مؤتمر عالمي في جنيف يدق ناقوس الخطر ويطالب بـضوابط أكثر صرامة على تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة
لندن، المملكة المتحدة – 6 ديسمبر 2025
شهدت مدينة جنيف السويسرية انعقاد مؤتمر عالمي رفيع المستوى، جمع قادة سياسيين وخبراء تكنولوجيا ومفكرين، حيث كان الهدف الأبرز هو مناقشة المخاطر المتصاعدة التي تشكلها تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة.
لقد خرج المؤتمر بتوصيات قوية تطالب بضرورة فرض ضوابط أكثر صرامة دولياً لتنظيم هذا المجال المتسارع قبل فوات الأوان.
يرى المشاركون أن التقدم الهائل في قدرات الذكاء الاصطناعي، وخاصة نماذج اللغة الكبيرة والتطبيقات العسكرية، يتجاوز حالياً قدرة الحكومات على الفهم والرقابة، مما يهدد الاستقرار العالمي على مستويات أخلاقية، اقتصادية، وأمنية.
نقاط عناوين رئيسية (Headline Points)
• تركيز على المخاطر الوجودية:
طالب المؤتمر بتصنيف بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي فائقة التطور كـ”خطر وجودي” على البشرية يتطلب معالجة فورية.
• الحوكمة الدولية:
دعوات لتشكيل هيئة دولية تحت مظلة الأمم المتحدة تتولى وضع إطار قانوني عالمي ملزم للذكاء الاصطناعي.
• الأخلاقيات والتحيز:
مناقشات مستفيضة حول كيفية الحد من التحيز المتأصل في خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
• تحذير من التسليح:
تحذير خاص من السباق لتطوير الأسلحة ذاتية التشغيل التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي الناشئ دون تدخل بشري.
دعوات لتشكيل “هيئة حوكمة عالمية” للذكاء الاصطناعي
كانت الدعوة الأكثر أهمية التي انبثقت عن مؤتمر جنيف العالمي هي ضرورة تشكيل كيان تنظيمي دولي متخصص، مشابه للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مهمة هذه الهيئة المقترحة ستكون تقييم التطورات التكنولوجية بشكل دوري، وتحديد عتبات الخطر، وتقديم المشورة السياسية بشأن الإجراءات التنظيمية اللازمة لفرض ضوابط أكثر صرامة.
أشار الخبراء في المؤتمر إلى أن الأنظمة التشريعية الوطنية الحالية غير كافية للتعامل مع الطبيعة العابرة للحدود لـتقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة.
فالشركات المطورة لهذه التقنيات تعمل عبر الحدود، وتتطلب التزاماً عالمياً لمنع “السباق نحو القاع” حيث تسعى الدول إلى تخفيف الضوابط لجذب الابتكار التكنولوجي على حساب الأمن والأخلاق.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والأمن
من الناحية الاقتصادية، أثيرت مخاوف حول تركيز القوة.
فإذا لم يتم وضع ضوابط، ستصبح مجموعة صغيرة من شركات التكنولوجيا العملاقة المتحكمة في أدوات أساسية للنمو العالمي، مما يزيد من الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول والأفراد.
كما أشار المشاركون إلى ضرورة وضع إطار عمل لتعويض العمال الذين سيفقدون وظائفهم بسبب الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
على الصعيد الأمني، كانت المخاوف من الأسلحة المستقلة هي الأكثر إلحاحاً. طالب العديد من الوفود بحظر تطوير ونشر الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل التي يمكنها تحديد واستهداف البشر دون تدخل بشري مباشر.
وقد أكد تقرير مقدم للمؤتمر أن إدخال الذكاء الاصطناعي الناشئ إلى ساحات القتال يرفع بشكل كبير من خطر التصعيد غير المقصود والخطأ في التقدير، مما يهدد السلم العالمي.
تحدي التنفيذ والتعاون الدولي
على الرغم من الإجماع العالمي على ضرورة فرض ضوابط، يواجه التنفيذ تحديات سياسية ضخمة.
فهناك انقسام بين الدول التي تقود السباق التكنولوجي (مثل الولايات المتحدة والصين) والدول التي تسعى لحماية نفسها من آثاره.
تتجه بعض الدول الكبرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، نحو سن تشريعات إقليمية (مثل قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي)، لكن هذا قد لا يكون كافياً ما لم يتم اعتماده على نطاق عالمي.
إن هذا المؤتمر العالمي في جنيف يشكل بداية لمرحلة جديدة، حيث يتحول النقاش حول تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة من سؤال
“ماذا يمكننا أن نفعل؟”
إلى سؤال “ماذا يجب علينا أن نفعل؟”.
إن المطالبة بـضوابط أكثر صرامة هي اعتراف بضرورة إعطاء الأولوية للسلامة البشرية على حساب السرعة المطلقة للابتكار التكنولوجي.

