-
نشر بتاريخ: 25 شباط/فبراير 2021
أولا : أعبر عن الشكر للأستاذة الدكتورة / عبير المعداوى لإهتمامها بالأوضاع الإجتماعية والثقافية والحياة المدة للمواطن المصرى
ثانيا : وشكرا للدعوة الموجهة إلى للمشاركة فى هذا المؤتمر الهام
ثالثا : والشكر موصول لجميع السيدات والسادة الحضور الكرام
وفى البداية أشير إلى أن مفهوم الأسرة المثالية مفهوم حديث وللدكتورة عبير المعداوى دور رئيس فى بلورة هذا المفهوم وفى الحصول على إعتراف رسمى من السلطات المصرية المختصة بهذا المصطلح والنشاط الإجتماعى فى إطاره
وابدى تسع ملاحظات موجزة فى هذا الإطار كالآتى :
إن قراءاتى فى الإسلام والمسيحية تجعلنى أهتم بالأسرة ونموذجها المثالى والملاحظات كالآتى :
الملاحظة الأولى : رفض الزواج القسرى من أهل العروسين بينما الاديان دعت للزواج القائم على التعارف وعلى المحبة والمودة , ولذلك قال الرسول الكريم لأحد الصحابة عندما جاء ليبلغه انه سيخطب فلانة فسأله , هل رأيتها ؟ وهل نظرت إليها ؟ فقال لا فقال له النبى الكريم مقولة مشهورة , اذهب فانظر اليها فإنه احرى ان يؤدم بينكما , اى اجدى ان يتم التفاهم والتعايش بينهما قبل الزواج
- اما القرآن الكريم فكان اكثر وضوحا بقوله تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) , سورة الروم الآية 21
- وفى التعامل بين الزوجين : قام الإسلام على ان الرجل مسئول عن المرأة فى قوله تعالى :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ) , سورة النساء الآية 34 .
- وعندما فتح الرسول( صلى الله عليه وسلم ) مكة المكرمة , وقرر فتح الطائف خاصة ان أهلها اخذوا منه موقفا سيئا فى بداية الدعوة ولهذا استعد اهلها بقواتهم لمواجهة عسكرية مع جيش المسلمين بقيادة الرسول وعندما هاجمهم واشتبكوا مع المسلمين وقع عدد كبير من اهالى الطائف أسرى ومن بينهم فتاة تسمى الشيماء وتذكرت معيشة سيدنا محمد مع أسرتها فى البادية تحت إشراف ورعاية أمها حليمة السعدية فقالت له انك أخ لى فى الرضاعة , فسألها وما هو الإثبات لذلك ؟ فذكرت له بعض العلامات فى جسده الشريف فإكتشف إنها صادقة واطلق سراحها وسراح الأسرى الذين كانوا لدى المسلمين , وهذا يدل على تسامح الرسول الكريم وحسن معاملته للنساء
- وهنالك احاديث عدة عن الاهتمام بإحترام المرأة وكذلك فى خطبة الوداع إذ أعلن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى خطبته للمسلمين قائلا ( استوصوا بالنساء خيرا ) وفى القرآن الكريم سورة بإسم النساء وسورة بإسم ( السيدة مريم العذراء أم السيد المسيح عليه السلام ) وإشارات اخرى فى عدة سور مثل سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة التحريم الىيتين 11و12 , وفى سورة الطلاق وآيات كثيرة تتناول العلاقة بين الزوجين وانه يجب ان يحسن الرجال معاملة زوجاتهم ودعا القرآن لمعاملة النساء معاملة حسنة , وعلاقة النبى مع السيدة خديجة ومع زوجاته الأخريات كانت معاملة طيبة للغاية رغم بعض تمردات من بعض زوجاته .
- أى أن الإنفاق من مسئولية الرجل وهذا يرتبط بمفهوم القوامة أى أنه يقوم بمسئولياته لرعاية الزوجة والأسرة فى كافة أمور الحياة من الطعام والشراب والكساء والعلاج ونحو ذلك , وهذا هو مفهوم القوامة من الرجال وليس المفهوم الخاطئ بأن الرجل هو رب الأسرة الظالم والمستبد على المرأة والذى يفرض أوامره ويعاقبها اذا لم تقم بطاعته وخدمته وفقا لمزاجه وأهوائه .
- وقول الله تعالى ( بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم , فالصالحات قنتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) سورة النساء الآية 34 .
