-
نشر بتاريخ: 06 كانون1/ديسمبر 2022
يكتبها ... الكاتب والباحث السياسي / أسامة عبد الرحيم
... خلفية تاريخية
قامت الحرب العالمية الأولي في بادرتها لتقسيم دول عدة كان أبرزها الدول العربية، والتي أظهرت عددًا من الخرائط القديمة ترجع إلى العقدين الثاني من القرن العشرين، مثل خطة بريطانيا
فرنسا في تشكيل شرق أوسط جديد. كثيرًا من المخططات السياسية، لم تظهر أسبابها أو عواقبها إلا بعد فترة كبيرة من الحرب، حتي يتبين للناس الأسباب الأساسية لتلك الحرب، وتوابعها وحقيقتها، والتي باتت معظمها كامنة في رحم التاريخ، حتى طفحت بعضها على السطح بعد ما يقرب من قرن كامل على الحرب
تقسيم الحدود الدولية، كانت أكبر أهداف بريطانيا وفرنسا في تلك المرحلة، وذلك لبسط نفوذ الدولتين على دول عدة خضعت حينها تحت السيطرة البريطانية والفرنسية، ولإضعاف الدول ظهر مخطط التقسيم، ولذلك اتفق كل من مارك سايكس، ممثلًا عن الحكومة البريطانية، وفرانسوا جورج بيكو، ممثلًا عن الحكومة الفرنسية، في اتفاقهما المبرم عام 1916، والشهير باسم اتفاقية “سايكس- بيكو“
اعتقاد القائدين بأن شعوب المنطقة ستصبح أفضل حالًا تحت حكم الإمبراطوريات الأوروبية، وبعد التقسيم ذلك، جعلت من حلم التقسيم واقعًا مفروضًا على الدول، فيما لا تزال مبادئ الاتفاق الرئيسة، التي تفاوض بشأنها الاثنان وسط اضطرابات الحرب العالمية الأولى، أثرت كثيرًا في المنطقة حتى اليوم، وذلك بعد تقسيم منطقة نفوذ الحكم العثماني منذ بدايات القرن السادس عشر إلى دول جديدة، وضعت تلك الكيانات السياسية تحت نطاقين من النفوذ، أحدهما تحت سيطرة النفوذ البريطاني، والذي تمثل في “العراق، شرق الأردن، فلسطين”، أما نصيب فرنسا، تمثَّل في “سوريا، لبنان”. ولتخفيف إحراج الفرنسيين والبريطانيين بعد كشف الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 لتوضيح نتائج التقسيم بلهجة مخففة، وليبرر أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين، وبعدها أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية، لإرضاء أتاتورك واستكمالًا لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، أعقبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا، إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أُعطيت لليونان في معاهدة لوزان و معاهدة سيڤر
وأصبحت مصر تحت سيطرة بريطانية، فيما سيطرت فرنسا على دول المغرب. إلا أن حلم الاستقلال في تلك البلدان لم يتحقق، ولذلك طغت نفوذ القوى الاستعمارية في العشرينيات والثلاثينيات وحتى الأربعينيات على العالم العربي، وظهرت قوة سياسية عربية في شمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط، والتي نجحت في بناء أنظمة دستورية ليبرالية، وهو ما حدث في مصر وسوريا والعراق في بداية القرن العشرين، وتحولت هذه القوة إلى قومية حاسمة، والتي ركزت أهدافها على التخلص من الاستعماريين والأنظمة التي تعاونت معهم. وبعد مرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى، استمرت مخططات الغرب لافتعال الصراعات والاضطرابات في المنطقة العربية، من أجل تقسيمها وإضعافها والتدخل في شؤونها
.. الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات
لا يخفى على احد مدى الحقد الذي يكنه الصهاينة للعرب والمسلمين على العموم، وفي ذلك يقودون حربا شرسة منذ آلاف السنين، يتطلعون خلالها إلى الفتك بمكامن قوة الدول العربية والعمل على إشعال الفتن بهدف التقسيم والهيمنة على العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وهذا ما كشفته وثيقة تاريخية، لتنزع النقاب عن المخططات التاريخية التي أوقعت العرب في فخ بني صهيون
الحرب على العراق منذ مطلع الثمانينيات، ولبنان، وليبيا في 2011، والحرب الجارية الآن في العراق، وسوريا، واليمن، وعملية تغيير النظام في مصر، يجب أن تُفهم في علاقتها “بالخطة الصهيونية للشرق الأوسط”، هذا ما قاله الموقع الإلكتروني لمركز دراسات العولمة الأمريكي (غلوبال ريسيرش) الذي نشر وثيقة للصحفي الإستراتيجي أوديد ينون، والتي تستند إلى رؤية مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل مطلع القرن الماضي ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان
.. أهمية الوثيقة
قال شوسودوفسكي إن هذه الوثيقة التي نُشرت لأول مرة في 1982 والمتعلقة بإقامة مايسمى “إسرائيل الكبرى” تشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في الحكومة الحالية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات
وأشار إلى أن هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا كجزء من المشروع التوسعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل، وأضاف أن ما يسمى “إسرائيل الكبرى” ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأن وثيقة ينون هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط
وأورد أن الإستراتيجي الصهيوني يرى العراق التحدي الإستراتيجي العربي الأكبر للكيان، “وهذا ما جعل كاتب الوثيقة يحدد العراق بوصفه أكبر فصول “بلقنة” الشرق الأوسط والعالم العربي”
ودعا ينون إلى تقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وقال “مطلع الثمانينيات” إن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي حرب بين العراق وإيران، وأشار إلى أن خطة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الحالي تدعو الآن إلى نفس ما دعا إليه ينون، وأضاف أن ينون دعا أيضا إلى تقسيم لبنان وسوريا ومصر وإيران وتركيا والصومال وباكستان، وتقسيم دول شمال أفريقيا، وتوقع أن يبدأ ذلك من مصر، وينتشر إلى السودان وليبيا وبقية المنطقة، وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة
.. الاحتلال المهيمن
تتطلب إقامة ما يسمى “إسرائيل الكبرى” تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة تصبح كل منها معتمدة على الاحتلال في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة “إمبريالية”
تنويه ...
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب والجريدة غير مسئولة عن محتواه
و للقارىء حق الرد
الأكثر مشاهدة
Who's Online
261 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة