تصعيد خطير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يسبق انسحاب اليونيفيل: بيروت تطالب بـ “مهمة دولية” لمنع الانهيار الأمني
لندن، المملكة المتحدة – 6 ديسمبر 2025
تصعيد خطير على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يسبق انسحاب اليونيفيل
في تطورات متسارعة تزيد من هشاشة المشهد الأمني الإقليمي، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية حالاً من التصعيد الخطير غير المسبوق منذ التوصل إلى اتفاق “وقف إطلاق النار الهش” في نوفمبر 2024.
التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الهجمات في حال عدم نزع سلاح حزب الله تقابلها غارات شبه يومية تستهدف مواقع مفترضة للحزب في جنوب لبنان، مما يجعل شبح المواجهة الشاملة أقرب من أي وقت مضى.
ويتزامن هذا التوتر المتصاعد مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده مجلس الأمن لإنهاء مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، الأمر الذي دفع بالقيادة اللبنانية إلى المطالبة رسمياً ببديل دولي لملء الفراغ الأمني الوشيك.
تعكس التطورات الأخيرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية عمق الأزمة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.
فبينما كانت التهدئة الدبلوماسية تسعى لفرض نوع من الاستقرار المؤقت، جاءت التقارير الصادرة عن هيئة البث الإسرائيلية لتؤكد أن التصعيد العسكري بات “أمراً حتمياً” ما لم تقم بيروت بتطبيق القرار الدولي 1701 بشكل كامل، خاصة فيما يتعلق بمسألة السلاح غير الشرعي جنوب نهر الليطاني. ورغم أن الأيام القليلة الماضية شهدت مفاوضات مباشرة بين الطرفين برعاية أمريكية، ركزت ظاهرياً على التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار، إلا أن هذه المفاوضات تبدو محاولة يائسة لاحتواء الانزلاق نحو صراع أوسع، في ظل الإصرار الإسرائيلي على الاستمرار في خروقاتها الجوية واحتلالها لخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية.
التحول الأبرز في الملف الأمني الجنوبي هو القرار الأممي المتعلق بـ اليونيفيل. ففي أغسطس 2025، اتخذ مجلس الأمن قراراً بـ تمديد ولاية القوة المؤقتة للمرة الأخيرة حتى نهاية ديسمبر 2026، على أن يتبعها خطة انسحاب تدريجي ومنظم خلال عام 2027.
هذا القرار، الذي جاء بضغط أمريكي وإسرائيلي، أنهى عقوداً من الوجود الذي كان يمثل، رغم الانتقادات، آلية دولية لفض الاشتباك وحماية الخط الأزرق.
إن انتهاء مهمة اليونيفيل في موعد محدد يطرح تحدياً وجودياً على الأمن اللبناني، خاصة في ظل العجز الحكومي الواضح عن بسط سيادتها الكاملة على الجنوب.
رداً على هذا الفراغ الوشيك، طالب رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، في لقاءات مكثفة مع وفد من ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بضرورة تشكيل “مهمة دولية” مساندة ذات طبيعة مختلفة، تكون بديلة عن اليونيفيل.
وقد اقترح سلام أن تعمل هذه القوة تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (UNTSO) أو أن تكون قوة محدودة الحجم مشابهة لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) في الجولان، وذلك لتعزيز الاستقرار وتقديم الدعم للجيش اللبناني. الهدف المعلن من هذه “المهمة الدولية” هو مساعدة الجيش اللبناني على تنفيذ خطته لنشر 10,000 جندي جنوب الليطاني، وهي خطوة تهدف لتقليص النفوذ المسلح لـ حزب الله، رغم رفض الحزب العلني لأي خطة لـ “تجريده من سلاحه”.
في الختام، فإن الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يقف على مفترق طرق خطير. فبين سيف التصعيد الذي تلوح به إسرائيل، ومغادرة اليونيفيل التي تترك فراغاً عسكرياً، يجد لبنان نفسه مضطراً للبحث عن “صمام أمان” دولي جديد.
نجاح لبنان في تأسيس “مهمة دولية” بديلة أو توسيع مهمة آلية مراقبة وقف إطلاق النار التي يقودها الجيش الأمريكي قد يمثل طوق النجاة الأخير لدرء حرب قد تكون مدمرة للمنطقة بأكملها، في وقت يتزايد فيه القلق من أن تكون المفاوضات الراهنة مجرد تمهيد لإعادة رسم خرائط النفوذ بالقوة.
النقاط البارزة في التقرير:
التصعيد الراهن:
تزايد التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم واسع على لبنان واستمرار الغارات اليومية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الهش الموقع في نوفمبر 2024.
إنهاء اليونيفيل:
مجلس الأمن يقرّ في أغسطس 2025 إنهاء مهمة اليونيفيل نهائياً بنهاية ديسمبر 2026، مع خطة انسحاب تبدأ في 2027.
المطلب اللبناني:
رئيس الوزراء اللبناني يطالب بـ “مهمة دولية” بديلة لـ اليونيفيل (بنموذج UNTSO أو UNDOF) لملء الفراغ الأمني ودعم الجيش اللبناني.
الخطة العسكرية:
الخطة اللبنانية تتضمن نشر 10,000 جندي من الجيش جنوب نهر الليطاني لتعزيز سيادة الدولة.
المفاوضات المباشرة:
رغم التصعيد، لبنان وإسرائيل يعقدان أول جولة من المفاوضات المباشرة (3 ديسمبر 2025) برعاية أمريكية، مع تركيز على القضايا الاقتصادية كمدخل للتهدئة.