- إن مفهوم التفضيل قائم على أساس الإنفاق والرعاية واحترام العادات والتقاليد بأن الرجل عادة هو رب الأسرة التى تقوم على الشراكة بينهما فى رعاية الأبناء والبنات والإنفاق دون تفضيل
الملاحظة الثانية : إذا نسب خلاف بين الزوجين فإن اسلوب التعامل يقوم على :
- التصالح والتفاهم بين الطرفين
- اللجوء لحكم من أهلها وحكم من أهله إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما
- اللجوء للقضاء بصفته الطرف المحايد وفقا للقانون دون إجبار أ إكراه
الملاحظة الثالثة : إحترام الرجل لزوجته وعدم إضافة ضرة لها فى المنزل بتعدد الزوجات , والقرآن الكريم أوضح ذلك بلا لبس : بقوله تعالى ( وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) سورة النساء الآية 3 .وفى آية أخرى ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) سورة النساء الآية 129 , والتعدد هنا لظروف خاصة جدا مثل المرض أو عدم الإنجاب .
إذن التعدد مسموح للرجل بشروط منها إحترام الزوجة الأولى فلا يأتى بزوجة أخرى من بيئة أعلى من الزوجة الأولى مما يجعلها تنظر لها كخادمة , ويبدأ الصراع بينهما , ولنا فى سلوك السيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام خير دليل فهى حولت السيدة هاجر التى أهداها لهم حاكم مصر آنذلك ثم حولتها الى زوجة فلما حملت دخلت الغيرة فى قلب سارة فطلبت من سيدنا ابراهيم ان يأخذها الى منطقة أخرى وهى فى وادى أوضحه القرآن الكريم وارتبط بدعائه الذى قال فيه سيدنا ابراهيم ( ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) سورة إبراهيم الآية 37 , فالمنطقة كانت صحراوية لا ماء فيها ولا طعام , حتى جاءت قبائل عربية وسكنت فيها .
ومن الناحية الإقتصادية يجب المساواة التامة فى حالة تعدد الزوجات , ومن الناحية الإجتماعية فإن المساواة فى العلاقات معهن ضرورة وكان النبى يضع برنامجا لزوجاته ولكل زوجة يومها وتعدد الزوجات بالنسبة للنبى كان له إعتبارات متعددة لا مجال للحديث عنها تفصيلا .
الملاحظة الرابعة : إننى أجد كثيرا من الرجال من أبناء الطبقة الفقيرة أو الوسطى يعيشون على نتائج جهد زوجاتهم بل بعضهن ينفقن على الرجال والأسرة بأسرها ويتحول بعض الرجال إلى كسالى وهذا لا يمت للإسلام ولا المسيحية ولا إلى أى دين آخر أو عقيدة أخرى .
الملاحظة الخامسة : إن السؤال الذى يمكن طرحه فى هذا السياق . ما هو معنى ومقومات الأسرة المثالية , ومن وجهة نظرى إن الأسرة المثالية ( أن يتم الزواج بعد تعارف ولا يكون لأى منهما مطامع فى الطرف الآخر أو أسرته ) وأوضح النبى ذلك بقوله ( تنكح المرأة لحسبها أو مالها أو دينها فأظفر بذات الدين تربت يداك ) اى كسبت , اى ان القيم الدينية والاخلاقية وليس المال او الجاه او النسب والمطامع من أيهما فى الاخر , التعاون المشترك بينهما فى رعاية الاطفال وفقا لمستواهما التعليمى والوظيفى , وأن عائد العمل يجب ان يكون اداة بناء الأسرة ومسكنها والاثاث للمنزل والانفاق المشترك من الطرفين , فالحياة الحديثة تكاليفها مرتفعة ولا بد ان يتعاون الطرفان معا , فالزوجة تكون حريصة فى نفقات المنزل ومراعية لدخل الاسرة دون تبذير او اسراف .
