-
نشر بتاريخ: 05 كانون1/ديسمبر 2022
يكتبها ... الكاتب والباحث السياسي / أسامة عبد الرحيم
.. خلفية
قام الدعم السياسي البريطانيّ للوجود اليهوديّ المتزايد في منطقة فلسطين على حسابات جيوسياسيّة ، وبدأ هذا الدعم في أربعينيات القرن التاسع عشر ، و قاده اللورد بالمرستون بعد احتلال الحاكم العثماني الانفصاليّ لمصر محمد علي، احتلاله لسوريا و فلسطين
بدأ النفوذ الفرنسي ينمو في فلسطين و الشرق الأوسط عموماً كحامية للمجتمعات الكاثوليكية ، كما بدأ النفوذ الروسي أيضاً بالنمو باعتبار روسيا حامية للأرثوذوكس الشرقيين في ذات المناطق. وترك هذا بريطانيا دون أي نفوذ في تلك المناطق، لذا احتاجت بريطانيا أن تجد أو تخلق “من تحميه” في هذه المناطق
دعمت المشاعر المسيحية المتعاطفة مع “إعادة اليهود” إلى فلسطين بين أوساط النخبة السياسيّة البريطانيّة منتصف القرن التاسع عشر، هذه الاعتبارات السياسيّة البريطانيّة، و كان من أبرز الشخصيّات الداعمة لهذا الأمر اللورد شافتسبري
و قد شجَّعت وزارة الخارجيّة البريطانيّة هجرة اليهود بنشاط إلى فلسطين، و مثالها نصائح تشارلز هنري تشرشل في 1841-1842 لموسى مونتيفيوري زعيم الجماعة اليهودية البريطانية. لم تنجح هذه الجهود الباكرة في زيادة الهجرة اليهوديّة؛ كان 24 ألف يهوديّ فقط يعيشون في فلسطين عشية ظهور الصهيونية داخل المجتماعات اليهوديّة في العالم في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر. و مع التراجع الجيوسياسي الناجم عن اندلاع الحرب العالمية الأولى، أدَّت الحسابات القديمة، التي أُهملت لبعض الوقت، أدَّت إلى تجديد التقييمات الاستراتيجية و قيام مفاوضات سياسيّة على منطقتي الشرق الأوسط و الشرق الأقصى
نص وعد بلفور ..
كان وعد بلفور الوسيلة التي استخدمتها بريطانيا لإقامة وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين، كما تعهدت بذلك الحكومة البريطانية، وفيما يأتي نصّ الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطانية إلى أحد زعماء الجالية اليهودية اللورد روتشيلد:
سبب إصدار وعد بلفور ..
لقد احتل وعد بلفور مكانة كبيرة في النقاشات والجدالات الدولية منذ عقود طويلة، وقد اقترح المؤرخون العديد من التفسيرات التي توضح سبب إصداره، وفيما يلي مجموعة من الأسباب الأهم والتي تم التوصل إليها بشأن منح اليهود فلسطين موطناً لهم، والجدير بالذكر أن هذه الأسباب أيضاً لم يتم الاتفاق عليها بشكل تام، وهي كالآتي:
– ورد عن بعض المؤرخين أنّ العديد من الذين يستلمون مناصب عظيمة في الحكومة البريطانية كانوا صهاينة بحد ذاتهم
– اقترح بعض من المؤرخين أنّ إصدار وعد بلفور لم يكن سوى عداءٍ للسامية، وأن منح دولة فلسطين لليهود لتكون وطناً قومياً لهم ليس إلّا حلاً جذرياً للمشكلات المتعلقة باليهود ولمّ شملهم من مختلف أنحاء العالم
– هدفت بريطانيا من وقوفها مع اليهود ومنحها فلسطين لهم إلى كسب تأييد اليهود في روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تأمل أن يتمكنوا من تشجيع حكوماتهم على الاستمرار في الحرب إلى أن يحرزوا النصر
– رأت بريطانيا أن السيطرة على فلسطين ووضعها تحت الانتداب هي مصلحة استراتيجية من شأنها أن تبقي مصر بشكل عام وقناة السويس بشكل خاص تحت إدارة النفوذ البريطاني، بالإضافة إلى أنها بذلك تضمن وجود طرق اتصال حيوية تربط المستعمرات البريطانية بالهند
– تعرّض اليهود للعديد من الاضطهادات في أوروبا وقد كانت بريطانيا تتعاطف معهم بشدة لذلك ارتأت إنشاء وطن قومي يجمع شملهم فيه
ما بعد وعد بلفور ..
حذرت الصحف العربية من الحركة الصهيونية ونتائجها المؤدية إلى تشتيت الفلسطينيين وتشريدهم عن أراضيهم ومنازلهم، وقد قام عوني عبد الهادي رحمه الله وهو ناشطٌ سياسيٌّ فلسطينيٌّ قوميٌّ بكتابة مذكراته، ومن أهم ما جاء بها أنّ هذا الوعد جاء من مصادر أجنبيّة ليس لديها حقّ في فلسطين وقد صدر لحماية مصالح شعب يهوديّ ليس له حقّ في فلسطين أيضاً
ومن الجدير بالذكر أنّه تمّ إيقاف الصحافة الفلسطينية عن العمل عام 1914م، لتستأنف عملها في عام 1919م بعد إعلان وعد بلفور، ولكنّ عملها كان خاضعاً للرقابة العسكرية من قِبَل بريطانيا، وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1919م أُعيد افتتاح صحيفة الاستقلال العربي والتي كان مقرّها دمشق، ومن أهمّ المقالات التي نُشرت في هذه الصحيفة كانت ردّاً على الخطاب العلنيّ الذي وجّهه هربرت صموئيل بمناسبة مرور عامين على إصدار وعد بلفور، والذي كان وزيراً من وزراء الحكومة اليهودية، وجاء في نص المقال أنّ فلسطين دولة عربية، ويجب أن تبقى عربيةً إلى الأبد
ويعدّ وعد بلفور السببَ الرئيسيَّ في حدوث نكبة الفلسطينيين والتي حدثت في عام 1948م، حيث قام الصهاينة المسلّحون بدعمٍ من البريطانيين بطرد أكثر من 750,000 فلسطيني من موطنهم وتشريدهم، ومن الجدير بالذكر أنّه في عام 1947م أنهت بريطانيا ولايتها على فلسطين وفوّضت الأمم المتحدة بأمرها، وكان ذلك بعد أن درّبت بريطانيا جيشاً صهيونياً كبيراً مزوّداً بأحدث الأسلحة، ودرّبته بشتّى الوسائل العسكرية، كما منحته القدرة على الحكم الذاتي، فأسس الصهاينة الوكالة اليهودية، وبدأ التطهير العرقيّ والترحيل للفلسطينيين في عام 1948م
المجلس المركزي لحاخامات أمريكا يعارض ذِكر وعد بلفور أن فلسطين ستكون وطن قومي لليهود. النيويورك تايمز، 5 ثم 7 يوليو 1918
تنويه ...
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب والجريدة غير مسئولة عن محتواه
و للقارىء حق الرد
الأكثر مشاهدة
Who's Online
206 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة