣ مهلهلة ضعيفة يرثى لها الحال ،و كان من المتوقع لها اعلان افلاسها على كافة المستويات ، تحت تآمر دولي عنيف عصف بعقول بعض أبناء الوطن فما كان سوى ثورة أخرى هي ثورة تصحيح لما قبلها ، ثورة يونيو ٢٠١٣ و التي جاءت اليوم بالرئيس عبد الفتاح السيسي و قيادة مصرية رائدة استطاعت أن تعيد للدولة مؤسساتها و هيئاتها و بنيانها المتكامل ، دولة تهتم بمواطنيها في كافة شئونهم ، دولة تبني و تعمر كانما معجزة تتحقق على الارض.
فإذا كان علينا الْيَوْمَ الحديث عن يناير ، فعلينا ان نرى ماذا حققت يناير و يونيو من إنجاز واقعي على الارض بيد هذا الرئيس الذي حقق مطالب الثورة و يكافح لأجل مستقبل أفضل حتى يسلم البلاد لجيل اخر مستعد لتحمل المسؤولية و متمكن من قيادة بلاد تستحق الاحترام و الحياة الكريمة .
ما أودّ تلخيصه هنا ، كل تقدم و كل إنجاز يحدث اليَوْم هو ثمن دفعه الشعب المصري لسنوات طويلة ،و هو ما طالب به في يناير !
فللنظر بعين مجردة بعيدة عن النفاق أو البخل السياسي ، كي نرى المشهد بأكمله فما يتم الْيَوْمَ من معجزات ما كانت تتحقق لولا رؤية مصرية وطنية مخلصة استطاعت أن تحول الفشل لنجاح ، و المؤامرة التي علينا تتحول لتصبح على المتآمر نفسه و تدور الدائرة و يذوق من نفس الكأس المر ، و أخيرا استطاعت مصر أن تتخطى كل العقبات بحزم و حسم و إنجاز حقيقي على الارض دفع العالم كله الْيَوْمَ لاحترام لارادة شعب إذا أراد الحياة فاتخذ قرار البناء و السلام ، وكل هذا ما نادت به يوما يناير من اطهار ثوارها .
لذا ختاما شعب مصر لماذا نناهض مشروع فكرة العيدين ، ندمج عيد الشرطة و يناير معا و نفرح باستحقاق مصر الحديثة، و الحياة التي تبنى بيد المصريين للمصريين ، و ننفض العناء عن رؤسنا و نكتفي من جلد الذات ،بل و نقبل على بَعضُنَا البعض بالحبور و المحبة و التعاون ، شعب مصر تعلموا كيف تفرحون و متى يجب أن تكفوا عن النحيب و الحزن المقيت في غير وقته و مكانه ، فمصر تستعيد شبابها فلماذا لا نستعيد بهجتها.
حفظ الله مصر
عبير المعداوي