الملاحظة السادسة : يجب تربية الاطفال تربية سليمة وتكون الاسرة من الزوجين نموذجا لأطفالهما هذا من ناحية , ومن ناحية اخرى من خلال شرح الدروس الصعبة لإتقان دروسهم بدلا من الاعتماد على المدرسين الخصوصيين الذين يستغلون الاسرة ذات الدخل المنخفض والمتوسطة الدخل دون رقابة عليهم من المسئولين , كذلك يجب ان يحرص كل من الأب والأم على بث المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية فى الذرية ويقدمون لها النموذج الصالح , ومن ذلك قول الشاعر
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
وقوله : بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال
والاحاديث الدينية كثيرة فى الاشادة بدور الأم كعامل اساسى لكل أسرة والعرب كانوا يرسلون ابنائهم للبادية لكى تربى السيدة من البدو ابناء المدن ويتعلمون القيم واللغة والسلوكيات العربية الأصيلة , ومن المؤلم ان تجد الجيل الجديد لا يعرف اللغة العربية الصحيحة ولا القيم , وقد تربى النبى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فى البدو لدى السيدة حليمة السعدية حتى اصبح شابا وكان يلعب مع الشباب والشابات فى سنه مع رعاية الاسرة البدوية لهم , ولعل فى قدوم السيدة مريم العذراء مع طفلها السيد عيسى المسيح عليه السلام الى مصر وإقامتها لعدة سنوات لتحميه من ظلم الرومان وإساءة اليهود له ولأمه بإساءات بالغة فجاءت لحماية مصر وشعبها كما جاء فى إنجيل يوحنا وميتو فى ( التفسير التطبيقى للكتاب المقدس ) طباعة مصر عام 1997 الجمعية الدولية للإنجيل
الملاحظة السابعة : ان الزوجة كإنسانة لا يحق للزوج ان يضربها كلما وقع خلاف بينهما , وما ورد فى القرآن الكريم فى مصطلح ( وأضربوهن ) فسره العلماء بأنه ضرب غير مبرح , ولكن اللغويين نظروا لكلمة ضرب بمعان اخرى متعددة مثل قوله تعالى ( ضرب الله مثلا للذين كفروا إمرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) سورة التحريم , فلا تعنى كلمة اضربوهن ان يضربها ويعذبها اذا حدث سوء فهم او اختلاف فيمكن ضرب خفيف يمثل المداعبة اكثر مما يحمل معنى الإذلال او الارهاب والعنف فهذا ليس من اى دين سماوى على الإطلاق .
الملاحظة الثامنة : ان الزوجة لها حقوق الانسان فضلا عن حقوقها كزوجة تعول اسرتها فى منزلها ومن حقها العمل وغيره من الانشطة الاجتماعية والصحية وفقا لظروف كل أسرة .
الملاحظة التاسعة والأخيرة : ان المرأة ما تزال تستغلها وسائل الإعلام ليس العربية فقط بل الوسائل الاعلامية الدولية ايضا مثل السينما والمسرح والاذاعة والدراما التليفزيونية والدعاية والترويج لتسويق السلع الجديدة , وقد تناولت ذلك كله بالتفصيل الدكتورة ناهد رمزى فى دراستها المنشورة فى كتاب بعنوان ( المرأة والإعلام فى عالم متغير ) وقد تغيرت صورة المرأة فى الإعلام فى السنوات الاخيرة نتيجة انتشار الاهتمام بقضايا حقوق الانسان ومن بينها حقوق المرأة فأصبحت استاذة فى الجامعة ومدرسة فى شتى مراحل التعليم كما تولت مناصب وزارية عديدة فضلا عن دخولها المجالس النيابية والعمل الصناعى والتجارى والأعمال الهندسية والدبلوماسية وغيرها , ولا شك ان المعاهدات الدولية اعطت حقوقا واضحة للمرأة وللزوجات خاصة والنساء عامة مازال كثير منهن لا يتمتعن بحقوقهن كمواطنات وكبشر وكمسئولة عن الأسرة التى هى نتيجة جهد مشترك .
وختاما : نقول ان زوجة الدبلوماسى والموظف والموظف العام عليها مسئوليات كثيرة ليس بالنسبة لاسرتها بل للدولة وتمثيلها , كذلك زوجات كبار المسئولين .
وأعبر مجددا عن الشكر للدكتورة / عبير المعداوى والسيدات والسادة الحضور الكرام فى هذا المؤتمر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأكثر مشاهدة
Who's Online
217 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
الصحة
الدائرة الأخيرة
فيديو كاسل جورنال
الدائرة الأخيرة
الدائرة الأخيرة مع الدكتور عاصم الليثى
الدائرة الأخيرة مع اللواء نبيل أبو النجا
كلمة د/عبير المعداوى فى عيد الشرطة